ترتفع "حمى ايران" مرة أخرى بعد الزيارة الاولى التي قامت بها رئيسة كوريا الجنوبية باك كون هيه مؤخرا إلى العاصمة الإيرانية طهران برفقة وفد دبلوماسي اقتصادي الاكبر من أي وقت مضى، وتعهد زعيما البلدين على العمل معا لتعزيز زيادة حجم العلاقات الاقتصادية والتبادل التجارى 37.1 مليار دولار امريكي.
في الواقع، "حمى ايران "في ارتفاع مستمر منذ التوصل الى اتفاق شامل بشأن المسألة النووية الإيرانية الذي وقعته إيران مع مجموعة الدول الست (أميركا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا) في يوليو الماضي. كيف يمكن لايران التاثير على الاقتصاد العالمي بعد عودتها بامكانات وقدرات سوقية ضخمة؟ ما هي العوامل التي ينبغي الاهتمام بها في مسار التنمية الاقتصادية؟
أسباب ارتفاع "حمى ايران"
قالت تشن فنغ يينغ، رئيسة قسم بحوث الاقتصاد العالمي في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، أن ايران عانت فترة طويلة من حظر وعزل قطاع الطاقة الإيراني بشكل كامل عن الاقتصاد العالمي، وفي العام الماضي، سجلت ايران دولة كبرى اقتصاديا في الشرق الأوسط أكبر الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة. وعليه، يمكن أن نتوقع أن ايران ستحقق نموا اقتصاديا على المدى القصير بعد رفع الحظر وعودة التجارة العادية واستئناف انتاج وتصدير النفط. حيث أن ايران تملك السوق والمال، ما يجلعها سوق تنافس حاد بين الدول في ظل تراجع التجارة والاستثمار العالمي. وبالاضافة الى ذلك، تعتبر دول الشرق الاوسط المصدر الرئيسي للنفط بالنسبة للبلدان الآسيوية، وبغض النظر عن سعر النفط، فإن أهمية ايران في ضمان مصدر الطاقة، جعل كسب دعمها أمر لا مفر به.
عوامل عدم استقرار التنمية الاقتصادية في ايران
قالت تشن فنغ يينغ، أن دول العالم جميعها تعاني من مشاكل مختلفة في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، لكن حسب القول القائل " وضعه اسوأ من وضعك، يعني أن وضعك أحسن"، فإن المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها بعض المناطق ربما أكبر بكثير من تلك التي تعاني منها ايران. لذلك، تعتقد تشن فنغ يينغ، أن الاقتصاد الايراني والفرص والتجارية في ايران يجعلنا نهتم ونسلط الضوء على الجوانب الجيدة بدلا من التركيز على المشاكل.
ويعتقد وانغ ليان أستاذ بكلية العلاقات الدولية بجامعة بكين، أن أهم عوامل عدم الاستقرار في ايران هي عدم رفع امريكا العقوبات المفروضة تماما على ايران، بالاضافة الى العلاقات الامريكية الايرانية والاقليمية، العلاقات بين ايران والسعودية ، الأزمة السورية ، وغيرها .
ولكن، يمكن القول أن العقبة الرئيسية التي تواجهها ايران في الاندماج في العالم قد تم ازالتها، وتسعى ايران اليوم الى تعزيز علاقاتها مع دول العالم، وأحدث دليل هو زيارة رئيسة كوريا الجنوبية باك كون هيه لايران وارتدائها الحجاب. كما يدل على اختلاف العديد من الدول لها علاقة مع امريكا بما فيهم كوريا الجنوبية، إلا أن وجهات نظرهم تجاه تصرفات ايران نفسها.
وبالنسبة الى استقرار ايران، فمنذ الثورة الايرانية عام 1979، ليس هناك أي دليل على وجود تغيير جذري في السياسة الايرانية. ومن أهم التحديات التي تواجهها ايران اليوم ، تاثير الجيل الجديد والمعارضة من فتح باب البلاد فجأة أمام العالم، سن الزعيم الإيراني الأعلى المتقدم في العمر، ومسألة النقل السلس للسلطة. ولكن، لا نرى اختراق النفوذ الغربي السريع على المدى القصير، ولم نرى علامات على غرار اندلاع " الربيع العربي" و" الثورات الملونة".