人民网 2020:05:11.13:28:11
الأخبار الأخيرة
الصفحة الرئيسية >> تبادلات دولية
أخبار ساخنة

أخبار بصور

ملفات خاصة

مقالة: ماذا لو كان الوباء قد بدأ في بلد آخر؟

2020:05:11.13:20    حجم الخط    اطبع

لم أكن أبداَ من أنصار التجربة الغربية طوال حياتي ، لم يبهرني قط السوبرمان الأمريكي ولا براعة استخدام التكنولوجيا في بلاد الفرنجة ، ولطالما رأيت المارد الأمريكي أجوف بلا زاد ولا راحلة ،بلا أرض ينتمي لها ولا وطن يعشق العودة إليه ،مارد صنعته التكنولوجيا التي تنقطع الروح عنه بعطل في دائرة أو انقطاع تيار .

وكانت قناعاتي دائماَ أن الغرب لا يملك ما نملك في الشرق من موروث إنساني وحضاري شكّل شخصيتنا عبر آلاف السنين ، وأن الغرب حاول دائماَ طمس هذه الشخصية وأخذ علي عاتقه تبني تصدير "حضارة الصورة " إلي الشرق ، فظلت أجيال منا تلهث وراء هذه الحضارة وكأنها المارد الذي لا يٌغلب والذي لا يعجزه شئ في الأرض ولا السماء ، ولعب له الحظ بانشغالنا في الشرق في الخروج من تداعيات الإستعمار عبر سنوات طوال وما خلفه لنا من حروب وفقر ومرض تسعي شعوب الشرق إلي نفض غباره والتطلع إلي مشهد الغيث الذي سيطهرنا من براثن هذا المارد .

ولما أشرأبت أعناقنا تتنسم عبق الربيع، فجأنا وباء الكورونا بلا مقدمات ولا معطيات ولا استئذان ، ولم تكن نقطة انطلاقه من الصين محض الصدفة ولا جاء بالخطأ لأنه مقدر بصنع الخالق الأعظم أن تكون الصين بلد البداية ،وجاءت حكمة الخالق عز وجل في أن يبدأ الدرس من الصين ، فلك أن تتخيل ماذا لو كان الوباء بدأ في بلد آخر؟ تخيلت لبرهة ماذا لو كان الوباء قد بدأ في أوروبا أو أمريكا أو حتي إفريقيا ، وحمدت الله أن البداية كانت في الصين وليس بلدأ آخر وإلا كانت النهاية .

ومع تعاظم الدور الصيني في التصدي لهذا الوباء باجراءات نموذجية ستدرس في العالم في المستقبل تسارعت حكومات العالم في طلب العون من الحكومة الصينية لنقل خبراتها ومساعداتها الطبية ،وما أدهشني هو رد الفعل العاقل المتزن من الحكومة الصينية في مد يد العون لكل من يطلب حتي ذلك المارد العجوز ، وإذا بالمساعدات الطبية المتمثلة في كوادر من الأطباء الصينين والمستلزمات الطبية ذات الصلة بهذا الوباء تتوافد علي ددول العالم لتقديم الخبرة والدعم ،وأذهلني حالة السلام النفسي التي تعاملت بها الصين مع العالم باعتبار أن الأمرر جلل وأن المساندة والدعم واجب إنساني لابد منه ومبدأ رشيد لا حياد عنه .

وعلي الصعيد الإفريقي لم تتوان الصين في تقديم المساعدات الطبية العاجلة لكل شعوب القارة من شمالها لجنوبها ، وشاهدنا جميعاَ الدور الدبلوماسي الذي لعبته السفارة الصينية بكل حرفية في كل بلد افريقي بتقديم المستلزمات الطبية العاجلة للتصدي لانتشار وباء الكورونا ،إيماناً من الصين بأننا جميعاَ في خندق واحد ومصير واحد لمجابهة هذا الوباء ، فأين هو المارد الغربي الذي لطالما عكف علي نهب ثروات افريقيا وتركها تغوص في الجهل والمرض؟ ولماذا لم يقدم المارد الغربي طوال العقود الماضية العون الكافي لشعوب القارة لتنفض عن نفسها غبار الأمراض الوبائية؟ حتي لما اجتاح وباء الكورونا العالم انشغل المارد بنفسه وانكشف عنه الغطاء ليظهر علي حقيقتة الهشة الخاوية ، بل وسارع هو نفسه يطلب المعون من الصين.

ولأن الصين تؤمن بدورها العالمي اقتصادياَ وواجبها الإنساني وفى محاولة لتهدئة حالة الذعر التي تنتاب الأسواق والاقتصادات العالمية، أكدت أنها قادرة على تقليل تأثير تفشي وباء الكورونا الجديد على ناتجها المحلي الإجمالي، الذي يمثل نحو 16% من الإجمالي في العالم، ويسهم – كذلك - بأكثر من 30% من النمو الاقتصادي العالمي. وأوضحت أن اقتصادها لديه ما يكفى من المرونة للتعامل مع كل المعطيات ، ولا توجد عقبات لا يمكن التغلب عليها والوضع الصحي مؤقت، وتأثير الفيروس مؤقت، وسيتم القضاء على الوباء في النهاية ،وأن الصين ستظل لديها القدرة على التعامل مع كل المخاطر والتحديات .وهذا ما تحتاجه الشعوب الافريقية الآن ،أن تجد مصدراَ تأمن الإتكاء عليه في الشدة بعد أن ثبت لها بالفعل أن المارد عاجز عن الدفاع عن ننفسه أمام فيروس لا يري بالعين المجردة ، وعلي الصين الآن أن تلعب دورها العالمي بتواضع وحكمة وإخلاص .

فبالرغم من أن الصين حققت حضوراً ثقافياً متنامياً في أفريقيا، وافتتحت مئات المعاهد والمراكز لتعليم اللغة ونشر الثقافة الصينية، وقامت بتوفير البنية التحتية اللازمة في عشرة آلاف قرية لاستقبال البث بالقمر الاصطناعي اعتماداً على الطاقة الشمسية، وتعمل وكالات الأخبار والتلفزة الصينية وكثير من القنوات التلفزيونية والإذاعية في معظم دول القارة السمراء، إلا أن التطور الصيني في أفريقيا في مجالات الثقافة والفن ونشر الأفكار والمعلومات الثقافية والعلمية ما زال عاجزاً عن تحطيم صورة المارد الذي لا يقهر ويحتاج إلى مزيد من الدعم لنشر ثقافة الخير والسلام الذي تحمله الثقافة الصينية . كما أن اللغة الصينية غير منتشرة بالقدر الكافي في الدول الإفريقية، والوسائل الإعلامية الناطقة باللغتين الانجليزية والفرنسية المنتشرة منذ سنوات طويلة أكثر تأثيراً من وسائل الإعلام باللغة الصينية، فتأثير القوة الناعمة للمارد العجوز في أفريقيا ملتصقة دائماً بالتاريخ الاستعماري الإنجليزي والفرنسي في القارة طوال عقود مضت، وعلي الصين أن تأخذ هذا الدور بكل هدوء وإيجابية ، كما عليها أن تبدد كل أكاذيب المارد العجوزالتي رسخها علي مدار عقود من الزمن ،ولعل فيروس الكورنا كان بدايته في الصين لهذا السبب ، وذلك ما تنتظره شعوب القارة السمراء من الصين في الأيام المقبلة .

الأستاذ الدكتور/ إسراء عبد السيد

مدير معهد كونفشيوس

جامعة عين شمس

القاهرة في 10 مايو 2020 

الكلمات الرئيسية

الصينالحزب الشيوعي الصينيشي جين بينغالصين والدول العربيةصحيفة الشعب اليوميةالثقافة الصينيةكونغفوشيوسالعلاقات الدولية كونغفوالأزمة السوريةقضية فلسطينالمسلمون الصينيونالإسلام في الصين

الصور

السياحة في الصين

الموضوعات المختارة

المعلومات المفيدة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×