تحقيق إخباري: الأكلات الشعبية والتراثية في السويداء جنوب سوريا تلم شمل العائلات في عيد الأضحى

السويداء، سوريا 13 أغسطس 2019 (شينخوا) تنهمك أم سامر في تحضير الأكلات الشعبية التراثية التي تشتهر بها محافظة السويداء (جنوب سوريا) لأبنائها المغتربين في دول عربية، والذين جاؤوا لحضور عيد الأضحى بعد سنوات من الغياب.

وأمضت أم سامر البالغة من العمر 56 عاما ساعات وساعات في مطبخها الصغير، وهي تعد أكلة المنسف العربي، وهي أكلة تراثية معروفة لدى أهالي السويداء وذائعة الصيت في أغلب المحافظات السورية الأخرى، والتي تتألف من البرغل واللبن المطبوخ وعليه قطع من لحم الخروف المسلوق والكبة المحشوة باللحم المفروم، ويرش فوقها المكسرات المحمصة بالسمن البلدي، في منظر يجعلك تشتهي الطعام فورا.

وهذه الأكلة الشعبية تلم أفراد العائلات في محافظة السويداء في طقس خاص من طقوس عيد الأضحى المبارك، كما أنها تقدم للضيوف الذين يأتون للمحافظة، في دلالة على أهمية الضيف والحفاوة به.

وقالت أم سامر وهي تعد المنسف العربي لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق اليوم (الثلاثاء) إن "أكلة المنسف هي أكلة تراثية تشتهر بها محافظة السويداء"، مؤكدة أن هذه الأكلة تتبوأ المقام الأول في السويداء، وكانت ولا تزال تقدم للضيوف في إشارة إلى الكرم وأهمية الضيف.

وتابعت تقول والابتسامة تملؤ وجهها "نسيت تعبي وساعات الوقوف الطويلة أثناء تحضير الطعام، عندما رأيت أولادي الذين جاؤوا من بلاد الاغتراب بعد سنوات، ليعيشوا لحظات سعيدة مع باقي أفراد العائلة في جو من الفرح والبهجة بقدوم الأولاد وعيد الأضحى الذي له ذكريات خاصة في نفوس الأولاد".

ومن جانبه، أعرب سامر ( 37 عاما) عن سعادته برؤية عائلته التي اجتمعت على مائدة واحدة حول المنسف التي أعدته والدته لهم في عيد الأضحى، مؤكدا أن طقوس العيد جميلة وهي عادات متوارثة من الأجداد إلى الأبناء.

وقال سامر المغترب في الإمارات العربية المتحدة لـ((شينخوا)) إن "غالبية العائلات في السويداء تجتمع على أكلة تراثية مشهورة"، مؤكدا أن هذه الأكلة "لذيذة وشهية".

وفي مشهد آخر اجتمعت عدة نسوة في بلدة قنوات الأثرية (شمال شرق السويداء) لإعداد كعك العيد الذي يسمى باللهجة المحلية "المرشم" والمصنوع من الدقيق الخالص والحليب وبعض المنكهات الخاصة، والذي يوضع كضيافة في المضافات في عيد الأضحى ويحظى بأهمية خاصة لدى أهالي المحافظة.

وبدأت النسوة، وسط أجواء من الفرحة، بتحضير العجين الخاص بالكعك، وهن يرددن بعض الأغاني التراثية التي تخص المناسبة.

وأشارت رؤى النداف (33 عاما) إلى أن طقوس عيد الأضحى في محافظة السويداء جميلة، وهي عادات متوارثة ولها طابع خاص لدى أهالي الجبل.

وقالت النداف، وهي جالسة أمام فرن يوضع عليه هذا القرص الذي يطبع على قالب يسمى "الرشم"، إن "هذا الكعك أو المرشم هو من مفردات الأكلات التراثية الشعبية المشهورة، ويوجد في معظم البيوت في الأعياد"، مؤكدة أن هذه الحلوى لها طقوس خاصة لاتزال محفورة في ذاكرة الناس، وخاصة الذين يغتربون ويبتعدون عن المحافظة.

ومن جانبها ذكرت أم سلمان، وهي ترتدي الزي الشعبي التراثي لمحافظة السويداء وتضع العجين على قالب الرشم، لـ((شينخوا)) إن "العيد، بالنسبة لها، لا يكمل إلا إذا صنعت المرشم"، مؤكدة أن هذه الأقراص الشهية مع رائحة العجين الزكية عندما توضع على الفرن لخبزها تعطي انطباعا بأن العيد بات على الأبواب.

وروى يعرب (42 عاما)، وهو مدرس لغة عربية، ذكريات الطفولة عن عيد الأضحى، وعن الأكلات الشعبية التي تحضر، بكثير من الفرح، لافتا إلى أن طقوس العيد في الماضي كانت أفضل.

وقال يعرب "كل الأكلات الشعبية التي كانت تقدم في العيد كان لها وقع خاص قبل سنوات"، مؤكدا أن "ظروف الحرب التي مرت على سوريا تركت أثرا سلبيا على نفوس الناس، ولم يعد هناك مساحة للفرح كما كان في السابق".

وبين يعرب أن أكلة المنسف كانت تلم أهل القرية كلها في العيد، وحلوى المرشم كانت أيضا هي الحلوى الأكثر انتشارا في العيد، لافتا إلى أن بعض الأسر صارت تقدم كضيافة حلويات أخرى مصنوعة في معامل الحلوى، ما أدى إلى فقدان طقوس العيد التي كانت سائدة قبل سنوات.

ومهما يكن فيبقى للعيد طقوس خاصة، وإن حاولت بعض الظروف الطارئة أن تغير من تلك الطقوس، إلا أن غالبية العائلات لا تزال متمسكة بتلك الطقوس والعادات، في محاولة لإحياء تراث الأجداد.