الألعاب النارية
تقليد احتفالي قديم في الصين، مخترعة البارود، تعود جذوره لنحو 2000 سنة. من الطبيعي أن الألعاب النارية كانت بسيطة، فهي عيدان خيزران بامبو، تملأ بالبارود وتشعل عبر فتيلة خيطية فتنفجر محدثة صوتا قويا، يسهم بخلق حالة من الانطلاق والمتعة في ظل قلة الفعاليات الترفيهية، وهي أيضا تقليد مرتبط بمعتقد مفاده أن أصوات التفجيرات القوية تطرد الشياطين والأرواح الشريرة.
خلال الفترة من 1993 إلى 2005، كانت فعاليات إطلاق الألعاب النارية محظورة بالمناطق الحضرية في بكين والعديد من المدن الكبرى، بسبب حوادث الحرائق وما ينجم عنها من خسائر بشرية ومادية، وكان إطلاقها محصورا بساحات معينة، بإشراف حكومي محلي، حيث يتوجه الناس لتلك الساحات للتمتع بالألعاب النارية في مواعيد محددة، خاصة بالليل، حيث تزداد الأنوار تألقا وجمالا. وفي ظل قوة اقتصاد السوق، وازدياد تأثير العامل الاقتصادي والتجاري، وتنامي القدرة الشرائية للصينيين، أطلقت الجهات المعنية حرية البيع والشراء للألعاب النارية، فأخذ الناس يشترونها ويطلقونها بشكل مبالغ فيه.
وبعد ذروة إطلاق في عامي 2009 و2010، ومع تأثر مدن عديدة بالصين بظاهرة الضباب الدخاني، أخذ الناس يدركون أهمية البيئة والهواء النقي، وأخذوا يتجاوبون مع دعوات الجهات البيئية المعنية بضرورة تقليل إطلاق الألعاب النارية التي تلحق ضررا بالبيئة، وتستهلك مبالغ كبيرة جدا من نفقات الناس.هذا العام، هناك انخفاض واضح في منافذ بيع الألعاب النارية، وإطلاقها، وربما يكون هذا التطور الأبرز لهذا العام.
تشير إحدى الإحصائيات إلى أنعامي 2009 و2010 كانا الأكثر في استخدام الصينيين للألعاب النارية، وربما تجاوزت آلاف الأطنان! في تلك الفترة، أتذكر جيدا أن الأصوات كانت مدوية بشكل يصم الآذان، يجعل النوم مستحيلا قبل الساعة الـ12 ليلا. بعد منتصف الليل، كانت تنخفض نسبيا.
في الصباح، كنت أرى ساحات المجمعات السكنية، وجوانب الشوارع، مغطاة بالكثير جدا من مخلفات الألعاب النارية، بحيث كنت استبعد إمكانية إزالتها. وكنت أشعربالتعاطف مع المنظفين، الذين يبذلون جهدا كبيرا خلال الأيام الثلاثة الأولى من العام التقليدي الجديد، وكذلك في اليوم الخامس للاحتفالات. معظم استطلاعات الرأي التي جرت حول إطلاق الألعاب النارية هذا العام، أظهرت أن الناس لم يعودوا يهتمون بها قدر اهتمامهم بجودة الهواء. على الصعيد نفسه، كانت المعطيات التي نشرتها وزارة حماية البيئة الصينية، مقلقة فعلا بشأن الأثر السلبي الذي تتركه هذه المفرقعات على بيئة المدن.