قد تشهد منطقة آسيا سباق تسلح شديد إذا ما تحقق حلم وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر في نشر صواريخ متوسطة المدى في آسيا. حيث أعلن مارك إسبر مؤخرا عن أمله في نشر الولايات المتحدة لصواريخ متوسطة المدى في آسيا في وقت قريب نسبيا.
تسعى الولايات المتحدة جاهدة إلى تحقيق ميزة عسكرية مطلقة وشاملة لتعزيز هيمنتها الفائقة بسبب عدم قبولها التوازن النسبي للقوة. وقد أصبح العناد والهيمنة الامريكية المصدر الأول لعدم الاستقرار في آسيا، حيث من المرجح أن يثير ذلك لصدمات الجيوسياسية بالإضافة الى سباق التسلح الذي لا مفر منه. ويعتبر هذا أخطر بكثير من تأثير نشر منظومة المتطورة المضادة للصواريخ "ثاد" في كوريا الجنوبية، لأن الصواريخ متوسطة المدى هي أسلحة هجومية واضحة ولا لبس فيها. وبغض النظر عن أي دولة تقبل نشر الولايات المتحدة للصواريخ متوسطة المدى، فهي عدو مباشر أو غير مباشر لصين وروسيا، واشتعال النار على نفسها استراتيجية.
ليس من الصعب تخيل أن الولايات المتحدة ستركز على اليابان وكوريا الجنوبية في طلب قبول نشر صواريخ متوسطة المدى. ومع ذلك، فإنه مقارنة مع الخطر الناجم عن المواجهة بين الدول الأوروبية والاتحاد السوفيتي وحلف وارسو قبل عدة سنوات، ستحمل اليابان وكوريا الجنوبية أكبر خطر شامل من مواجهة الصين وروسيا. وإذا ساعدا الولايات المتحدة لتهديد الصين وروسيا، فإن النتائج التي قد تمخض عن رد الفعل الصيني الروسي المشترك لن تكون أصغر من التهديد الأمريكي لهما.
تعتبر آسيا أسرع المناطق نمواً في العالم اليوم، وعلى الرغم من أن العلاقة بين الدول الآسيوية أكثر تعقيدًا، إلا أنها تشكل في الواقع مصلحة متبادلة ومصالح متشابكة، والصين هي محور هذا النظام خلال هذه المرحلة. وتسعى الولايات المتحدة لكسر هذا النظام صانع الازدهار والرخاء من خلال ضرب واشنطن لمحوره، وعدم التردد في التحرك وتحويل شعورها الاستراتيجي بالأزمة إلى مواجهة الدول الآسيوية بعضها البعض.
يتعين على الدول الآسيوية مقاطعة الولايات المتحدة بشكل جماعي لمنها إحداث أزمة جديدة في المنطقة، والحفاظ بشكل مشترك على حالة أمنية عامة في المنطقة، ومنع الولايات المتحدة من إدخال المنطقة في سباق تسلح شديد أيضا، وتحويل لعبة الدولة الكبيرة إلى الخط الجيوسياسي الرئيسي لآسيا، وإجبار جميع البلدان على اختيار الجانب.
ويجب على اليابان وكوريا الجنوبية على وجه الخصوص أن يظلا متيقظتين، حيث أن الطريقة التي تحقق بها مصالح هذين البلدين قد تنوعت مع التطور القوي لآسيا، ولم تعد الولايات المتحدة بالنسبة لهما مصدرًا مطلقًا ساحقا مقارنة مع مصادر المصالح الأخرى. وتحافظ البلدان في الوقت الحاضر على علاقة متناغمة عامة مع الصين وروسيا، والاستمرار في توسع التعاون الاقتصادي، وانصياعهما وراء المطالب الامريكية سيكون بمثابة كابوس لمصالحهما الوطنية.
كما يجب على الولايات المتحدة أن تقبل نهوض الصين والبلدان الآسيوية الأخرى وأن يحل محل مفهوم الأمن المطلق من جانب واحد المهيمن بمفهوم الأمن متعدد الأطراف عالي الجودة. ويجب الا تفرض ضغوطا على الصين وروسيا ودول آسيا الأخرى، في الواقع، لا نعتقد أن واشنطن بطريقتها الخاصة ستكون قادرة على جذب حلفائها الآسيويين إلى مركباتها ضد الصين وروسيا. ويأمل حلفاء أمريكا الآسيويين عمومًا في الحفاظ على العلاقات مع الصين والولايات المتحدة في نفس الوقت، ولا يريدون اختيار الجانب. والولايات المتحدة أجبرت الصين وروسيا، لكنها فرضت ضغطا على نفسها أيضًا.
القوة الاقتصادية للصين يمكنها أن تدعم ميزانية دفاع أكبر بكثير مما هي عليه الآن، ويجب على الولايات المتحدة ألا تفتح خط الفشل المشترك، وأن تترك سباق التسلح الآسيوي يفقد السيطرة كما فعلت في أوروبا. وأن نتيجة ما تسعى اليه الولايات المتحدة يمكن أن يجبر الصين على بناء ترسانة أسلحة فائقة، والتي بالتأكيد لا تفي بالمصالح الطويلة الأجل للولايات المتحدة.
ماذا سيحدث إذا نشرت الصين وروسيا عددًا كبيرًا من الصواريخ في أمريكا اللاتينية؟ نشر صواريخ متوسطة المدى أمريكية في آسيا سيؤدي الى حدوث سلسلة صدمات مماثلة. ومن المعلوم أن الصين وروسيا ستقويان التعاون الاستراتيجي وتتكاتفان مع خطة الولايات المتحدة هذه. ونأمل أن يكون كل من اليابان وكوريا الجنوبية متيقظين، وألا تكون مستهدفة بالصواريخ الصينية الروسية، وأن لا يكونا بمثابة ضحايا السياسة الأمريكية العدوانية في آسيا.