يعاني الاقتصاد العالمي المتضرر من تفشي فيروس كورونا الجديد (كوفيد -19) من نكسة شديدة. ويعتني الناس بإمكانية انتعاش الاقتصاد العالمي وتقصير فترة الركود الاقتصادي في أقرب وقت بعد استئناف العمل، وتخلص المزيد من الدول من الحجر الصحي. وعلى الرغم من أن بعض وجهات النظر واثقة من ذلك، إلا أنه في مواجهة عدم اليقين لتطوير الوباء، يعتقد بعض المحللين أن الاقتصاد العالمي سيظل يمر بفترة طويلة وصعبة في المستقبل.
هل الانكماش الاقتصادي يستمر لفترة قصيرة؟
تعتقد بعض الآراء أن إجراءات الحجر الصحي التي تفرضها دول مختلفة ستجعل الركود الاقتصادي هذه المرة الأسوأ في التاريخ ، ولكن بمجرد أن يتم "تحريره" ، قد يكون أقصر ركود اقتصادي في التاريخ أيضا.
وأشار الاقتصاديون إلى أن الانخفاض المفاجئ في نشاط الأعمال لا يعادل الركود، بالرغم من أن الحجر الصحي قد كاد أن يوقف أنشطة الانتاج الاقتصادي في العديد من البلدان. ولأن الركود الاقتصادي هو عملية إجتماعية، فإنه ينطوي على أكثر بكثير من مجرد التوقف عن الانشطة التجارية. كما تتميز فترات الركود عادة بجولات من إغلاق الشركات ، وانخفاض في الدخل ، وخسارة في العمل مع انتقال الصدمات والتخمينات. لذلك ، من المهم جدًا وصف الانخفاض في النشاط الاقتصادي في مارس وأبريل ، والذي يحدد الاتجاه الاقتصادي للدورة القادمة.
وأشار محلل سوق رويترز ، جون كيمب ، إلى أنه إذا اقتصرت الأزمة على وقف الأنشطة التجارية ، فقد ينتعش الاقتصاد العالمي بسرعة. و سيكون هذا تباطؤًا اقتصاديًا قصير الأجل بشكل استثنائي إذا كانت الاستراتيجيات الاقتصادية لوزارات المالية ناجحة واستؤنفت الأنشطة التجارية بسرعة في الأشهر المقبلة.
وقال محللون إن الانتعاش السريع يعتمد على إجراءات مكافحة الأوبئة في قطاع الصحة العامة ، فضلاً عن الدعم المالي الذي تقدمه الإدارات المالية والبنوك المركزية في مختلف البلدان ، مثل الإقراض على نطاق واسع وإعانات الدخل.
كما يعتقد كبير المحللين الاقتصاديين العالميين مايكل هانسون، أن وتيرة إعادة الانتعاش الاقتصادي يعتمد على التقدم في تطوير لقاح فيرو كوفيد -19، "الارتداد من النوع U أكثر احتمالية من الارتداد من النوع " V .
تأثير عميق
أشار بعض الخبراء إلى أن تأثير الركود الاقتصادي ليس قصير المدى ، وغالبًا ما يستمر لعدة جولات. ومن الناحية العملية ، يبدو أن الركود الاقتصادي الأمريكي أكثر خطورة مما كان متوقعًا قبل بضعة أسابيع ، فقد سجل اقتصاد منطقة اليورو أكبر انخفاض منذ التسجيل ، كما عانى الاقتصاد البريطاني أيضًا من أكبر انخفاض منذ الحرب العالمية الثانية. وتتوقع السوق أن عدد العاطلين عن العمل في هذه الاقتصادات الكبرى قد يرتفع في الأشهر المقبلة.
وأشار محلل رويترز إلى أن "إلغاء الحجر" تدريجيًا قد يكون له بعض التأثيرات الكبيرة والمستمرة على الاقتصاد العالمي. بالنسبة للمؤسسات ، سيتم إعادة تشغيل بعضها بسرعة ، ولن يكون لها تأثير كبير على رقم الأعمال ، ولكن قد تضطر الشركات الأخرى إلى الخضوع لعملية إعادة تشغيل بطيئة وصعبة ، وقد تستغرق هذه المرحلة عدة أشهر وعدة سنوات ، وبعضها قد أغلقت أصلا.
مستقبل أصعب
يعتقد محلل رويترز كيمب أن النتيجة الأكثر ترجيحًا في الوقت الحالي هي أنه بعد إعادة التشغيل ، سيتعافى الاقتصاد العالمي جزئيًا ويظهر نموًا قويًا وسريعًا في غضون بضعة أشهر ، ولكنه سيدخل بعد ذلك في نمو أبطأ وأكثر صعوبة. وفي هذه المرحلة ، ستحتاج تلك الشركات المتضررة والأسر العاطلة عن العمل إلى دعم أطول أجلا وأوسع نطاقا. "قد يظل النشاط الاقتصادي واستهلاك النفط دون المستوى قبل تفشي المرض في عام 2021 أو حتى لفترة أطول قد تمتد الى عام 2022".
وأظهر مسح أجرته رويترز لأكثر من 500 محلل اقتصادي الشهر الماضي أنه بسبب الانكماش في معظم الاقتصادات الكبرى تحت تأثير الوباء ، يعتقد أكثر من نصف المحللين أن الاقتصاد العالمي سوف يتعافى بشكل حرف U ، في حين يعتقد القليلون الآخرون أن الانتعاش سيكون على شكل حرف V ، نوع الخطاف ، نوع W أو L .
أصدر صندوق النقد الدولي مؤخرًا "المسح الاقتصادي العالمي لشهر أبريل 2020" ، يوضح إنه نظرًا لتفشي فيروس كوفيد -19 ، من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 3٪ في عام 2020 ، وسيكون التأثير أكثر خطورة من الأزمة المالية 2008-2009. .
"قد نرى أن الانكماش الاقتصادي في عام 2020 سيتجاوز فترة الأزمة المالية العالمية. لكن كل شيء يعتمد على ما سيحدث في الالخطوة التالية: إلى متى ستستمر تدابير الوقاية من الوباء ، ونتائج البحوث الطبية ، والسياسات الداعمة التي سيتم إدخالها ، وما إلى ذلك. "، قالت جانيت هنري ، كبيرة الاقتصاديين العالميين لدى HSBC:" الواضح حاليا، هو أن هذه ليست قضية قصيرة الأجل ، وتأثيرها على النمو العالمي ومستويات الديون والسياسة العامة والعولمة سيكون هائلاً على المدى المتوسط والطويل."