سول 15 فبراير 2016 / تسود حالة من الإنقسام داخل كوريا الجنوبية إزاء جدوى نشر نظام صاروخي أمريكي متطور على أراضيها عسكريا وبيئيا وسط توترات إقليمية متصاعدة في أعقاب إجراءات كوريا الديمقراطية الأخيرة.
وبدأت سول وواشنطن رسميا محادثات بشان نشر نظام الدفاع الصاروخي (ثاد) بعد ساعات من إطلاق بيونغ يانغ قمرا صناعيا على متن صاروخ بعيد المدى في الفضاء يوم 7 فبراير. وجاء الاطلاق الذي اعتبرته سول وواشنطن اختبارا لتكنولوجيا صواريخ باليستية محظورة بعد شهر من تجربة أول قنبلة هيدروجينية لبيونغ يانغ في 6 يناير.
وبينما قالت وزارة الدفاع في سول إن نشر ثاد سيركز فقط على الدفاع عن كوريا الجنوبية ضد التهديدات الصاروخية والنووية المتصاعدة من جانب بيونغ يانغ، قال المعارضون وخاصة نواب المعارضة في كوريا الجنوبية إن النشر سيؤدي الى تصعيد التوترات الإقليمية بعد رفض بكين وموسكو لثاد حيث أن راداره يمكنه أن يساعد القوات الأمريكية على رصد صواريخ تقع على نطاق أبعد من كوريا الديمقراطية الى عمق القارة الآسيوية.
كما يشكك المعارضون للنظام في فعالية تشغيله في كوريا الجنوبية. فعلى الرغم من أنه أحد أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي تطورا في العالم ، إلا أنه لا يمكنه أن يوفر درعا واقية للبلاد من مئات الصواريخ متوسطة المدى لبيونغ يانغ والتي يمكن أن تصيب كل أراضي كوريا الجنوبية في ظرف دقائق معدودة.
كما يمتد الجدل الى الأثر البيئي للنظام حيث ينبعث من راداره موجات دقيقة فائقة القوة تضر بالجسم البشري وتشل الأجهزة الالكترونية.
-- تغطية على مدى أبعد من كوريا الديمقراطية
ورفض وزير الخارجية الصيني وانغ يي النشر المتوقع للنظام في كوريا الجنوبية في اجتماع مع نظيره الأمريكي جون كيري على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن يوم الجمعة. وقال أنه سيؤدي الى تعقيد الاستقرار الإقليمي.
وأضاف وانغ على هامش المؤتمر أن " نشر الولايات المتحدة لثاد يتجاوز بكثير احتياجات الدفاع لشبه الجزيرة الكورية لما أن مدى التغطية سيصل الى عمق القارة الآسيوية ".
وأعلنت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أن ثاد لا يستهدف الصين أو أي دولة أخرى غير كوريا الديمقراطية بيد أن راداره سيساعد القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية على رصد الصواريخ بصورة طبيعية في بعض المناطق الصينية والروسية المجاورة لكوريا الديمقراطية.
وتسعى سول الى اعتماد النسخة "تي أم" للرادار بحد أقصى 600 كم على النقيض من النسخة " أف بي أم" التي يمكنها رصد الصواريخ على بعد 1800 كم، غير أن النسختين تتميزان بنفس الأجهزة مما يمكن تحويل النسخة " تي أم" الى " أف بي أم" عند الضرورة.
ورفض السفير الروسي لدى كوريا الجنوبية الكسندر تيمونين النظام الدفاعي الصاروخي في أوائل فبراير بعدما لحظ ارتفاعا ملحوظا في الطلب على النظام من جانب مشرعي الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية.
ودعا تيمونين جميع الأطراف المعنية الى ضبط النفس، قائلا إن نشر ثاد في كوريا الجنوبية لن يساعد أو يفيد السلام والاستقرار في المنطقة وحل القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية.
كما تباينت ردود فعل السياسيين الكوريين الجنوبيين إزاء القضية. وقال لي جونغ جيول زعيم الكتلة البرلمانية لحزب مينجو المعارض في برنامح محلي يوم الأحد إن حزبه لا يعترض على إجراء مناقشات حول نشر ثاد " دون قيد أو شرط". وأضاف لي " ما هو مهم أن الصين وروسيا تعتقدان بأن ثاد استراتيجية موجهة ضدهما وليس ضد كوريا الشمالية (الديمقراطية)".
وأشار الى أن هذه الأوضاع لو استمرت فمن شأن أن يؤدي نشر ثاد الى تصعيد التوترات الإقليمية وتهديد السلام في شبه الجزيرة الكورية.
غير أن زعيم الكتلة البرلمانية لحزب ساينوري الحاكم وون يو تشول قال في نفس البرنامج إن ثاد هو الأداة الوحيدة المتاحة لردع التهديدات الصاروخية والنووية من جانب كوريا الديمقراطية بفعالية.