القاهرة 26 يناير 2022 (شينخوا) رأى خبراء سياسيون اليوم (الأربعاء) أن القمة التي شهدتها القاهرة أمس الثلاثاء بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والجزائري عبد المجيد تبون سوف تساهم في ترتيب البيت العربي قبل القمة العربية المقررة في الجزائر، وستشكل دفعة قوية لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
ووصل تبون إلى القاهرة مساء الإثنين الماضي في أول زيارة لرئيس جزائري إلى مصر منذ 14 عاما.
وعقد السيسي وتبون أمس الثلاثاء قمة "بناءة ومثمرة" تم خلالها الاتفاق على دفع أطر التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية ومكافحة الإرهاب، وتفعيل آليات العمل العربي المشترك والحفاظ على الأمن القومي العربي في ظل التحديات الخطيرة التي تواجه المنطقة.
وشملت المباحثات بين الرئيسين ملفات فلسطين وليبيا والسودان وسد النهضة والقمة العربية المقبلة، وخلصت إلى التوافق التام في الرؤى ووجهات النظر وضرورة مواصلة التشاور وتوسيعه تمهيدا للقمة العربية المقبلة.
وتأتي زيارة تبون قبل نحو شهر من الموعد الدوري للقمة العربية، التي ستستضيفها الجزائر والتي لم تحدد تاريخ انعقادها بعد.
كما تأتي بعد حوالي أسبوع من استقبال السيسي وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة في حضور وزير الخارجية المصري سامح شكري.
وفي هذا الصدد، اعتبر الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للقاهرة "مهمة جدا" لعدة اعتبارات بعضها يرتبط بالتطورات في قضايا المنطقة، والبعض الآخر يرتبط بالعلاقات الثنائية بين مصر والجزائر.
وأضاف فهمي لوكالة أنباء (شينخوا) أن "القمة بين السيسي وتبون شهدت توافقا في الرؤى والمواقف تجاه قضايا المنطقة مثل القضية الفلسطينية وملفات ليبيا والسودان واليمن وسد النهضة، لذلك أرى أن هذه القمة تساهم بشكل كبير في ترتيب البيت العربي قبل القمة العربية المقبلة".
وتابع أن "هناك تنسيقا كبيرا بين مصر والجزائر، اللذين يمثلان رأس الحربة بالنسبة للدول العربية، ولديهما بالطبع ثقل عربي وإقليمى، واتفاقهما على تفعيل آليات العمل العربي المشترك والحفاظ على الأمن القومي العربي سوف يساعد علي مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه المنطقة".
وأردف أن "الجزائر تريد إنجاح القمة العربية المقبلة التي ستستضيفها.. ومن أجل إنجاحها لا بد من إجراء مشاورات مع الدول الكبرى في المنطقة وفي مقدمتها مصر".
واستطرد فهمي أن "الرئيس السيسي قام اليوم بزيارة الإمارات، حيث عقدت جلسة مباحثات رباعية ضمت إلى جانبه كل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، والملك حمد بن عيسى عاهل البحرين، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات".
وواصل أن "المنطقة تتعرض لتهديدات ومخاطر كبيرة تتطلب ردا مباشرا، والتفاعل الكبير في هذا التوقيت بين مصر والجزائر والدول المعنية سوف يكون له تأثير في الفترة المقبلة".
وعلى صعيد العلاقات الثنائية، توقع فهمي أن تشكل قمة السيسي وتبون دفعة قوية للعلاقات المصرية الجزائرية خلال المرحلة المقبلة في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية.
وأشار إلى أن الجزائر دخلت على خط الوساطة بين مصر وإثيوبيا والسودان لإنهاء الأزمة حول سد النهضة.
من جانبه، قال الدكتور محمد صادق اسماعيل مدير المركز العربي للدراسات السياسية إن "هذه أول زيارة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى القاهرة، وهي زيارة مهمة جدا تعكس أولا دفء العلاقات الجزائرية المصرية وعمقها على امتداد التاريخ".
وأوضح اسماعيل لـ(شينخوا) أن "زيارة تبون للقاهرة لها أهمية كبيرة جدا من حيث التوقيت والدلالة والموضوعات التي ناقشتها، فمن حيث التوقيت جاءت القمة المصرية الجزائرية في ظروف يمر بها العالم العربي بعدة أزمات مثل أزمة ليبيا التي تشاطرها مصر والجزائر الحدود الجغرافية".
وأشار إلى أن مصر والجزائر تقدمان الدعم اللامتناهي لليبيا حتى تمضي في مسارها السياسي وصولا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
وأضاف أن البلدين يتفقان أيضا على ضرورة دعم استقرار السودان واحترام سيادته ووحدة أراضيه، بالإضافة إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة بما يحقق مصالح الدول الثلاث، مصر والسودان وأثيوبيا، بشكل عادل.
ورأى أن التوافق بين مصر والجزائر حول القضايا العربية المختلفة وتأكيدهما على حلها بصورة سلمية وسياسية ورفضهما المساس بأي دولة عربية يعزز الأمن القومي العربي.
وتابع "اعتقد أن زيارة الرئيس السيسي اليوم للإمارات تمحورت حول كيفية تحقيق التوافق حول القضايا العربية واستعراض نتائج مباحثاته مع الرئيس تبون باعتبار أن الجزائر هي التي ستستضيف القمة العربية المقبلة، وبالتالي تعزيز التنسيق العربي المشترك من خلال البوابة المصرية".
واعتبر أن "الفرصة متاحة بصورة كبيرة جدا، وربما لم يشهدها العالم العربي من قبل، للتعاون العربي المشترك ولملمة القضايا العربية وحلها سياسيا وتعزيز العلاقات العربية".