روما 4 مارس 2019 /ثمة فئة واحدة في الاقتصاد الكلي تبرز فيها إيطاليا كواحدة ممن يأتون في الصدارة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لكنها ليست بالفئة الإيجابية -- فقد تجاوزت إيطاليا هذا الشهر إسبانيا لتصعيد إلى ثاني أعلى مرتبة من حيث بطالة الشباب في هذا التكتل المؤلف من 28 دولة.
ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاءات في إيطاليا (إيستات)، فإن معدلات التوظيف الكلية في إيطاليا تحسنت قليلا في يناير، لترتفع بواقع 0.1 في المائة مقارنة بديسمبر.
لكن هذا التحسن المتواضع حدث رغم زيادة نسبتها 0.3 في المائة في عدد الشباب العاطلين عن العمل -- الذين يعرفون بأنهم العمال دون سن الـ25 -- ما دفع المعدل الإجمالي للبطالة بالنسبة لأصغر العمال سنا في البلاد إلى 33 في المائة.
وكان الرقم الجديد كافيا لتتجاوز إيطاليا إسبانيا كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي لتأتي في المرتبة الثانية في قائمة البلدان التي يصعب فيها على العمال الشباب العثور على فرصة عمل. واليونان هي البلد الوحيد الذي يعاني من مشكلة أكبر من إيطاليا فيما يتعلق ببطالة الشباب.
المشكلة قائمة منذ زمن بعيد في إيطاليا، هكذا ذكر ماركو ليوناردي الخبير الاقتصادي في قسم دراسة العمل والرعاية الاجتماعية بجامعة ولاية ميلانو.
وقال ليوناردي لوكالة أنباء ((شينخوا)) "بعد الحرب العالمية الثانية وخلال سبعينات القرن الماضي لم يجد الشباب في إيطاليا صعوبة في إيجاد فرصة عمل في قطاع الصناعات التحويلية".
"ولكن بدءا من ثمانينات القرن الماضي عندما بدأ عدد الشباب الملتحقين بالجامعة في الارتفاع بشكل كبير، بدأت مستويات بطالة الشباب في الصعود. وظلت ترتفع منذ ذلك الحين"، حسبما قال ليوناردي.
ومن جانبه، ذكر إميليو رينيري، الأستاذ الفخري المتخصص في علم الاجتماع العمالي بقسم البحوث الاجتماعية وعلم الاجتماع في جامعة ميلانو بيكوكا، ذكر أنه بسبب وجود اتجاهات ديموغرافية أخرى تعد في حد ذاتها إشكالية بالنسبة لإيطاليا، فإن مشكلة بطالة الشباب ليست بالسوء التي كان يمكن أن يحدث.
وأوضح رينيري في مقابلة معه قائلا إن "معدل المواليد في إيطاليا يعد من بين أدنى المعدلات في العالم وهذا يعني أن عدد من هم دون سن الـ25 أقل مما يتوقعه المرء في بلد كبير مثل إيطاليا".
وأضاف أن أرقام البطالة خفف من حدتها أيضا اتجاه العديد من ألمع الشباب إلى مغادرة البلاد بحثا عن فرص عمل، ما جعل اسمائهم خارج قوائم البطالة.
وأشار إلى أنه "داخل أوروبا، تعد إيطاليا مصدرا صافيا لخريجي الجامعات الشباب ومستوردا صافيا للعمال الأكبر سنا".
ولم يقل رينيري وليوناردي إن التعليم الجامعي سلبي في حد ذاته، لكن ليوناردي دعا إلى ضرورة إصلاح نظام التعليم في البلاد.
وذكر ليوناردي "أعتقد أن نظام التعليم الجامعي لدينا يركز بشكل كبير على الناحية الأكاديمية والنظرية وبشكل قليل للغاية على الجانب العملي"، لافتا إلى أن "قطاع الصناعات التحويلية في إيطاليا مازال قويا، إذ أنه ثاني أقوى قطاع في الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا".
وتابع قائلا إن "الشركات تقول أن هناك ما يصل إلى 200 ألف وظيفة فنية الشاغرة وعدد قليل جدا من العمال المؤهلين لشغلها وفي الوقت ذاته هناك العديد من خريجي الجامعات عاطلين عن العمل ويعيشون مع آبائهم".
واقترح ليوناردي إصلاح مشهد العمل عن طريق إنشاء مسار تعليمي لخريجي المدارس الثانوية الذين يرغبون في إيجاد فرص عمل في المجالات التقنية.