بكين ٨ مارس ٢٠١٩ / اختتم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جولة خليجية استمرت من 3 إلى 7 مارس الجاري وزار خلالها قطر والسعودية والكويت والإمارات، حيث بحث مع زعماء هذه الدول عددا من الموضوعات الساخنة المعنية بالشرق الأوسط بما فيها الأوضاع في سوريا، والقضية الفلسطينية، والأزمة الخليجية، إضافة إلى العلاقات الثنائية.
-- لا حاجة لمجموعة عمل إضافية حول سوريا
على صعيد القضية السورية، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الاثنين في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني "لا أعتقد أننا بحاجة لإنشاء أي مجموعة عمل إضافية حول سوريا. هناك عملية أستانا المعترف بها بشكل عام".
وقبلها بيوم واحد، قال لافروف في مقابلة مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن الوضع "على الأرض" في سوريا استقر بصورة ملحوظة.
كما التقى وزير الخارجية الروسي يوم الثلاثاء رئيس الهيئة السورية للتفاوض نصر الحريري في الرياض، وناقش اللقاء كيفية تطبيق القرار الأممي 2254، وتشكيل اللجنة الدستورية.
وقد أشار يوري بارمين، المحلل السياسي الروسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقال نُشر يوم الثلاثاء على موقع (المونيتور)، إلى أن حضور روسيا أصبح أكثر وضوحا في الشرق الأوسط وكسبت اعتراف القوى الإقليمية من خلال حملتها الجريئة في سوريا، مضيفا أن هناك طموحا واضحا لدى موسكو إلى الاستفادة من الاعتراف الإقليمي بها كقوة عظمى، وليس هناك مكان أفضل من الخليج لتحقيق ذلك.
ومن ناحية أخرى، ذكر مقال بعنوان "لافروف وجولة تربيع الدوائر في الخليج العربي"على موقع (القدس العربي)، أن أبرز الأهداف غير المعلنة من وراء زيارات لافروف هو حث قطر والسعودية والكويت على إعادة فتح سفاراتها في دمشق واستئناف الصلات مجددا مع النظام السوري والضغط من أجل إلغاء القرار الخاص بتجميد عضويته في الجامعة العربية.
ولكن وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير أكد خلال مؤتمر صحفي مع لافروف يوم الاثنين أنه من المبكر إعادة سوريا إلى الجامعة العربية الآن، مشددا أن هذا الأمر مرتبط بالتطور الذي يحدث في العملية السياسية.
-- روسيا مستعدة لاستقبال عباس ونتنياهو
وبشأن القضية الفلسطينية، أعلن الوزير سيرغي لافروف يوم الاثنين في الدوحة استعداد روسيا لاستقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موسكو، لبدء حوار دون شروط مسبقة. وذكر في وقت لاحق من نفس اليوم في الرياض أن القيادة الفلسطينية مستعدة لمثل هذا اللقاء، والقيادة الإسرائيلية تؤكد اهتمامها بهذا الأمر.
وحول ما يسمى بـ"صفقة القرن"، أعرب وزير الخارجية الروسي يوم الأربعاء في الكويت عن قلقه من أن تُفشل هذه الخطة كل ما كان أساسا لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، مضيفا بقوله "كما يقلقنا الهجوم على المبادرة العربية للسلام".
وفي هذا الصدد، قال الكاتب د.حسام العتوم في مقال نشر على وكالة (عمون) الإخبارية إن موسكو تتحرك لترسيخ حوار فلسطيني إسرائيلي مباشر رفيع المستوى بحضور محمود عباس وبنيامين نتنياهو يمكن أن يحقق نتائج تختلف عن تلك التي لم تحققها الجولات المكوكية الأمريكية المنحازة علناً لإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.
وأضاف أن "موسكو ترفض كما العرب وعمقهم الإسلامي والمسيحي صفقة القرن، ومسألة تهويد القدس، واعتبارها عاصمة لإسرائيل، وتقر بحل الدولتين وبالقدس عاصمة لدولة فلسطين...".
-- روسيا تدعم جهود الكويت في حل الأزمة الخليجية
أما بخصوص الأزمة الخليجية، فقال لافروف عقب مباحثاته مع وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح يوم الأربعاء إن روسيا ليس لديها أي مبادرات لحل هذه الأزمة، معربا عن دعم بلاده للوساطة الكويتية وترحيبها بالجهود الأخرى التي تسعى لإعادة الوحدة إلى مجلس التعاون الخليجي.
وقبل ذلك، وخلال زيارة لافروف، قال وزير الخارجية القطري في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي يوم الاثنين "لا يوجد حتى الآن أي تحركات جديدة في إطار الأزمة الخليجية سوى الجهود التي تقوم بها الكويت"، مشيرا بقوله "نحن جاهزون طالما كانت دول الحصار مستعدة للدخول في حوار".
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي يوري بارمين في مقاله على موقع (المونيتور) إن جولة لافروف الخليجية تبعث برسالة مهمة مفادها أن روسيا تتعامل مع هذه الدول كأسرة واحدة على الرغم من خلافاتها الداخلية، مشيرا إلى أن هذا قد تجسد بوضوح في المسار الشجاع الذي اختارته وزارة الخارجية الروسية والمتمثل في أن يبدأ لافروف جولته الخليجية من الدوحة، تليها الرياض والكويت وأبو ظبي.
ويري بارمين أن موسكو ليست مستعدة للتخلي عن موقفها الحيادي في الشرق الأوسط، لافتا إلى أنه "رغم الحملة الدعائية التي أطلقتها قطر والسعودية والإمارات في موسكو بعد فرض الحصار على قطر في يونيو 2017، التزمت روسيا الحياد بشكل واضح في الأزمة الخليجية لكنها لا تزال تحصد الكثير من المكاسب".