تعليق: تقرير صندوق النقد فنّد "تلاعب الصين بالعملة"

أصدر صندوق النقد الدولي تقرير مشاروات المادة الرابعة مع الصين في 9 أغسطس الجاري، حيث أكد من جديد على انخفاض فائض الحساب الجاري في الصين في عام 2018، وأن مستوى سعر الصرف يتماشى بشكل أساسي مع الظروف الاقتصادية. وهوما يؤكد بأن الصين لا تتلاعب بالعملة وبأن لا أحد يصدق القصص التي يختلقها بعض الأمريكيون، وان التهم التي توجه للصين في هذا الجانب هي مجرد مهزلة.

واعتمدت استنتاجات التقرير على بيانات كافية وأسس واقعية، أظهرت انخفاض فائض الحساب الجاري للصين كنسبة مئوية في الناتج المحلي الإجمالي بنحو نقطة مئوية واحدة ليبلغ 0.4 ٪ ، ومن المتوقع أن تظل هذه النسبة عند 0.5 ٪ في عام 2019. في هذا الصدد، قال مسؤول من صندوق النقد الدولي في تصريح صحفي هاتفي أدلى به لوسائل الاعلام في 9 اغسطس الجاري، بأنه لاتوجد مبالغة واضحة في تقدير أو في سوء تقدير اليوان الصيني.

وكان اقتصاديو بنك UBS قد أصدروا تقريرا أشاروا فيه إلى أن فرض الولايات المتحدة تعريفة على صادرات صينية إليها بقيمة 300 مليار دولار، سيؤثر على سعر صرف اليوان مقابل الدولار بدفع من السوق. وبالنظر من هذه الزاوية، رغم أن البعض في الولايات المتحدة يخشون من تأثير تراجع سعر صرف اليوان على فعالية سياسات التعريفة التي يفرضونها، إلا أن دور السوق سيتجاوز حتماً رغبة "التحكم" عند بعض الامريكيين، وهو ما سيحيل التهم الأمريكية للصين بالتلاعب بسعر الصرف إلى محض "هراء".

لكن العالم لديه فهم أعمق لـ"التلاعب" الأمريكي. وكما كتب جيفري ساكس، مدير مركز التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا بالولايات المتحدة على موقع سي إن إن، إن بعض الامريكيين يمثلون "المتلاعبون" الوحيدون ، وتصرّفاتهم تسبب للاقتصاد الأمريكي والعالمي وحتى النظام التجاري العالمي أضرارا جسيمة ".

هناك أدلّة تشير إلى أن البعض في الولايات المتحدة مهووسون بالتلاعب بالاحتكاكات الاقتصادية والتجارية وتصعيدها، وتسبب الأضرار المترتبة عن ذلك بشكل متزايد في مخاوف عالمية. وأشار تحليل لرويترز عن وضع السوق العالمية في الأسبوع الماضي إلى أن الاحتكاكات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة باتت تمثل تحديا لآفاق النمو العالمي، حيث ارتفعت موجة تخفيض أسعار الفائدة، وأصدرت المزيد من البنوك المركزية" تدابير فضفاضة تجاوزت توقعات السوق ". " فكيف ستكون الافاق؟ مع انخفاض سعر صرف العملات في عدد متزايد من البلدان، قد يعني ذلك تضاعف التوقعات بارتفاع قيمة الدولار، ومن ثم قد يتم اثبات فشل ورقة الطاقة في تحفيز الصادرات الأمريكية.

وفي مقال نشره في النيويورك تايمز، قال بول كروغمان الحائز على جائزة نوبل "حتى الانخفاض الرمزي لليوان قد يتسبب في انخفاض سوق الأسهم الأمريكية." وأضاف بأن بعض الأمريكيين قد بالغوا في الاعلاء من شأن قدرتهم على الاضرار بالاقتصاد الصيني، وفي ذات الوقت التقليل من شأن الضرر الذي قد تحدثه الصين بدورها للاقتصاد الأمريكي. ومضى قائلا بأن ردود أفعال الصين كانت معتدلة ومحسوبة وبدت كأنها تعلّم الاقتصاد لبعض الأمريكيين.

قوانين الاقتصاد ستظلّ موجدة وتمارس تأثيرها بغض النظر عمن يفهمها أو لايفهمها، ولذلك نادت بعض الشخصيات الدولية مرارًا بأن التجارة الدولية تقوم على أساس المنفعة المتبادلة وليس فوز طرف على حساب طرف آخر. وأن السياسات الحمائية التي يتبناها بعض الأشخاص في الولايات المتحدة تمثل "أكبر تهديد للنظام التجاري المفتوح الحديث".

وفي النهاية نحتاج إلى التركيز على التنمية المستدامة، والسعي لتحقيق التوازن التجاري، واتخاذ المسار الصحيح والطريق إلى الأمام في إطار مبدأ المساواة والاحترام المتبادل.