القاهرة 8 مايو 2016 /أوصى مسؤولو وخبراء آثار خلال مؤتمر علمي في مصر بضرورة إجراء المزيد من أعمال المسح الراداري لمقبرة الملك الفرعوني توت عنخ أمون بوادي الملوك في محافظة الأقصر جنوب القاهرة، باستخدام كافة التقنيات العلمية الحديثة للتأكد من وجود ملحقات بالمقبرة.
وعقدت وزارة الآثار المصرية مؤتمرا علميا دوليا اختتم أعماله اليوم (الاحد) بعد ثلاثة أيام من المناقشات حول مقبرة الملك توت عنخ آمون، بحضور وزير الآثار خالد العناني، وسلفيه زاهي حواس وممدوح الدماطي، والعالم البريطاني نيكولاس ريفز، وخبير الرادار الياباني واتانابي، إلى جانب عدد من علماء الآثار من مختلف دول العالم.
وسادت حالة من الجدل العلمي حول نتائج المسح الراداري للمقبرة، حيث رفض زاهي حواس وزير الآثار المصري الأسبق نظرية عالم الآثار البريطاني نيكولاس ريفز التي تشير إلى وجود مقبرة نفرتيتي خلف مقبرة توت عنخ آمون، مؤكدا أنها ليس لها أي أساس علمي.
وقال حواس إنه لا يمكن دفن نفرتيتي في وادي الملوك لأنها كانت تعبد آتون، ويستحيل أن يسمح كهنة آمون بدفنها في الوادي.
وأضاف أن هوارد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ آمون ظل يحفر فيها مدة 10 سنوات كاملة، ولا يمكن أن يخرج أي شيء آخر من المقبرة.
ورأى أنه لايمكن الاعتماد على نتائج الرادار في هذا الأمر لأنه للتأكد من نظرية ريفز يجب الحفر في الجدار الشمالي للمقبرة، وهو الأمر الذي لن يسمح به أي أثري، لاسيما أن أية حفرة ستؤدي إلى مسح الطلاء الذي عليها، ويجعلها معرضة للانهيار التام.
وتابع أنه بناء على تصريحات الدكتور عباس محمد أستاذ الجيوفيزياء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية وعضو الفريق البحثي الخاص بالمقبرة فإن جهاز الرادار الذي استخدمه خبير الرادار واتانابي مصنوع في اليابان ولم يتمكن أحد من قراءته سوى اليابانيين، وهو أمر مرفوض علميا.
وطالب حواس بضرورة استخدام رادار جديد مخصص للكشف الاثري، وتشكيل لجنة اثرية جديدة من علماء آثار وخبراء في الرادار والاستشعار عن بعد، إلى جانب إيقاف النشر الإعلامي في هذا الموضوع لحين التأكد فعليا من النتائج.
في المقابل، عرض الفريق البحثي الذي شكلته وزارة الآثار نتائج المسح الراداري الذي أجري مؤخرا لمقبرة توت عنخ أمون، وأكد وجود غرفتين خلف الجدارين الشمالي والغربي من المقبرة.
وقال الدكتور ممدوح الدماطى عضو الفريق ووزير الآثار الأسبق إن نتائج الرادار الياباني كشفت بقوة عن وجود غرفتين ومواد عضوية ومعدنية مختلفة خلف الجدران التي تم مسحها راداريا.
وبينما عرض خبير الرادار الياباني واتانابي فيلما تسجيليا حول مراحل المسح الراداري لمقبرة توت عنخ آمون منذ نوفمبر الماضي، وقدم شرحا علميا عن تفاصيل عملية المسح. دعا الدكتور ياسر الشايب الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة إلى ضرورة التوصل لحل علمس لا يؤثر على المقبرة وسلامتها، للكشف عما وراءها سواء باستخدام الرادار بطريقة أخرى أو الأشعة تحت الحمراء أو الموجات الصوتية أو من خلال المسح ثلاثي الأبعاد.
وأشار الشايب إلى أنه تم إجراء 40 عملية مسح راداري بارتفاعات مختلفة لجدران المقبرة تصل إلى 5 مستويات، باستخدام جهازي رادار أحدهما بتردد 400 ميجا هيرتز، والثاني بتردد 900 ميجا هيرتز، وذلك بواسطة فريق العمل المصري - الأمريكي.
في حين استعرض العالم البريطانى نيكولاس ريفز نظريته التى يعتقد فيها بوجود مقبرة للملكة نفرتيتي خلف مقبرة الملك توت عنخ آمون.
وقال ريفز خلال المؤتمر، إن غرفة الدفن لا تخص توت عنخ آمون وحده، بل تحوى في جوفها مقبرة أخرى، حيث أن الموت المفاجئ للملك الشاب توت عنخ آمون أحدث ارتباكا في القصر الملكي الفرعوني لأنه لم يبن مقبرة تليق به سلفا.
وأضاف أنه "نتيجة لهذا المأزق قام الكهنة بالبحث عن مقبرة له في وادى الملوك حتى عثروا على هذه المقبرة"، مشيرا إلى أن نتائج المسح الراداري تؤكد وجود شيء ما خلف مقبرة توت عنخ آمون.
وفي ختام المؤتمر، أكد وزير الآثار خالد العناني أنه لن يتم عمل أي ثقب بالمقبرة إلا بعد التأكد من وجود فراغ بنسبة 100% خلفها، مشيرا إلى أن المشاركين في المؤتمر أوصوا بضرورة إجراء المزيد من أعمال المسح الراداري داخل المقبرة باستخدام كافة التقنيات العلمية الحديثة وأجهزة الرادار المختلفة للتأكد من وجود فراغات حول حجرة دفن الملك من عدمه.
وتوت عنخ آمون هو أحد ملوك الأسرة الفرعونية الـ18، توفي عام 1323 ق م بعد عشر سنوات من مكوثه في حكم مصر.
وكان عمره 19 عامًا عند وفاته، وبعد 70 يوما تم تحنيط جسده ودفنه في مقبرة بوادي الملوك بمحافظة الأقصر جنوب القاهرة.
واكتشفت مقبرته في 4 نوفمبر 1922 على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، وأخذت رقم 62، وتضمنت مقبرته ما يقرب من ستة آلاف قطعة أثرية.
وأجرى في مارس الماضي مسح راداري لمقبرته، أشار إلى وجود غرفتين خلفها، حسب وزير الآثار آنذاك ممدوح الدماطي، الذي اعتبر حينها "هذا الكشف الجديد اكتشاف القرن".
كما أجرى فريق عمل مصري - أمريكي في أبريل الماضي مسحا راداريا رقميا للمقبرة، أثبت وجود كشف خلفها لم يحدد ماهيته بعد، حسب وزير الآثار خالد العناني.