طرابلس 23 أبريل 2016/ حظيت التصريحات الأخيرة للمرشحة للفوز بمنصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية هيلاري كلينتون ، باهتمام كبير في ليبيا خاصة حول موقفها من التدخل العسكري في العراق عام 2003 ، مبدية أسفها عن التدخل آنذاك ، وهو أمر يحمل دلالات عديدة من وجهة نظر سياسيين ومحللين .
هذا الاهتمام وبالرغم من وجوده ، إلا أنه لم يحظ باهتمام وتفاؤل من قبل فئات مختلفة داخل ليبيا، بل شككوا بهذه التصريحات وتوقيتها ، كونهم يدركون جيدا أن لها أهداف سياسية وشخصية على المقام الأول ، ولن تغير الكثير في مشهد الدمار الذي تسبب به التدخل العسكري للعراق وانعكاسه على تغلغل الإرهاب بمناطق واسعة بالشرق الأوسط .
عاطف البدري الدبلوماسي السابق في الخارجية الليبية أوضح في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) ظهر اليوم (السبت) ، بأن " تصريحات كلينتون الأخيرة لا تدعو كونها مغازلة سياسية لناخبيها" ، مؤكدا أن هذا الاعتذار و الأسف عن الحملة العسكرية الهمجية التي قادت لتدمير العراق وإن تكرر من قبلها ، لن يغير شيئا في الوجه القبيح لسياسة واشنطن الخارجية.
وأضاف البدري " عندما كانت هيلاري عضوة بارزة في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2002 ، كانت مناصرة وبقوة لشن حملة عسكرية هدفها الظاهر الإطاحة بنظام صدام حسن ، لكن الجانب الخفي من تأييد الحملة هو تدمير قدرات العراق العلمية بجانب البنى التحتية ، وهو أمر شاهده العالم كيف تفنن سلاح الجو الأمريكي بتدمير المقرات الحكومية والمصانع والجسور".
وتابع " هذا دليل قوي أن ندمها غير صادق، وبالتالي يعلم الجميع حالة الجشع والطمع الأمريكي بشأن ثروات وخيرات الدول خاصة العربية والإسلامية ، لذا لن تقنع كلينتون العرب بأنها صادقة في التعبير عن أسفها لأشرس حملة غربية لتدمير دولة على مر التاريخ " .
يشاطر جلال الفيتوري الأستاذ المحاضر في كليات القانون ، وجهة النظر السابقة بشأن هيلاري كلينتون وأسفها حول التدخل في العراق ومنحها التأييد لهذه الحملة ، مؤكدا أن السباق المحموم الذي تواجهه من قبل دونالد ترامب المرشح الأوفر حظا لنيل منصب رئيس الولايات المتحدة المقبل ، يجعلها تلعب من خلال الإعلام لعبة التعاطف مع الناخب الأمريكي الذي تسيطر عليه وسائل الإعلام .
وأشار الفيتوري في اتصال هاتفي مع ((شينخوا)) ، بأن كلينتون أبدت في مذكراتها التي نشرتها قبل عامين تقريباً موقف ندم مماثل ، وبأنها " لم تكن الوحيدة التي ارتكبت خطأ" ، في إشارة لتأييدها الحملة التي قادها الرئيس السابق جورج دبليو بوش للتدخل عسكريا في العراق ، معتبرة أن شبكة العلاقات العامة والإعلام التي تقود حملة وزير الخارجية السابقة ، طلبت منها تكرار هذا الأسف ، لما قد يظهرها أمام الناخب الأمريكي ، بموقف الرافض لأي تدخلات مستقبلية في شؤون الدول الداخلية .
منوهاً " من يستطيع أن يكبح اللوبي اليهودي - الأمريكي داخل أروقة مجلس الشيوخ والنواب ، هذا اللوبي الذي يعد المحرك النابض لشكل وتحركات السياسة الأمريكية الخارجية ، يهم على القرار خارج أسوار واشنطن ، وتحظى مشورته بالسمع والطاعة ، ولا يمكن تجاوزها".
وكانت هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية لخوض الانتخابات الرئاسية في أمريكا ، قد أعلنت في تصريحات صحفية أمس ، أن التصويت على حرب العراق " أكبر أسف سياسي".
وأضافت كلينتون بأنها نادمة عن منحها التصويت لإعطاء سلطة الرئيس بوش للتدخل في العراق ، وأضافت بهذا الصدد " تغيرت فكرتي عنه وفقا للطريقة التي سلكها في سياسته ، وكنت قد ادليت بصوتي وفقا للطريقة التي فكرت و بناء على ما قاله ، لكن يؤسفني فقد تبين انه خطأ واضح (...)، تلك السياسة التي كنت أتمنى لو لم تبدوا على النحو الذي حدث" .
ليلى خليفة الناشطة الحقوقية أكدت بأن الولايات المتحدة لا تتراجع عن أساليبها الاستفزازية ، وإظهار نفسها بأن شرطي الذي يقود العالم ، وأنها وحدها التي تتمتع بالقانون والحريات ولديمقراطية ، وتناست أن لديها مئات القضايا التي تجعلها في خانة الاتهام والتقصير .
وأشارت خليفة ، بأن المجتمع الأمريكي لديه أعلى مستوى للجريمة والعنف ، بالإضافة إلى التجارة المخدرات والأسلحة خارج الحدود ومعدلات التضخم الاقتصادي الأكبر دولياً ، ومع كل هذه العينة الصغيرة من الظواهر السلبية ، تحاول الإدارة الأمريكية بإقناع العالم بضرورة إصلاح نظامها الاجتماعي والسياسي ، وهي تعاني الويلات التي لا حصر لها .
وطالبت الناشطة الحقوقية ، هيلاري كلينتون باتت تعتذر وتأسف لشعبها ، بعد حالة لكراهية التي تسببت بها قادة أمريكا على مر العصور ، حيث معظم شعوب العالم تكره العجرفة والنظرة الدونية ، التي ينظرون بها لبقية الشعوب ، بأنها متخلفة وغير ديمقراطية ، بينما شعوب عديدة تنعم بأمن واستقرار لا تحظى بربعها واشنطن ، دون تبني نظامها الرأسمالي الذي دمر دول عديدة سارت في نهجه .
وتسببت الحملة العسكرية الأمريكية الأضخم لاحتلال العراق عام 2003 ، في إسقاط نظام صدام حسين وأدت إلى مقتل وجرح الملايين من المدنيين ، وجعلت البلد الغني بالنفط تفترسه الصراعات الطائفية ، وحاضنة للأفكار المتطرفة ، خاصة مع ناشط غير مسبوق لتنظيمي القاعدة وداعش ، والذي تشن حالياً حملة عسكرية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن مرة أخرى ، والتي لم تحقق سوى نجاحات محدودة في كبح جماح التنظيم على مساحة كبيرة يفرض سيطرته من خلالها على الأراضي العراقية وسوريا المجاورة .