وافق مجلس الشيوخ الأمريكي يوم 17 مايو الجاري على قانون "العدالة ضد ممولين الإرهاب"، الذى يسمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر واحداث وانشطة ارهابية أخرى في أمريكا بمقاضاة الحكومة السعودية وغيرها من الحكومات الاجنبية المتورطة والمسؤولة عن هذه الاعمال الارهابية في المحاكم الامريكية. كما سيتم مناقشة مشروع القانون من قبل مجلس النواب بعد ذلك. ومع ذلك، أكد المتحدث الرسمي باسم البيت الابيض جوش ارنست خلال المؤتمر الصحفي الدوري على أن ادارة الرئيس باراك أوباما تعارض مشروع القانون، مؤكدا عدم تردد الادارة في استخدام حق النقض ضد مشروع القانون لاعاقة فعاليته. ويشعر بعض الساسة الامريكيين بقلق شديد من ان يلقي تنفيذ القانون بظلاله على العلاقات الثنائية، باعتبار السعودية الحليف الرئيسي والتقليدي لأمريكا في منطقة الشرق الاوسط.
نشرت شبكة الاتصالات الألمانية (دويتشه تيليكوم) مقالة تعليق تحت عنوان :" انكسرت الصداقة الأبدية" في يوم 18 مايو الجاري تعتقد فيه أن السعودية التي طالما كانت تدعم تنظيم " القاعدة" ، تدعم اليوم تنظيم " الدولة الاسلامية"، وتلعب دورا خطيرا للغاية في انتشار قيم الأصولية في كلّ العالم. مشيرة الى انه من الواضح أن أمريكا فقدت الثقة في السعودية. وأن مشروع القانون سيكون له عواقب وخيمة على العلاقات الثنائية. أولا، يعود مشروع القانون بعواقب خطيرة على السعودية، حيث التقليل من اعتماد السعودية على أمريكا يجعل مستقبلها اكثر غموضا. كما ستفقد أمريكا بيدقا مهما في الشرق الاوسط أيضا.
كما تناول العديد من الكتاب والمحللين السعوديين موضوع العلاقات الامريكية السعودية ومدى تاثيرها بمشروع القرار. وقال المفكر السعودي عشقي في رسالة على الانترنت:"تاثير مشروع القانون على العلاقات بين البلدين سيكون خطيرا". وكتب شدادي على شبكة اصدقاء السعودية: "السعودية بريئة .. أمريكا تنتقم من السعودية لانها رفضت تخفيض انتاج النفط الذي اثر سلبا على شركات النفط الصخري الامريكي". وقال حامد مستخدمي اخر للانترنت:" الكونغرس الامريكي سمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر برفعت دعوى قضائية ضد الحكومة السعودية، فمن يسمح لهؤلاء اللاجئين السوريين أو الليبيين برفع دعوة قضائية ضد أمريكا؟"
ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في تعليق تستعرض فيه تاريخ العلاقات الامريكية ـ السعودية، أن العلاقات بين البلدين تأسست على اساس المصالح المشتركة، بدلا من التركيز على القيم المشتركة. وقد ذهبت أمريكا والسعودية أبعد وأبعد في ظل ثورة ثورة الطاقة الوشيكة/ الصخر الزيتي وتوجه امريكا نحو التخلص من الاعتماد على النفط السعودي ودول خليج أخرى، ودعوة أوباما الى تحقيق التوازن السياسي بين السعودية وايران في الشرق الاوسط أيضا.
وذكرت صحيفة استشارات الأعمال الروسي اليومي، أن اتهام وسائل الاعلام وبعض الساسة في أمريكا مؤخرا السعودية بتورطها في هجمات 11 سبتمبر حول السعودية من حليف سابق الى عدو حاضر لأمريكا. كما أن علاقات حكومة أوباما مع اسرائيل حليف آخر لامريكا في الشرق الاوسط ليست جيدة. ويشير تدهور العلاقات بين أمريكا وحلفائها التقليديين في الشرق الاوسط الى التحول الاستراتيجي الأمريكي تجاه آسيا، وبالتالي تجاهل النفوذ التقليديين في الشرق الاوسط وأوروبا. كما يخاف بعض الخبراء الامريكيين الداعمين للاستراتيجية التقليدية من ان يؤدي هذا التغير الى ظهور معارضين للأمريكا في هذه المناطق.
ومع ذلك، ترى " صحيفة غربية " المانية أن العلاقات الصداقة بين أمريكا والسعودية تشهد توترا، ولكن التحالف لن يتغير. حيث أن أمريكا من الصعب جدا محاربة تنظيم " الدولة الاسلامية" دون دعم ومساعدة سعودية، بالاضافة الى امكانية تاثير ذلك على المصالح الامريكية في الشرق الاوسط. وأن تمرير مجلس الشيوخ الأمريكي لمشروع قانون مجرد تحذير خطير لسعودية من الاستمرار في الانحراف عن المسار الذي تحدده لها أمريكا.