人民网 2019:10:23.11:05:23
الأخبار الأخيرة

شاب أفغاني: اللغة الصينية غيرت حياتي

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/  2019:08:09.15:43

    اطبع
شاب أفغاني: اللغة الصينية غيرت حياتي

وليد عبدالله

من رحم المعاناة يولد الأمل. لقد قفزت هذه المقولة فجأة إلى ذهني حينما إلتقيت الشاب الافغاني حميد ذات صباح في بكين. أخذنا موعدا على الساعة التاسعة صباحا، وكان الفريق يخشى أن يتأخر ضيفنا الأفغاني عن موعد التصوير لأنه لا يعرف بكين جيدا ويسكن في ضاحية بعيدة عن مركز المدينة وعليه أن يقطع ما يزيد عن الساعة في الطريق. لكن في تمام الساعة التاسعة بالضبط فُتح باب المترو ونزل حميد. وجدته شابا أنيقا متحمّسا، يتدفق بالحيوية ويتكلّم اللغة الصينية بطلاقة. وأنا أحاوره كان وجهه دائما تعلوه ابتسامة حالمة ونظرات متفائلة وتنبض منه عزيمة قوية وطاقة متوهجة نحو النجاح. لا أعلم كيف قضّى حميد طفولته زمن الحرب الدامية التي كابدتها بلاده على امتداد السنوات الماضية، لكن ما أنا متأكد منه هو أن نيران الحرب لم تستطع نزع جذوة الأمل من صدره، ولم يفلح القصف ولا التفجير في كسر ارادته القوية وتوقه إلى النجاح. كان حميد يتجنّب الحديث عن الماضي، ويرغب فقط في الحديث عن النجاح والطموح والأهداف وماذا يمكن أن يقدّم لبلده وطلّابه في المستقبل، بدا لي مثل زهرة يانعة تقف وسط غابة من الأشواك وضوء يتسرّب بين ركام الغيوم لينبئ بمستقبل أفضل لأفغانستان.

بعد أن تخرج حميد في جامعة شنغهاي للمعلمين قرّر العودة إلى افغانستان لتدريس اللغة الصينية والمساهمة في جهود اعمار بلاده. وهو يعمل الآن أستاذا للّغة الصينية في معهد كونفوشيوس بجامعة كابول، ويرى أن دراسته للغة الصينية قد غيّرت حياته، "لقد غيرت اللغة الصينية مصيري، فأنا أنحدر من عائلة بسيطة والآن أصبحت أستاذا في أفضل جامعة بأفغانستان، هذا لم يكن سهلا أبدا بالنسبة لي، وهو أعظم ما حققته إلى الآن." ويرى حميد أن دراسة اللغة الصينية مثلما غيرت حياته يمكن أن تغير حياة الكثيرين في افغانستان، لذلك لا يتردد عن تشجيع طلبته وأصدقائه على دراستها.

 

رغم أن حميد لايزال في بداية مشواره المهني لكنه يُظهر حسا عاليا بالمسؤولية تجاه رسالة الأستاذ وأهمية التعليم بالنسبة لمستقبل طلبته وبلاده. ويقول بأن نجاحه الحقيقي هو حينما يتمكن من مساعدة طلّابه على اختيار الاتجاه الصحيح وتحقيق اهدافهم. ويرى أن مهمّته ليست مجرّد تعليم اللغة فحسب، وانما الاسهام في تنشأة جيل جديد في افغانستان بامكانه التحدث باللغة الصينية. "أفغانستان بحاجة للانفتاح والتعاون مع مختلف دول العالم، والصين بصفتها ثاني اقتصاد عالمي، تطرح في والوقت الحالي مبادرة الحزام والطريق، وهي مبادرة على درجة عالية من الأهمية بالنسبة لتحقيق التنمية في افغانستان، وكل هذا لن يتحقق دون توفر المزيد من الكفاءات التي تتحدث اللغة الصينية،" يقول حميد.

يُذكر أن معهد كونفوشيوس بجامعة كابول قد تأسس في عام 2008، ويقوم سنويا بقبول قرابة 50 طالبا جديدا لدراسة اللغة الصينية. كما افتتح 3 فصول كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية لدارسي التخصصات الأخرى. ووفقا لحميد فإن مئات الطلبة الأفغانيين يدرسون في الوقت الحالي بالجامعات الصينية، حيث تأمل منهم بلادهم أن يصبحوا في المستقبل سندا لعملية اعادة الاعمار ودفع التنمية، وبأن يكون هنالك المزيد من الأمثلة الناجحة على غرار حميد.

حينما تغيب الشمس وتتلبّد السماء بالظلام، فإن ضوء قنديل يمكن أن يُرى من بعيد ويصبح هو النور الذي يدلّنا على الطريق. لا تقاس الأشياء بضخامة حجمها وانما بفاعليتها في بيئتها، والأحلام البسيطة تصبح عظيمة حينما تنتصر على من يريد قتلها، والنجاح يصبح معجزة حينما توضع كل العراقيل لافشاله. حينما نطل من هذا الافق على قصة حميد، نجد أن ما حققه هو في الحقيقة شيء عظيم بالنسبة له وبالنسبة لمجتمعه أيضا. وهذا يذكرنا مرة أخرى بمسؤولية المجتمع الدولي والدول الكبرى تجاه افغانستان، يذكرنا بواجب مساعدة الشعب الافغاني على تجاوز مصاعبه الحالية والإستثمار في تعليم الانسان والاعمار وليس في الحرب والدمار. 

صور ساخنة

أخبار ساخنة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×