شوارع بكين خالية.. يا للعجب!
بكين التي يقطنها أكثر من 21 مليون نسمة، معظمهم قادمون إليها من خارجها بحثا عن فرص العمل الأكثر نسبيا من جوارها، وفي شوارعها نحو 6 ملايين سيارة وعشرات الآلاف من عجلات ثلاثية كهربائية توصل الخدمات السريعة للمساكن والمكاتب، وقطارات الأنفاق تنقل الملايين يوميا، تكاد هذه المدينة لا تنام، وكل شيء فيها مزدحم يذكرنا بخاصية صينية وهي أن هذا البلد هو الأكبر في تعداد السكان بالعالم. قبيل عيد الربيع بأيام قليلة، يبدأ الذين جاءوا للمدينة للعمل فيها خلال العام المنصرم، يسافرون منها إلى مساقط رؤوسهم، فتكتظ محطات القطارات، وكذلك المطارات، بملايين المسافرين، وهذا يعني أن المدينة تخلو إلا من بعض سكانها من ذوي الإقامة الدائمة.
الشوارع المزدحمة بالسيارات على مدار 24 ساعة، تبدو فارغة خلال الأيام الثلاثة الأولى من الاحتفالات برأس السنة الصينية التقليدية، والناس قليلون أيضا وهو مشهد يدعو للدهشة والتعجب. خلال اليوم الثاني للسنة الجديدة، ذهبنا لمعايدة عائلة صينية مسلمة في منطقة نيوجيه (نيوجيهتعني شارع البقر، في إشارة إلى اللحم الحلال)، ذات الغالبية المسلمة في بكين، ووجدناها استثناءً! فشوارعها تعج بالسيارات والناس من سكانها ومن ضيوفهم، كما لو أنها مركز للعيد. ووجدنا الناس يصطفون بطوابير لشراء الأطعمة الإسلامية المحبوبة لدى البكينيين عموما، وخاصة المعجنات.
بعض الأرقام المعنية
تشير تقارير إعلامية مستندة إلى مصادر حكومية معنية أن عوائد السياحة في الصين خلال هذه العطلة، بلغت 423.3 مليار يوان صيني (61.7 مليار دولار أمريكي)، بزيادة 15.9% عن العام الماضي. وأشارت وسائل إعلام، مستندة لمصادر حكومية معنية ومواقع خدمات سفر إلكترونية، إلى أنه في يوم 23 يناير وحده، أي قبل 5 أيام من رأس السنة التقليدية الجديدة، تم نقل 83 مليون مسافر، توافدوا عبر 26 محطة نقل رئيسية في عموم البلاد، بزيادة 23% عن يوم 13 يناير، اليوم الأول لذروة السفر الأولى. وخلال الفترة من 13 يناير إلى 23 منه، قام تشبكات خطوط النقل الحديدية والبرية والنهرية والطيران المدني على المستوى الوطني بالصين، بنقل ما مجموعه 840 مليون مسافر. وخلال إجازة عيد الربيع لهذا العام، كان عدد المسافرين عبر مطار بكين وحده، 5 ملايين شخص. وفي يوم الخميس 2 فبراير، آخر يوم من الإجازة، سافر نحو 11.5 مليون شخص على متن قطارات سكك حديد مكتب بكين الذي خصص 59 قطار اللمسافرين العائدين لبكين. وهناك تقرير نشر في 25/1/2017 من قبل أكاديمية السفر الصينية وموقعCtrip الإلكتروني لخدمات السفر، من المتوقع أن يبلغ عدد الرحلات الخارجية للصينيين لقضاء هذه الإجازة، أكثر من 6 ملايين رحلة لأماكن مختلفة بالعالم. وأشار تقرير آخر إلى أن نحو نصف سكان كل من مدينة بكين ومدينة شانغهاي، قد غادروا المدينة لوجهات سياحية أو عائلية، خلال هذه الإجازة. وفي نفس الإطار، أشارت تقارير أخرى إلى أن هناك العديد من مدن مقاطعة قوانغدونغ المعروفة عالميا بأنها مركز الصين الصناعي النابض بالحياة، قدأصبحت مدن أشباح خلال هذه الإجازة، لأن معظم العاملين فيها هم عمال مهاجرون غادروها لقضاء الإجازة مع عائلاتهم. وفيما يتعلق بمبيعات الألعاب النارية، أشارت الأرقام إلى أن الجهات المعنية في حكومة بكين المحلية، قد سمحت بفتح أكثر بقليل من 500 منفذ لبيع الألعاب النارية بالمدينة، أقل بـ30% عن العام الماضي. وكان لهذا التحديد أثر إيجابي في تقليل عدد الإصابات والحرائق الناجمة عن إطلاق هذه الألعاب، التي بيع منها نحو 122 ألف حاوية في بكين وحدها. خلال الفترة من ليلة 27 يناير إلى الأول من فبراير، تعرض 81 شخصا لإصابات متنوعة بسبب الألعاب النارية، أقل بنسبة 21.4% عن العام الماضي، وحدثت حرائق زادت عن الـ60 حريقا. ولحسن الحظ، لا توجد إصابات خطيرة أو وفيات.
تمنيات سعيدة
مع سرعة إيقاع الحياة في العصر الرقمي، وفي ظل أجواء الاحتفالات هنا في الصين، والعديد من دول شرقي آسيا، تمضي الأيام سريعة، كثيرة المشاغل والطموحات، متنوعة المضامين والأماني، وأبرز هذه الأماني أن يعمّ الخير والسلام والتنمية أرجاء العالم كله، وينشغل الناس بفرص العمل المثمرة، وتسود مشاعر التواصل،وأحبب لأخيك ما تحب لنفسك، وتختفي توجهات إقامة الحواجز وإغلاق الأبواب بوجه الناس المحتاجين للمساعدة.