وقع هجوم إرهابي في العاصمة المصرية القاهرة في الصباح الباكر من يوم 5 أغسطس بالتوقيت المحلي، مما أسفر عن مقتل 20 شخصًا وإصابة 48 شخصًا. ووقع الحادث بشارع كورنيش النيل أمام المعهد القومي للأورام، بمنطقة المنيل، جنوبي القاهرة، وهي مستشفى متخصصة في علاج السرطان، حيث اصطدمت سيارة مسرعة تحمل متفجرات كانت تسير في الاتجاه المعاكس بثلاث سيارات عادية وانفجرت.
هجوم إرهابي مخطط له منذ فترة طويلة
يعتبر هذا الحادث أكبر هجوم إرهابي في القاهرة في السنوات الأخيرة، ووفقًا لوزارة الداخلية المصرية، فإن التحقيقات الأولية كشفت عن أن السيارة كان يتم نقلها إلى أحد الأماكن لاستخدامها في تنفيذ إحدى العمليات الإرهابية في وقت وقوع الحادث. وبالنظر الى الخريطة، يعد موقع الحادث السبيل الوحيد لعبور نهر النيل، الذي يقع على بعد بضعة كيلومترات فقط من ميدان التحرير في القاهرة والسفارة الأمريكية والسفارة الإيطالية في مصر، التي تقع في النطاق المستهدف للهجوم الإرهابي.
أشار المعهد المصري للدراسات الدينية الى أن المهرجانات الدينية الإسلامية والمسيحية أصبحت نقطة حساسة عالية الخطورة لحدوث الأعمال الإرهابية، حيث تم تنفيذ الهجوم عشية عيد الأضحى، أحد المهرجانات الرئيسية الثلاثة للمسلمين. وقالت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها، إن التحقيق الأولي كشف أن هوية الإرهابي الذي نفذ الهجوم الدامي أمام معهد الأورام في القاهرة، وهو عنصر في حركة "حسم" التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي، وأن السيارة قد سرقت سابقا بهدف استخدامها في الهجمات الإرهابية. واعتبرت الحكومة المصرية حركة " حسم" كمنظمة إرهابية في عام 2017.
وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية قد أولت أهمية كبيرة لمحاربة الإرهاب في السنوات الأخيرة وحققت تقدماً جيداً، حيث نفذت العديد من أنشطة التطهير للمنظمات الإرهابية التي ترسخت في شبه جزيرة سيناء، ومع ذلك، لا يزال من الصعب القضاء على الجذور العميقة للإخوان المسلمين في مصر.
الولايات المتحدة تعمق التوترات الإقليمية
قال الدكتور شيبو جمال، باحث في معهد التخطيط القومي المصري، إن الهجوم الإرهابي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بـ "صفقة القرن" الفلسطينية الإسرائيلية التي روجت لها الولايات المتحدة في المنطقة. وبسبب عدم رضى الفلسطينيين وجميع المسلمين بالهدنة بين إسرائيل ومصر، فانه من المرجح أن تتحد جماعة الإخوان المسلمين مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي لها علاقات وثيقة معها، آملين استخدام هذا الهجوم الإرهابي للضغط على الحكومة المصرية.
على الصعيد الاقتصادي، تعتزم الولايات المتحدة تعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين إسرائيل والدول العربية في المنطقة من خلال إنشاء تحالف شرق المتوسط للطاقة. وفي 25 يوليو، أصدر منتدى شرق المتوسط للغاز (EMGF) المنعقد في القاهرة بيانًا ذكر فيه إن الدول المشاركة وافقت على الهيكل المحدد للمنظمة. وحضر الاجتماع وزراء الطاقة في الدول المؤسسة لقبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا وفلسطين وممثل وزير الطاقة الأردني، وتمت دعوة وزير الطاقة الأمريكي كضيف. وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز في المنتدى، إن خط أنابيب الغاز بين إسرائيل ومصر قد تم اختباره منذ شهرين أو ثلاثة أشهر، ومن المتوقع أن تبدأ إسرائيل تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر في نوفمبر. ويعتقد جمال أن التطبيع والتعاون الاقتصادي مع اسرائيل مقدمة للتطبيع السياسي وتمهيد الطريق للمصالحة السياسية بين الدول العربية وإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، استهدف المنتدى تركيا أيضا، لأن الاخيرة وقبرص لهما تناقضات منذ فترة طويلة بقضايا الأراضي وتنمية الطاقة، وتحت وحي الولايات المتحدة، تم عزل تركيا أكبر لجوء ومؤيد للإخوان المسلمين من المنتدى.
على الصعيد السياسي، تواصل مكبرات الولايات المتحدة في الضجيج لإصدار نظرية التهديد الإيراني وتعزيز نمط التكامل الأمني العربي -الإسرائيلي. وسبق أن أعلنت الولايات المتحدة عن خطة لإنشاء قوة أمنية إقليمية لضمان عدم تهديد إيران لمضيق هرمز ومنطقة الخليج، وقد أعربت الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل عن دعمهما للخطة. وقال جمال إن الولايات المتحدة تأمل في السيطرة على النزاعات بينها وبين إيران ضمن نطاق الصراعات دون الصعود إلى الحرب، لإرسال إشارات الخطر الى الدول العربية في المنطقة، وسحبها في النهاية الى المعسكر الموالي لأمريكا. وفي مجال مكافحة الإرهاب، توصلت مصر إلى تعاون أمني مع إسرائيل في شبه جزيرة سيناء. ومع ذلك، في مواجهة الضغوط الهائلة في المجال الاقتصادي والأمن السياسي، عززت مصر الدبلوماسية العملية والبراغماتية من ناحية، ورفضت المشاركة في الخطة الأمريكية لتشكيل تحالف عربي، وعبرت عن القضية الإيرانية بحذر؛ ومن ناحية أخرى، تدعم مصر بقوة حقوق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة.
لذلك، قد يثير سلوك مصر تجاه ما يحدث في المنطقة الاستياء الشديد من المنظمات المتطرفة، وذكر موقع المخابرات الإسرائيلية الشهير “ديبكا”، أن إدارة الأمن المصرية اكدت ان حماس التي تربطها صلات وثيقة بالإخوان المسلمين، تقف وراء الهجوم، أو على الأقل في اتصال مع مرتكبي العملية. وكشف الموقع أن إدارة الأمن المصرية قد بدأت في مراجعة ممثل حماس لدى مصر، وإذا ثبت أن حماس متورطة في الهجوم إلى حد ما، فستكون له تأثير عميق على علاقة بين مصر وفلسطين وكذلك موقف حماس في بعض الدول العربية.