بكين 4 مايو 2016 / فندت وسائل إعلام وخبراء غربيون الاتهامات الباطلة التي وجهها المرشح المتصدر فى انتخابات الحزب الجمهورى للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب بأن الصين "اغتصبت" الولايات المتحدة تجاريا وارتكبت "أكبر سرقة في تاريخ العالم", كما دحضوا منطقه الساذج.
عجز تجاري وليس خسارة اقتصادية
ادعى ترامب "نخسر أكثر من 500 مليون دولار سنويا بسبب خلل التوازن التجاري مع الصين..نفقد وظائفنا وقاعدتنا ايضا. وسنفقد صناعتنا وكل شيء في النهاية."
صحيح ان الولايات المتحدة تعاني حاليا من عجز تجاري كبير مع الصين مثلها كبقية العالم. وتقول صحيفة "فاينانشيال تايمز" إن اخر مرة سجلت فيها البلاد فائضا تجاريا كان في عام 1975.
الا ان عددا متزايدا من الخبراء الاقتصاديين ردوا بأن التوازن في التجارة الثنائية لا صلة له بما كان عليه فى السابق. ويقول مقال الصحيفة "يعتقد كثيرون ان ما حدث للاقتصاد كان نتيجة للاجراءات الخاطئة وان العجز التجاري قد يكون اشارة فعلية على قوة في الاقتصاد حيث يظهر بفعالية امتلاك المستهلكين القوة الاقتصادية والثقة لشراء المزيد من المنتجات عن بيعها."
وكتب دان جريسولد مدير مركز دراسات السياسات التجارية في معهد كاتو "لا يقدم فحص الأداء الاقتصادي على مدار ثلاثين عاما مضت دليلا على ان ارتفاع مستوى الواردات او نمو العجز التجاري اثرا سلبيا على الاقتصاد الامريكي."
واضاف "منذ عام 1980, نما الاقتصاد بسرعة ثلاثة اضعاف خلال الفترات التي توسع فيها العجز التجاري كنسبة من اجمالي الناتج المحلي مقارنة بفترات انكماشه. وكان ارتفاع سوق الاسهم والناتج الصناعي وزيادة فرص العمل اكثر نشاطا بدرجة كبيرة خلال فترة توسع الاستيراد والعجز التجاري."
ورغم ان بطاقة "التوازن التجاري" السلبية التي لوح بها ترامب, كان لها تأثير قوى تردد صداه بين الناخبين, فإنه مجرد خطأ, وذلك وفقا للخبراء ووسائل الإعلام.
وتقول صحيفة "فاينانشيال بوست" الكندية الصادرة بالانجليزية ان "استخدام التوازن التجاري كبطاقة اداء لتقييم الاثر الكلي للتجارة الحرة على الاقتصاد لايقدم صورة دقيقة لمنافع التجارة والتبادل العالمي."
في الواقع, اصبحت الفكرة من الماضي حتى ان منظمة التجارة العالمية اطلقت مبادرة عالمية لتحديد كيفية حساب تدفقات التجارة العالمية على نحو افضل.
وفي مقاله المنشور على موقع "ذى فيدراليست", أعطى سكوت لينسيكوم مثالا بهاتف آي فون: فكل جهاز تستورده الولايات المتحدة من الصين يساوي تقريبا 300 دولار امريكى من العجز التجاري الثنائي, بيد ان الصين لاتحصل سوى على 6 دولارات هي قيمة تجميع وشحن الجهاز, بينما تحصل شركة آبل الامريكية على مئات الدولارات نظير بيعه النهائي هناك.
وتقول صحيفة "فاينانشيال بوست" "تعلمنا مباديء الاقتصاد الاساسية أن الفائض النقدي لدولة ما يرسل للخارج لشراء سلع خارجية تعود في النهاية على شكل استثمارات (ناقص قيمة صادرات نفس البلد).
واشترى الأمريكيون في 2015 سلعا من الصين بقيمة 482 مليار دولار, بينما اشترى الصينيون سلعا من الولايات المتحدة بقيمة 116 مليار دولار فقط. وهذا ما أدى لعجز تجاري امريكي بقيمة 366 مليار دولار.
الا ان تلك الارقام تتجاهل شراء مستثمرين صينيين للمزيد من الاصول المالية في الولايات المتحدة اكثر من تلك التي اشتراها مستثمرون أمريكيون في الصين.
والنتيجة الخالصة أن العجز الامريكي في الحساب الجاري يوازيه بشكل اساسي الفائض في حساب رأس المال.
الصين تحاول الحد من انخفاض قيمة عملتها
هاجم ترامب سياسة الصين التجارية وادعى ان انخفاض قيمة عملة البلاد "سيمتص دماء" امريكا.
الا ان رئيس مجلس الدولة الصيني لى كه تشيانغ أعرب مرارا عن معارضته لتخفيض قيمة العملة الصينية (الرنمينبي) لانه يضر بصادرات الصين على المدى الطويل ويؤذي الاصلاحات الهيكلية الحالية في الاقتصاد الصيني.
كما شدد لي العام الماضي على انه منذ تولي الحكومة الحالية لمنصبها في 2013, ارتفع سعر الصرف الحقيقي للرنمينبي مقابل الدولار بنسبة 15 بالمئة.
وتوقع العديد من المحللين الغربيين بأنه اذا سمحت بكين للسوق بتحديد قيمة العملة, ستنخفض قيمة الرنمينبي ولن تزيد.
ترامب يهاجم الصين لخطب ود الناخبين
كما يعتقد محللون ان هجوم ترامب الكلامي على الصين يمثل طريقة لزيادة اعداد ناخبيه من ذوي الياقات الزرقاء الذين فقدوا وظائفهم أو تضررت صناعتهم.
وكتب لينسيكوم يقول "حتى اذا كانت الخطة "هجوم ترامب على الصين" ليست سوى نقطة حديث سخيفة, فإنها تستحق التهكم والسخرية لانها تغذي وهما باليا بأن مشكلات امريكا ناتجة عن الاجانب الغشاشين ويمكن حلها بسهولة عبر اتباع سياسة الحمائية التجارية."
واضاف "يساعد هذا الوهم السياسيين المؤمنين بفكرة الحكومة الكبيرة وحلفائهم على تجنب اللوم على فشل سياساتهم والفساد."