موسكو 7 يونيو 2019 / وسط تصفيق حار من قبل الحضور الكثيف الذي شهدته قاعة الملكايت بقصر الكرملين، وقّع الرئيس الصيني الزائر شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، على بيان مشترك بشأن الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى شراكة تنسيق إستراتيجية شاملة لعصر جديد.
ووُقعت الوثيقة أمس الأول الأربعاء بعد اجتماع بين رئيسي البلدين خلال زيارة شي لروسيا في وقت يحتفل فيه البلدان بالذكرى الـ70 لإقامة علاقاتهما الدبلوماسية.
ويعتقد المراقبون أن رفع مستوى العلاقات بين الصين وروسيا يبشر ليس فقط بمزيد من التعاون المربح للجارتين العملاقتين، ولكن يبشر أيضا بمزيد من المساهمات في التنمية والاستقرار العالميين.
التقاء المصالح
قال البيان المشترك إن الهدف من مثل هذا النوع الجديد من الشراكة يكمن في أن يقدم الجانبان مزيدا من الدعم لبعضهما البعض أثناء متابعة مسارات التنمية الخاصة بهما، والحفاظ على المصالح الأساسية لكل منهما، وحماية سيادة كل منهما وسلامة أراضيه.
وأوضح البيان أنه لذلك، سينسق الجانبان على نحو وثيق فيما بينهما في مواءمة استراتيجياتهما التنموية، وتوسيع التعاون متبادل المنفعة في مجالي التجارة والاستثمار، ومواصلة توسيع العلاقات الثنائية بشكل عام.
وأعرب شي في مقابلة مع وكالة أنباء ((تاس)) الروسية وصحيفة ((روسيسكايا جازيتا)) يوم الثلاثاء، عن استعداد الصين للعمل مع روسيا لتعزيز تآزر أقوى بين مبادرة الحزام والطريق والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
واقترح أن يشترك البلدان في دفع المفاوضات بشكل مشترك بشأن اتفاقية شراكة اقتصادية أوراسية، وتعزيز تسهيل التجارة والاستثمار الإقليميين، وتقديم مساهمات أكبر لتنمية وتجديد كل منهما وكذلك تعزيز الرخاء والاستقرار على المستوى الإقليمي.
وفي عام 2018، بلغت التجارة الثنائية بين الصين وروسيا رقما قياسيا تجاوز 100 مليار دولار أمريكي. ونُفّذت مشروعات تعاون رئيسية بشكل مطرد في مجالات مثل الطاقة والنقل والزراعة والطيران والفضاء.
وقال وزير الصناعة والتجارة الروسي دينيس مانتوروف إن واحدة من أهم المهام التي تقع على عاتق روسيا والصين، تكمن في زيادة استقرار علاقاتهما التجارية والاقتصادية في مواجهة عوامل خارجية غير مواتية، بما في ذلك تقلبات السوق العالمية وتصاعد الحمائية.
صداقة صلبة
مع دخول العلاقات الصينية-الروسية عصرا جديدا، أضاف سفيران جديدان من حيوانات الفراء، حيوية جديدة للصداقة الصينية-الروسية القديمة.
فقد وصل زوجان من الباندا العملاقة، هما رو يي البالغ من العمر ثلاث سنوات، ودينغ دينغ البالغة من العمر عامين، إلى موسكو في أواخر أبريل من مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين.
وقد سلما رسميا إلى روسيا أمس الأول الأربعاء في برنامج بحثي مشترك مدته 15 عاما، خلال حفل افتتاح منزل الباندا في حديقة حيوان موسكو، بحضور شي وبوتين.
وقالت إحدى زوار الحديقة من سان بطرسبرغ التي أطلقت على نفسها اسم أوسيبوفا: "أعتقد أنها علامة جيدة للغاية على الصداقة، لأن الحيوانات ترتبط دائما بالصداقة والعطف والانفتاح."
ويوضح برنامج الباندا التبادلات المتنامية بين البلدين في مجالات مثل العلوم والتكنولوجيا والثقافة والسياحة والتعليم.
ومن جانبه، أعرب وزير العلوم والتعليم العالي الروسي ميخائيل كوتيوكوف عن استعداد الجامعات الروسية للتعاون مع شريكاتها الصينيات في البحث العلمي والتعليم.
وحاليا، هناك نحو 30 ألف طالب صيني يدرسون في الجامعات الروسية، بينما يوجد في الجامعات الصينية حوالي 20 ألف طالب روسي، حسبما ذكر الوزير.
وأوضح كوتيوكوف أنه "في عام 2019، ولأول مرة، يمكن لتلاميذ المدارس الروسية اختيار اللغة الصينية لامتحان الدولة الموحد. إننا نعلم مدى الاهتمام المتزايد لأطفال المدارس والطلاب الروس بتعلم اللغة الصينية."
الاستقرار العالمي
ومن خلال تعميق التعاون الثنائي والتبادلات الشعبية، تتعاون الصين وروسيا في مواجهة التحديات العالمية بشكل أفضل.
وفي بيان مشترك آخر وقّعه رئيسا الدولتين، تعهد البلدان بتعزيز الاستقرار العالمي.
وجاء في البيان: اعترافا بأن الأمن الدولي يواجه الآن تحديات خطيرة، تعتزم الصين وروسيا تعميق الثقة والتنسيق لحماية الاستقرار العالمي والإقليمي بكل حزم.
وقال يوري تافروفسكي، الأستاذ بجامعة الصداقة الشعبية في روسيا، إن التطورات في الشؤون العالمية ستتوقف على كيفية تفاعل روسيا والصين.
ولفت تافروفسكي إلى أنه في هذا العصر الجديد من العلاقات الثنائية، يمكن لروسيا والصين التنسيق بشكل أوثق فيما بينهما بشأن القضايا الدولية وفي المنظمات الدولية.
وقال"إن بلدينا يتفاعلان حاليا بشكل جيد للغاية على الساحة الدولية. لكن علينا الرد بشكل أكثر فعالية على الهيمنة والأحادية."