تعليق: توظيف الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري قد يخلق معضلة أمنية جديدة

بقلم لو تشوان يينغ، الأمين العام لمركز أبحاث ادارة الفضاء الالكتروني الدولي التابع لمعهد شانغهاي للشؤون الدولية

صرّح نائب رئيس مركز الذكاء الاصطناعي التابع لوزارة الدفاع الوطني مايكل شانهان، أن عام 2020 سيكون عام تحقيق الجيش الامريكي للاختراقات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي. وسيقوم المركز خلال العام القادم بزيادة 60 موضفا جديدا ورفع الميزانية بثلاثة اضعاف، وتحقيق اختراقات في بعض المشاريع. وأشار شانهان إلى أن أمريكا يجب أن تضاعف جهودها في استعمال الذكاء الاصطناعي داخل المجال العسكري، لمواجهة المنافسة الدولية في مجال الذكاء الاصطناعي.

يعكس انتشار الجيش الأمريكي على نطاق واسع في مجال الذكاء الاصطناعي بأن عملية تسليح الذكاء الاصطناعي وتأثيراته الواقعية قد بدأت تتحول شيئا فشيئا الى حقيقة. ومن وجهة نظر تاريخية، يعد الجيش قوة مهمة في دفع التقدم العلمي والتكنولوجي، إذ أن العديد من الإنجازات العلمية والتكنولوجية الرئيسية، بما في ذلك الأسلحة النووية والإنترنت قد تم اختراعها لأغراض عسكرية. ويعد تطوير التكنولوجيا الاستراتيجية الفائقة لأغراض عسكرية أمرًا شائعًا في الوقت الراهن، حيث يعمل عدد متزايد من الدول على تسريع تطبيق الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري.

تجدر الإشارة إلى وجود "معضلة أمنية" كبيرة في مجال العلاقات الدولية المعاصرة تتمثل في تطوير الدول الكبرى أسلحة ذات تقنية عالية لتحقيق ميزة إستراتيجية تنافسية، مما يجعل العديد من الدول تحذو حذوها، الأمر الذي يدفع نحو تدهور البيئة الأمنية العامة. ومع تزايد استثمارات الدول الكبرى في عسكرة الذكاء الاصطناعي، فإن هذا المجال سيتحول إلى معضلة امنية جديدة.

وهو مايستوجب من المجتمع الدولي وضع مفهوم أمني جديد يأخذ في عين الاعتبار أمن الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الأمن التقني وأمن التطبيقات وأمن النظام التعامل مع المعضلة الأمنية الناجمة عن الذكاء الاصطناعي.

أولاً، يجب ايلاء أهمية للأمن التقني للذكاء الاصطناعي نفسه. الصندوق الأسود للخوارزميات، واتخاذ القرارات المستقلة، وأمن البيانات ، يمكن لكل هذه الوسائل أن تؤدي إلى فقدان السيطرة على أسلحة الذكاء الاصطناعي، ماقد يتسبب في عواقب أمنية خطيرة. لذلك ، فإن طريقة تنفيذ التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي مع ضمان السلامة تعد أمرا ضروريا.

ثانيا، أمن تطبيقات الذكاء الاصطناعي. حيث يمكن أن يتحول الاستخدام غير القانوني لأسلحة الذكاء الاصطناعي في إلحاق أضرار أمنية خطيرة بالاقتصاد والمجتمع والمجتمع الدولي. على سبيل المثال، يمكن أن تتسبب إساءة استخدام أسلحة الذكاء الاصطناعي في وقوع خسائر بين الأبرياء، كما قد يلجأ الارهابيين إلى تنفيذ هجمات إرهابية كبيرة باستخدام أسلحة الذكاء الاصطناعي.

ثالثًا، يجب أن نولي اهتماما بالأضرار التي يسببها تطبيق الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري على نظام الأمن الدولي. فمع تطور الذكاء الاصطناعي، سيتغير شكل الحرب بالكامل. وستحدث تغييرات هامة في الجيش وساحة المعركة وأوضاع الحروب. وسيصبح المبرمجون جزءًا مهمًا من الجيش، والقتل الأكثر دقة سيجعل ساحة المعركة أكثر اتساعا، ولن يكون نموذج صنع القرار التقليدي في الحرب قادرًا على التكيف مع صنع القرار في عصر الذكاء الاصطناعي والاستجابة السريعة. مثل هذا التغيير الضخم سيجعل من الصعب على بنية الأمن الدولي التقليدية التكيف مع التحديات الجديدة، إذ ان الطرق الحالية للحفاظ على الأمن الدولي، مثل حل النزاعات، والسيطرة على الأزمات وتدابير بناء الثقة، لا يمكن أن تحل النزاعات بين القوى الكبرى في مجال الاستخبارات العسكرية الاصطناعية وتجنب نظام الأمن الدولي المخاطر.

تساعد المفاهيم الأمنية الجديدة على فهم التحديات الأمنية التي يفرضها تطبيق الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري بشكل أفضل، ولمواجهة التحديات الجديدة، يجب إنشاء آليات ادارية جديدة.

وعلى رأس ذلك، يجب إنشاء نظام ادارة عالمية للذكاء الاصطناعي مع حوكمة التكنولوجيا باعتبارها عنصرا رئيسيا، وتغيير مفهوم الأمن القومي، والعمل بنشاط على تعزيز تبادل المعارف والخبرات للحفاظ على أمن النظام، بدلاً من احتكار التكنولوجيا لاكتساب الميزات التنافسية. ثانياً ، يجب أن تأخذ الإدارة العالمية للذكاء الاصطناعي في الاعتبار العلاقة بين الحكومة وأصحاب المصالح الآخرين. فالذكاء الاصطناعي له استخدام عسكري ومدني على حد السواء، وتطبيق التكنولوجيا في المجال العسكري سيكون له تأثير سلبي على الاستخدام المدني. وقد تعرضت كل من غوغل وامازون لحملات معارضة من الموظفين والعملاء بسبب تعاونهما الاستخباراتي في مجال الذكاء الاصطناعي مع الجيش. أخيرًا ، يجب على الدول الكبرى احداث آلية دولية تقيد تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، وتشكيل جو مناسب للرأي العام يشجع على أمن الذكاء الاصطناعي في العالم..