طرابلس 10 مايو 2020 (شينخوا) منذ بداية شهر مايو الجاري تشهد العاصمة الليبية طرابلس، ارتفاعا في وتيرة القصف العشوائي الذي يهدد حياة المدنيين، ويجعلهم في مرمى النيران المباشرة، حيث تسبب في مقتل وجرح العشرات خلال الأيام القليلة الماضية، ما ينذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية في العاصمة التي يقطنها قرابة نصف عدد سكان ليبيا الذي يتجاوز ستة ملايين نسمة.
وليد الحشاني (41 عاما) فقد نصف أفراد عائلته جراء قصف استهدف المنطقة المحيطة بمطار معيتيقة الدولي، حيث تسببت قذائف صاروخية استهدفت منزله والمنطقة التي يقطنها، في مقتل أحد أطفاله وإصابة آخر ودخول زوجته العناية الفائقة جراء إصابتها البليغة.
وروى الحشاني، في حديثه لوكالة أنباء (شينخوا) اليوم (الأحد)، واقعة استهداف منزله وهو يتفقده بعدما تضرر جزئيا وتحطمت سيارته، قائلا "في ساعات مبكرة من صباح الأمس، كانت العائلة تغط في نوم عميق، تخيلت سماعي صوت تدمير قوي في منزلي، وفجأة استيقظت لأجد التراب المتناثر وصراخ لم أعرف مصدره".
وأضاف "وجدت زوجتي مرمية على الأرض والدماء في كل مكان في جسدها، شعرت بصدمة ولم أعرف ماذا أعمل، حاولت إسعافها لكن لم أتمكن من تحريكها جراء إصابات متعددة في جسدها، طلبت من الجيران إبلاغ الإسعاف وتم نقلها وهي بحالة سيئة إلى مستشفى الحوادث".
واستدرك قائلا "هرعت قبل ذلك إلى غرفة أبنائي وإذ بأحدهم يبكي وهو ينزف من يده، والأخر ممدا على الأرض (...)، توفي بعدما أصابت شظايا صاروخ صدره".
ومضى الحشاني وهو يبكي بحرقة، "زوجتي بين الحياة والموت وفقدت ابني (...)، لم يبقى لي شيء سوى ابني الأصغر".
واعتبر الحرب القائمة لا يدفع ثمنها سوى المدنيين، بعدما بات مشهد تهديد حياتهم مألوفا.
وقال "يوميا نسمع عن مقتل وجرح أشخاص مدنيين عزل في منازلهم أو في الشوارع وفي كل مكان يتحركون فيه (...)، هذه الحرب اللعينة سوف تقضي على الليبيين وتجعل كثير من العائلات يفقدون أحبابهم".
وتشهد العاصمة طرابلس منذ بداية شهر مايو الجاري قصفا صاروخيا عشوائيا بشكل غير مسبوق، حيث تسمع أصوات القذائف وهي تسقط في مواقع متفرقة خاصة في المنطقة المحيطة بمطار معيتيقة الدولي.
وتسبب القصف العنيف الذي تعرضت له أحياء متفرقة من طرابلس ومطار معيتيقة الدولي أمس السبت، في مقتل 3 مدنيين على الأقل وجرح العشرات، بحسب حصيلة طبية.
واتهمت حكومة الوفاق الوطني قوات "الجيش الوطني" بالمسؤولية عن القصف العاصمة ب 80 صاروخا.
كما أكدت وزارة المواصلات بحكومة الوفاق الوطني تسبب القصف الذي استهدف مطار معيتيقة بأضرار مادية كبيرة، حيث تسبب في تدمير طائرتين مدنيتين وتدمير واحتراق عدد كبير من المرافق التشغيلية للمطار.
لكن اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات "الجيش الوطني" نفى في وقت سابق، مسؤولية الجيش عن القصف الذي تشهده العاصمة طرابلس الأيام الماضية، معتبرا الاتهامات، بأنها أفعال تنفذها القوات الموالية لحكومة الوفاق، بهدف تأليب الرأي العام الدولي على قوات الجيش، وفقا لتعبيره.
لكن الأمم المتحدة اتهمت قوات "الجيش الوطني" بقيادة المشير خليفة حفتر بالضلوع في تنفيذ الهجمات الأخيرة، كما نددت بقصف مطار معيتيقة الدولي في طرابلس أمس.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان إن "قوات تابعة للجيش الوطني قصفت مطار معيتيقة بينما كانت طائرة مدنية تستعد لمغادرة طرابلس"، مشيرة إلى أن معظم الهجمات التي شهدتها طرابلس أخيرا تنسب لقوات حفتر.
وأضافت "القصف العنيف الذي تعرض له المطار ليس إلا مشهداً من سلسلة الهجمات العشوائية، التي تنسب في أغلبها إلى القوات الموالية "للجيش الوطني الليبي"، وأدت منذ بداية الشهر الحالي إلى مقتل أكثر من 15 وإصابة 50 مدنيا.
وجددت بعثة الأمم المتحدة إدانتها الشديدة للهجمات ضد المدنيين والمنشآت المدنية، ودعت إلى "تقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة بموجب القانون الدولي".
ويعد مطار معيتيقة الدولي المقام داخل قاعدة طرابلس الجوية المنفذ الجوي الوحيد في غرب ليبيا والعاصمة طرابلس منذ تدمير مطار طرابلس الدولي المنفذ الجوي الرئيسي في البلاد جراء معارك في العام 2014.
وتستهدف قوات حفتر مطار معيتيقة الدولي في مناسبات عديدة، بدعوى استخدامه لشن هجمات الطيران المسير التركي منه ضد مواقعها.
وأوضح أمين الهاشمي، المستشار الإعلامي بوزارة الصحة بحكومة الوفاق في تصريح لـ(شينخوا)، "الهجمات العشوائية التي تطال المدنيين في العاصمة لم تتوقف منذ أيام، بل ازدادت شراسة وحدة".
وتابع الهاشمي "فجر اليوم قتلت امرأة وأصيب أفراد عائلتها بالكامل، بعد قصف عشوائي استهدف منطقة صلاح الدين" جنوب طرابلس.
وتعاني ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة بين حكومة في طرابلس معترف بها من المجتمع الدولي، وحكومة موازية في شرق البلاد يدعمها مجلس النواب وقوات "الجيش الوطني" بقيادة المشير خليفة حفتر منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في العام 2011.