رام الله 4 مايو 2016 /يرى مراقبون فلسطينيون أن رفض إسرائيل مبادرة فرنسا لعقد مؤتمر دولي للسلام لحل القضية الفلسطينية يكرس الجمود الحاصل في عملية السلام وينذر بتطور الصراع الميداني.
وأعلن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس الماضي، عن رفض إسرائيل للمبادرة الفرنسية الرامية إلى إحياء عملية السلام، وتأكيده أن موقفها هو ضرورة إجراء مفاوضات ثنائية دون شروط.
وشدد بيان صدر عن ديوان نتنياهو، على استعداد إسرائيل للشروع في مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة، مع اعتباره أن أي مبادرة أخرى ستبعد الفلسطينيين عن طاولة الحوار المباشر.
وجاء الموقف الإسرائيلي بعد أن وزعت فرنسا دعوة لعقد اجتماع دولي في الثلاثين من الشهر الجاري يستهدف وضع ترتيبات لعقد مؤتمر دولي الصيف المقبل لبحث استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وردت الرئاسة الفلسطينية على الرفض الإسرائيلي للمبادرة الفرنسية بأنه "رفض" لعملية السلام ودليل على أن إسرائيل "لازالت تتحدى الإرادة الدولية والشرعية القائمة على أساس حل الدولتين".
وأكدت الرئاسة، أن "فلسطين ستستمر بدعمها للمبادرة الفرنسية وسعيها سواء في مجلس الأمن الدولي، أو من خلال الانضمام لكل المنظمات والهيئات الدولية من أجل الحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية".
رفض للرعاية لدولية
يعتبر رئيس مؤسسة الدراسات الديمقراطية في رام الله بالضفة الغربية جورج جقمان، أن رفض إسرائيل للمبادرة الفرنسية ينبع من موقفها الثابت بمعارضة أي آلية دولية لرعاية عملية السلام والمفاوضات مع الفلسطينيين.
ويقول جقمان لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن إسرائيل "ترفض تدخل أي طرف دولي باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية في عملية السلام انطلاقا من رغبتها بتجنب أي ضغوط تدفعها إلى تقديم ما تعتبره تنازلات للفلسطينيين".
ويهدد الموقف الإسرائيلي المذكور، بحسب جقمان، "بفشل المبادرة الفرنسية التي صممت أصلا لملء الفراغ السياسي الحاصل أكثر منه رغبة دولية قوية وحقيقية في التوصل لحل للقضية الفلسطينية".
ويرى جقمان، أن فشل المبادرة الفرنسية سيترتب عليه مزيدا من تكريس الجمود الحاصل في عملية السلام، محذرا من أن الفراغ السياسي المستمر سيولد عاجلا أم أجلا صراعا ميدانيا أكثر حدة بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وكان تم الإعلان عن المبادرة الفرنسية وسط استمرار موجة توتر مستمرة بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ مطلع أكتوبر الماضي وأدت إلى مقتل 205 فلسطينيين من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة و34 إسرائيليا.
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في النصف الأول من عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية من دون أن تسفر عن تقدم لإنهاء النزاع المستمر بينهما منذ عدة عقود.
إدارة الصراع وليس حله
يقلل الكاتب والمحلل السياسي من رام الله هاني المصري، من فرص نجاح المبادرة الفرنسية في التقدم الفعلي تجاه حل القضية الفلسطينية حتى لو نجحت ضغوط أوروبية ودولية في إثناء إسرائيل عن موقفها الرافض لها.
ويقول المصري ل((شينخوا))، إن المبادرة الفرنسية وفق ما أعلنته باريس تتحدث عن إعلان مبادئ عمومي "ما يجعلها تصب بصالح جهود الاكتفاء بإدارة الصراع وليس حله بخلاف المطالب الفلسطينية باتفاق نهائي".
ويضيف أن "الهدف الأكبر والأهم للمبادرة الفرنسية هو محاولة الحفاظ على الوضع الراهن (سلطة حكم ذاتي فلسطينية مقابل هدوء وتعاون أمني)، ومنع تدهوره إلى مواجهة فلسطينية – إسرائيلية شاملة".
ويعتبر المصري، أن هذا التوجه الفرنسي والدولي "تسويق جديد لوهم ما سمي زورا عملية سلام حتى لو من خلال إحياء وهم الحل التفاوضي وحتى بعد أن ثبتت معارضة إسرائيل الجذرية لأي تسوية مع الفلسطينيين تحقق حتى أقل من الحد الأدنى من حقوقهم ومطالبهم".
وكانت مصادر دبلوماسية فلسطينية تحدثت عن سعي فرنسا لتشكيل "مجموعة اتصال دولية" لمواكبة المفاوضات عبر عقد اجتماع دولي تمهيدي لا يشارك فيه طرفا الصراع الفلسطيني والإسرائيلي.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن لقاء باريس الدولي سيستهدف الاتفاق على "إعلان مبادئ" متفق عليه حول بعض قضايا الصراع وتشكيل "مجموعة اتصال دولية"، على أن يعقد مؤتمر دولي الصيف القادم لإقرار المرجعية المتفق عليها، وتحديد جدول زمني للتوصل إلى اتفاق نهائي.
تعويل فلسطيني على أوروبا
رغم الرفض الإسرائيلي للمبادرة الفرنسية والتوقعات الضئيلة بفرص نجاحها إلا أن الموقف الفلسطيني الرسمي يبقى يعول على دور أوروبي أكثر فاعلية تجاه عملية السلام بحسب ما يقول المحلل السياسي من رام الله سميح شبيب.
ويضيف شبيب ل((شينخوا))، أن "ثمة قناعة أوروبية بأنه من دون حل الصراع في الشرق الأوسط على نحو شامل وعادل ستبقى بؤر الصراع فيه تحتدم وتزداد اشتعالا وهو ما يهدد السلم والأمن الدوليين".
ويردف أن "هناك مصلحة أوروبية في تسوية القضية الفلسطينية والوصول لدرجة القدرة على إطفاء الحرائق في الشرق الأوسط عموما" خاصة ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ويشير شبيب، إلى أن التعويل الفلسطيني منصب على تطوير هذا التوجه الأوروبي بما يضمن إخراج مفاوضات السلام مع إسرائيل من مأزقها الراهن إلى آفاق يمكن من خلالها للمجتمع الدولي أن يساهم جديا بالحل.
في المقابل ينبه شبيب، إلى أن إسرائيل لا تزال ترى بأي تدخل دولي بالصراع مع الفلسطينيين أمرا مرفوضا وستعمل على التقليل من أهميته والتملص منه ومن نتائجه وهو ما يكرس جمود السلام لأجل غير مسمى.