إيسى، اليابان 26 مايو 2016 /في الوقت الذي يجتمع فيه قادة الاقتصادات المتقدمة الكبرى السبعة هنا اليوم (الخميس) لعقد قمة مجموعة السبع، تتزايد التطلعات إلى أن يقوموا "بتوجيه العالم". بيد أن نادى الدول الغنية يجد إلى حد مربك أن نفوذه آخذ في تراجع في ظل التغييرات الحادثة في المشهد السياسي والاقتصادي العالمي.
فاليابان، البلد المضيف للقمة التي تستمر يومين، تتعهد بأن تلعب دور "القيادة في توجيه العالم من خلال عرض أفضل مسار للمضي قدما لتحقيق السلام والرخاء الإقليميين والعالميين". وطموح كهذا من جانب الرئاسة الدورية، الجيد في طبيعته، من الصعب تجسيده على أرض الواقع في ظل مواجهة مجموعة السبع لصعوبات متزايدة ليس في توجيه الاقتصاد العالمية فحسب، وإنما أيضا في تجسير هوة الخلافات بين أعضائها .
فقد اعتادت مجموعة السبع، التي تأسست في سبعينات القرن الماضي، على ممارسة نفوذها الكبير في الشؤون العالمية، ولاسيما في المجال الاقتصادي. ولكن التغيرات الجذرية التي جرت خلال العقود الماضية أحدثت تحولا عميقا في الوضع. فالقيمة الاقتصادية الجماعية للمجموعة كانت تمثل حوالي ثلثى الإجمالي العالمي في بداية القرن الحالي ولكن هذه النسبة انخفضت إلى أقل من نصف إجمالي الناتج المحلي العالمي.
كما دخلت إمكانات النمو في حالة من عدم اليقين بالنسبة لعدد من أعضاء المجموعة السبعة -- وهي الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، واليابان، وكندا، وإيطاليا. وما جعل الأمور أكثر سوءا هو أن مجموعة السبع تجد صعوبة في إدارة التنسيق الداخلي.
وقبل انعقاد قمة إيسى- شيما،لا يزال وزراء مالية أعضاء مجموعة السبع الذين التقوا في سينداي على خلاف بشأن السياسات المتعلقة بالعملات وكذا بشأن الخطوات المشتركة الرامية إلى تعزيز الإنفاق العام وتدعيم النمو الاقتصادي العالمي.
ومن بين أعضاء مجموعة السبع، اختلفت اليابان والولايات المتحدة مع بعضهما البعض بشأن أسواق صرف العملات الأجنبية. فاليابان تدرس استمرارية سياسة التيسير النقدى ولكن مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي (البنك المركزي) قد أوقف العمل بسياسة التيسير الكمي. ودعت اليابان إلى تعزيز الإنفاق العالم لدفع النمو العالمي، فيما لم تحبذ ألمانيا التي تعد لاعبا ذي الثقل لم تحبذ هذا الطريق.
وإن الخلافات حول السياسات الاقتصادية، وما يصاحبها من حالة عدم يقين سياسي ناتجة عن انتخابات الرئاسة المرتقبة في الولايات المتحدة وخروج بريطانيا المحتمل مع الاتحاد الأوروبي، تضع أيضا تحديات أمام "نادى النخبة".
وعلى الصعيدين السياسي والأمني، باتت مجموعة السبع، التي تم توسيعها في وقت من الأوقات لتصبح مجموعة الثماني عقب انضمام روسيا لها، باتت أقل حيلة في التعامل مع القضايا العالمية. وإن تعليق عضوية روسيا نتيجة النزاعات المتعلقة بالقضية الأوكرانية تسبب في حرمان الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى من قناة هامة يمكن السعي من خلالها لإجراء حوار مع روسيا.
وفي الوقت الذي يتراجع فيه نفوذ مجموعة السبع، أصبحت آليات من بينها مجموعة العشرين أكثر صلة وأكثر تقدمية ويمكن لقادة العالم من خلالها بحث سبل مواجهة التحديات العالمية بما فيها الأزمات المالية والمعوقات التي تعترض الانتعاش الاقتصادي العالمي.
ومن جانبها، لابد لمجموعة السبع من الحصول على صورة واضحة للوضع المتغير، ونبذ سلوكها المتعجرف والمهيمن، والسعى بشكل مشترك إلى إيجاد نمط جديد من العلاقات الدولية يتسم بعدم المواجهة، والاحترام المتبادلة، والشمولية مع الدول النامية.
إن الدول الصناعية السبع الأكثر تقدما في العالم يمكن حقا أن تلعب دورا بناء على نحو أكبر في جعل العالم أكثر رخاء وتوازنا. وعلى الدول الغنية أن تقل من تدخلها في القضايا التي قد تزيد من حدة التوترات الإقليمية، وتعمل على تقديم مزيد من الاسهامات للأجندتين الإنسانية والبيئية اللتين تتحمل تجاههما مسؤوليات لا يمكن التنصل منها لأسباب تاريخية وواقعية.
وفي أجندة مثل القضايا الإنسانية، كان الأداء الأخير لمجموعة السبع "مخيبا للآمال" كما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي- مون خلال القمة الإنسانية العالمية التي اختتمت أعمالها لتوها في تركيا. وقد قال الأمين العام إن الأمر المخيب للآمال هو أن بعض قادة العالم لم يشاركوا في هذه القمة، وخاصة قادة دول مجموعة السبع فيما عدا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وتقول مجلة ((التايمز)) "كان يا مكان في قديم الزمان حكمت دول مجموعة السبع العالم. وفي وقتنا الحاضر، لم يعد الأمر كذلك".