تعليق: هل يمكن لايران أن تعيد مجدها كقوة عظمى في الشرق الأوسط ؟

بقلم/ د.سون شينغ جي، استاذ بمعهد الدبلوماسية العامة بجامعة جيلين

قامت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغريني ووفد مرافق لها بزيارة الى العاصمة الايرانية طهران مؤخرا، وعقب محادثات مع مسؤولين في طهران قالت فيديريكا موغريني أن الاتحاد الاوروبي وايران فتحا صفحة جديدة في العلاقة الثنائية. وقد دخلت الدبلوماسية الايرانية موسما مزدحما جدا مع توافد الوفود الزائرة الى طهران منذ بدء سريان الاتفاق النووي الايراني. ونحن نعلم جميعا أن ايران تعاني منذ عام 2012 من ازمة اقتصادية ودبلوماسية بسبب العقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها عليها امريكا وحلفائها. ومع ذلك، بعد تولي حسن روحاني السلطة قام بتفعيل المصالحة الدبلوماسية. والآن على ما يبدو، سيزداد عدد أصدقاء ايران بعد الاتفاق النووي الايراني.لكن الوضع المعتدل لم يستقر بعد وخروج ايران من العزلة سيستغرق وقتا طويلا، حيث ان ايران بحاجة الى التكيف مع الادوار الجديدة ايضا.

ومن المنظور السياسي، دخل الاتفاق النووي الايراني حيز التنفيذ مند اكثر من ثلاث اشهر، لكن العقوبات ضد ايران لم ترفع حقا، وخاصة في مجال العقوبات المالية ، مما تتعرض التنمية الاقتصادية الايرانية لمعوقات في ظل وجود شبكة من القيود. والذي لا يمكن تجاهله ايضا الهيمنة المالية العالمية الامريكية ، وفرض عقوبات قاسية على ايران من شانه أن يستبعد الاخيرة من النظام المالي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة،ولا يمكن لايران استخدام الدولار الامريكي لتصفية الحسابات. كما أن العقوبات تقلص الى حد كبير صادرات النفط الايراني، والمؤسف اكثر، هو انه في الوقت الذي يمكن لايران تصدير النفط قانونيا، تهاوت اسعار النفط العالمية،ما يجعل الحال أسوأ.

الاتفاق النووي الايراني لم يأت بعد بفوائد ملموسة، الأمر الذي جعل روحاني وظريف ومعتدلين اخرين لا يزالون تحت الضغط . وأن الاتفاق النووي الذي تم التوصل اليه في الواقع هو نتيجة الوساطة بين المعتدلين الامريكيين والايرانيين، وأن عدم امكانية الوفاء بالالتزام من كلا الجانبين في اقرب وقت ممكن، سوف يثير حتما حفيظة المتشددين. وبالاضافة الى ذلك، فإن عدم استرخاء امريكا في العقوبات يعود اساسا لاسباب حقوق الانسان والارهاب، وقالت هيلاري أن ايران ستخضع لعقوبات جديدة على اي انتهاك للاتفاق النووي. وبالرغم من أن اساس الثقة بين امريكا وايران هش جدا، وقد يكون منعدما، الا أنه لا يمكن الانكار بان الاتفاق النووي فتح الباب لاعادة ادخال ايران العالم.

وقعت وفود وقادة دول كبرى في العالم مع ايران على سلسلة من أطر اتفاقيات وبروتوكولات تعاون في طهران في الاشهر القليلة الماضية، ما خلق جوا دبلوماسيا ، واصبحت ايران تحظى بشعبية جيدة. فجميع الدول تريد أن تحصل على النصيب الاكبر من كعكة ايران، واحتلال المكانة المواتية. فبالرغم من أن امريكا لم تعد بعد بعدم معاقبة الشركات التي تعقد اتفاقات اقتصادية مع ايران، إلا أن الاتجاه العام نحو عدم مقاومة النظام الاقتصادي المفتوح في ايران اذا لم تجد امريكا اسباب لفرض عقوبات جديدة.

لكن ما يخشى منه أن لا يكون النفط ورقة المساومة الوحيدة في يد إيران،وانما دور ايران المهم في الشرق الاوسط الاكثر جاذبية،ودور طهران لا غنى عنه فى تسوية القضيتين العراقية والسورية.كما أن "الهلال الشيعي" الممتد من طهران عبر بغداد ودمشق قد غير المشهد الجيوسياسي في الشرق الاوسط. وفي وقت نفسه، تعتبر ايران حليفا للقوى الكبرى فى العالم في مجال مكافحة الارهاب،بما فى ذلك روسيا وامريكا،وعلى الرغم من عدم وجود تعاون رسمي،إلا أنهم ضد عدو نفسه.

والاهم من ذلك، أن ايران احتلت مركزا بين المراكز الثلاث الاولى سعودية ، تركيا ، ايران، في لعبة الشطرنج في الشرق الاوسط، وباتت لاعبا رئيسيا في النظام الجديد في الشرق الاوسط. وتشهد العلاقات الايرانية التركية تعافيا بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني حسن روحاني الى تركيا ، على الاقل في الاستجابة للقضية الكردية، حيث أن تركيا بحاجة الى الدعم الايراني. وعليه ، يمكن أن نرى الاهمية المتزايدة للدور الايراني.

وفى الوقت الحاضر،يشهد النظام فى الشرق الأوسط جولة جديدة من التعديل وإعادة الترتيب،وبلا شك أن المكانة الايرانية في احسن حال منذ عقود، حيث تتراجع المواجهة بين امريكا وايران. وما ينبغي قوله، ان ايران قد عادت كدولة قوية في الشرق الاوسط وانتعاش اسعار النفط قد يعيد مجدها بالكامل.