بقلم: عباس جواد كديمي
يحتفل الصينيون كل عام برأس السنة الجديدة حسب تقويمهم القمري التقليدي. ورغم التغيّر الطفيف بموعد رأس السنة، لكنه يكون محصورا في الغالب بين 21 يناير/ كانون الثاني و الـ20 من فبراير/ شباط. السنة الجديدة (تلفظ باللغة الصينية Xin Nian) هذه المرة صادفت منتصف ليلة الجمعة 27 يناير، آخر يوم بالسنة المنصرمة / السبت 28 يناير 2017 أول يوم بالسنة الجديدة، وحملت عنوان سنة الديك، وفقا لتقويم الأبراج الفلكية الصينية المكونة من 12 حيوانا، كل برج حيوان يمثل سنة كاملة، وليس شهرا كما في الأبراج حسب التقويم الغريغوري أو الميلادي.
في الحقيقة، الاستعدادات للسنة القمرية الجديدة تبدأ قبل شهر تقريبا، وتستمر الاحتفالات بها لأسبوعين على الأقل. الصينيون يولون اهتماما كبيرا لهذه المناسبة الاحتفالية باعتبارها معلما جوهريا هاما في تقاليدهم وموروثهم الثقافي، وهي مماثلة بالأهمية لاستقبال المسلمين والعرب للسنة الهجرية الجديدة، أو العيدين الكبيرين الفطر والأضحى، أو عيد الربيع عند الكثير من العرب، أو أعياد الميلاد بالنسبة للغربيين. الصينيون يتفننون بالاحتفال بهذه المناسبة، وقد ازدادت احتفالاتهم ثراء وتنوعا ومضامين، بعد التطور الهائل في مستويات حياتهم.
لقد كُتب الكثير عن العام الصيني القمري الجديد، أو عيد الربيع التقليدي الصيني، وبإمكان المرء أن يجد على المواقع الإلكترونية أو وسائل الإعلام الأخرى، آلاف المقالات والفيديوهات حول هذه المناسبة. لذلك، يسعدني أن أتشاطر مع القارئ الكريم ما رأيته أنا شخصيا خلال عدة سنوات في الصين.
بالنسبة للأجنبي الذي يعيش مع الصينيين، فهو يتمتع بهذه المناسبة أيضا، لأنه يحصل على إجازة طويلة لأسبوع مدفوعة الأجور، ويتمتع أيضا بالعديد من حفلات الاستقبال والحفلات الفنية ودعوات الطعام من عدة جهات، بدءا من زملائه بمكتب عمله، إلى دائرة العمل التي يتبعها المكتب، إلى الدائرة على المستوى الوطني، إلى الأصدقاء... وهلم جرا.
الهدايا في الصين كثيرة ومتنوعة، وهي عرف سائد منذ القدم، وهذا يعني أن الناس، ومنهم الأجانب العاملون بالصين، يتبادلون أو يتلقون الهدايا بمختلف الأنواع: من صناديق وعلب الفواكه، والمكسرات والشاي الفاخر إلى الخزفيات والسيراميك واللوحات، والمكملات الغذائية والفيتامينات ومقويات من الأعشاب الشهيرة كالجنسنغ، خاصة لكبار السن، وصولا إلى الحظ السعيد بأن يتلقى المرء ظرفا أحمر يسمى بالصين(هونغ باوHongbao) فيه مبلغ جيد، تعبيرا عن الدعم العائلي لذوي القربى، أو مكافأة لعمل ما لآخرين من خارج العائلة، ومنهم الأجانب.
ظرف الهدية الأحمر HongBao
تقليد تبادل الهدايا بين الصينيين، وخاصة ظرف الهدية الأحمر، هو نشاط قديم جدا، يعتبر إكرامية عيدودعم مالي للعائلة والأقارب، لاسيما الأطفال. خلال هذا العام، ومع التطور الكبير في تقنيات المحمول بالصين، لا سيما الخدمات المالية، تم تبادل هدايا ظرف أحمر بلغ مجموعها أكثر من 14 مليار ظرف، عبر موقع تينست Tencentوتطبيقه ويتشاتWechat الشهير بالصين والعالم، والذي ساهم هذا العام بجعل هذا التقليد أونلاين أيضا. هذا الرقم لا يشمل هدايا ظرف أحمر مماثلة تم إرسالها عبر مواقع وتطبيقات صينية منافسة مماثلة لتينسنت، مثل علي بابا AlibabaوبايدوBaidu. هذا بالإضافة إلى البطاقات المصرفية التي تحتوي على الهدية المالية.