واشنطن 15 مارس 2017 / إن أول زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى الصين تهدف إلى البناء على الزخم الإيجابي في العلاقات بين الصين وإدارة ترامب، هكذا قال خبراء.
فقد استهل تيلرسون يوم الأربعاء جولته الآسيوية الأولى التي تشمل ثلاث دول وسيزور خلالها اليابان وكوريا الجنوبية والصين. ومن المقرر أن يزور بكين يوم السبت لإجراء محادثات مع القادة وكبار المسؤولين في الصين حول مجموعة واسعة من القضايا الثنائية ومتعددة الأطراف.
-- تمهيد الطريق لأول قمة بين شي وترامب
تلقى أول زيارة لتيلرسون إلى الصين أكبر قدر من الاهتمام حيث يبلور الجانبان التفاصيل من أجل أول قمة بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي دونالد ترامب وسط تقارير إعلامية تفيد بأنها قد تتم في مطلع إبريل.
كما من المتوقع أن يبحث الجانبان البرامج النووية والصاروخية لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، فضلا عن القضايا التجارية والأمنية الثنائية.
وفي هذا الصدد، ذكر تيد كاربنتر الزميل الباحث في الدراسات المتعلقة بسياسات الدفاع والخارجية في معهد كاتو لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن "الزيارة هامة لضبط النغمة أكثر من كونها لإرساء جوهر العلاقات بين الصين وإدارة (ترامب) الجديدة".
وإن الاتفاق على موعد القمة بين شي وترامب وأجندتها سيكون مقياسا هاما لمدى النجاح الذي ستحققه زيارة تيلرسون، على حد قول كاربنتر.
وأضاف أنه بمجرد أن تعقد القمة، من المرجح أن يبحث الزعيمان قضايا كوريا الديمقراطية وبحر الصين الجنوبي والعلاقات التجارية الثنائية وذلك من بين قضايا أخرى.
ومن جانبه قال دوغلاس بال نائب رئيس الدراسات بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي لـ((شينخوا)) إن "الزيارة ينبغي أن تجعل البلدين أقرب إلى تحديد موعد وأجندة للقاء الزعيمين ".
ويتوقع بال أن يصدر الزعيمان تعليمات لوزرائهما حول كيفية عقد منتدى متابعة للحوارات،وذلك على شاكلة الحوار الإستراتيجي والاقتصادي، وهو محادثات سنوية جرت على مستوى الحكومتين في ظل إدارة أوباما.
-- لا حل جاهز لقضية كوريا الديمقراطية
تأتي زيارة تيلرسون في وقت تتفاقم فيه الأزمة في شبه الجزيرة الكورية جراء قيام كوريا الديمقراطية مؤخرا بعمليات إطلاق صواريخ في أكبر رد فعل حتى الآن على التبادلات العسكرية بين سول وواشنطن والنشر الأمريكي المثير للجدل لمنظومة "ثاد" المضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية.
ونظرا للطبيعة المعقدة للأزمة ، يتخذ الخبراء موقفا حذرا إزاء إمكانية تحقيق أي اختراق في المحادثات بين الصين والولايات المتحدة حول هذه القضية خلال زيارة تيلرسون.
وأعرب كاربنتر عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لن تتأخرا في نشر منظومة "ثاد"، ناهيك عن أن تخليهما عنها.
فـ"الزعماء الأمريكيين يخشون من أن تنتج الانتخابات في كوريا الجنوبية رئيسا معارضا لمنظومة ثاد، ولكن إذا لم يحدث هذا، فإن عملية النشر ستمضى قدما"، هكذا أوضح كاربنتر وهو يشير إلى الانتخابات المرتقبة في كوريا الجنوبية في أعقاب إقالة الرئيسة بارك جيون- هي.
وألمح بال إلى أنه لا يتوقع الخروج بأي اتفاق حول قضية كوريا الديمقراطية من اجتماعات تيلرسون في بكين، حيث "لا يوجد حل جاهز" لها.
فالولايات المتحدة غارقة الآن في خضم إجراء مراجعة للسياسات وتفتقر إلى العديد من الموظفين اللازمين لإجراء هذه المراجعة بشكل شامل،ولهذا سوف تستغرق وقتا أطول بكثير من الأسبوع القادم لإيجاد حل. وعلاوة على ذلك، فإن كوريا الجنوبية غارقة الآن في خضم تغيير الإدارة وليست جاهزة لعمل مبادرات جديدة مع كوريا الديمقراطية، حسبما قال بال.
وأكد أنه رغم ذلك، فإنه إذا ما استطاعت قضية كوريا الديمقراطية أن تجمع بين الصين والولايات المتحدة، فسيساعد ذلك ترامب بكل تأكيد على إدراك أهمية الحصول على مساعدة الصين في معالجة التحديات العالمية.
-- البناء على الزخم الإيجابي
وتهدف زيارة تيلرسون إلى الصين إلى البناء على الزخم الإيجابي الذي ظهر بالفعل في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة عقب فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر الماضي، هكذا قال الخبراء.
وقبل زيارة تيلرسون، أرسلت وزارة الخارجية الأمريكية بالفعل إشارة إيجابية تفيد بأن واشنطن تعتزم مواصلة "علاقة بناءة بصورة أكبر مع الصين "والبحث عن مجالات لتوسيع التعاون الثنائي.
وبالفعل، ستساعد الزيارة على تبديد السحابة التي تخيم على العلاقات الثنائية بسبب خطاب ترامب المتشدد خلال حملته وما بعدها، وإغضابه بكين بشدة بسبب تلقيه اتصالا من زعيم تايوان التي تعتبرها الصين جزء لا يتجزأ من أراضيها، وقوله إن سياسة صين واحدة قابلة للتفاوض.
ولكن بوادر إيجابية ظهرت، وخاصة بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بين شي وترامب في فبراير وتعهد ترامب خلاله بالالتزام بسياسة صين واحدة.
وأزال هذا حجرا عثرة كبيرة كان من الممكن أن تنفجر إلى أزمة لم تُشهد إطلاقا في العقود الماضية، من خلال هزه لأساس العلاقات الصينية - الأمريكية.
وعقب المحادثات الهاتفية التي جرت بين شي وترامب، عقد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أول اجتماع له مع تليرسون في ألمانيا يوم 17 فبراير. وتلا هذا الاجتماع زيارة عضو مجلس الدولة الصيني يانغ جيه تشي الأولى للولايات المتحدة والتي التقى خلالها يانغ ترامب وكبار مساعديه في البيت الأبيض.
وتحجم إدارة ترامب حتى الآن عن اتخاذ إجراءات عدوانية ضد الصين في قضايا العملة والتجارة وبحر الصين الجنوبي.
وفي معرض تعليقه على الإشارات الإيجابية الجديدة، ذكر بال أنه الآن "أكثر تفاؤلا" إزاء العلاقات الصينية - الأمريكية من الوقت الذي تم فيه تنصيب ترامب في 20 يناير.
"وأعرب عن ثقتي الكبيرة في الدبلوماسيين الصينيين الذين أبدوا نشاطا ومرونة في اجتياز الفترة الانتقالية الممتدة لترامب والتي لم تعمل فيها الروابط الرسمية سوى بصورة جزئية"، حسبما ذكر بال.
ومع زيارة تيلرسون، يصبح لدى الصين والولايات المتحدة حافز لبث رسائل تدعو إلى ضبط النفس في شبه الجزيرة الكورية وفي بؤر ساخنة إقليمية أخرى.
ومع ذلك، لا تزال الصعوبات قائمة في التجارة والعملة وقضايا أمنية محددة تقلق إدارة ترامب التي تتعهد بخفض عجزها التجاري مع الصين وإعادة فرص العمل إلى الوطن.
وقال بال إن الجانبين من المحتمل أن يقضيا خلال زيارة تيلرسون الكثير من الوقت لمناقشة المخاوف الاقتصادية لدى إدارة ترامب تجاه الصين.
فخلال الحملة الانتخابية في العام الماضي، تعهد ترامب بفرض ضرائب باهظة على الواردات الصينية وممارسة ضغوط على الصين فيما يتعلق بسياساتها الخاصة بالعملة وحثها على زيادة حماية حقوق الملكية الفكرية.
"ولكننا لم نسمع بيانا شاملا عن الإستراتيجيات العالمية والإقليمية للإدارة الجديدة أو إستراتيجياتها تجاه الصين، ولهذا قد لا تكون هناك مفاجئات، وخاصة على الصعيدين التجاري والاقتصادي".
وذكر كاربنتر أنه رغم تراجع ترامب عن عدد من مواقفه التي اتخذها خلال الحملة بشأن السياسات الخارجية، إلا أنه "ستكون هناك بعض الصعوبات والتوترات بين بكين وواشنطن مستقبلا، ولاسيما فيما يتعلق بالممارسات التجارية".