بعد سبع سنوات من اندلاع الحرب في سوريا ستتشكل نقطة انعطاف في الوضع.
ذكرت وكالة رويترز في 3 سبتمبر الجاري أن الأسد يستعد لشن هجوم على إدلب على مراحل من أجل استعادة محافظة إدلب. وتعد المحافظة والمناطق المحيطة بها المنطقة الرئيسية الاخيرة التي تسيطر عليها المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة ودول اخرى. وحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس السوري بشار الأسد وحليفته إيران وروسيا من شن "هجوم متهور" على محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة الذي قد يتسبب في سقوط مئات الآلاف من القتلى.
ومع ذلك، وفقا لتقارير وسائل الإعلام الأجنبية، بدأت روسيا في انتشار قواتها، حيث ذكرت وسائل اعلام روسية ان عشر سفن حربية روسية على الاقل وغواصتين تم نشرهما في شرق البحر المتوسط. ويعتبر هذا أكبر تجمع بحري لموسكو منذ التدخل في سوريا في عام 2015. وفي الوقت نفسه، بدأت العديد من السفن الحربية الأمريكية في نشر البحر الأبيض المتوسط. وعليه، يمكن القول إن الحرب في محافظة إدلب على وشك الانطلاق المفاجئ، وأن اللعبة بين القوى الكبرى وراء تصعيد كل فصيل ايضا.
يعتقد الرأي العام السابق أنه في ظل تراجع نفوذ الولايات المتحدة في سوريا، وترسيخ روسيا نفسها فعليا في سوريا، ما هو تأثير الحرب في محافظة إدلب على الوضع المستقبلي في سوريا؟
وقال معلق التلفزيون فينكس سونغ تشونغ بينغ في مقابلة مع مراسل شبكة تسان كاو سياو سي، أن الموقع الاستراتيجي لإدلب مهم للغاية، وسقوطها سيجعل الولايات المتحدة سلبية في الحرب السورية بأكملها، وتؤثر على ﺻﻨﻊ ﻭﺗﻮﺟﻴﻪ السياسة الامريكية تجاه سوريا. وفي المقابل، فإذا تمكنت روسيا وإيران وقوات الحكومة السورية من الفوز بنجاح في ادلب يعني نقطة تحول رئيسية في وضع الحرب في سوريا. وفي الوقت الحالي، تسعى روسيا للفوز النهائي في المعركة، في حين تتطلع الولايات المتحدة للحفاظ على وضع المواجهة لمنع حدوث انهيار في الوضع.
قال سونغ تشونغ بينغ إن هناك قوى معارضة تدعمها تركيا في إدلب أيضا، لذلك عندما تقوم روسيا وإيران بضربات عسكرية في المنطقة يجب أخذ بعين الاعتبار المصالح التركية ايضا، وإلا فسوف تأتي بنتائج عكسية. حيث أن الولايات المتحدة تريد ان ترى حدوث احتكاك بين روسيا وتركيا. لذلك، سيناقش بوتين مع اردوغان هذا اكيد في قمة روسيا حول القضية السورية المقرر عقدها في السابع من سبتمبر الجاري.
يعتقد الراي العام عموما أن هجوم قوات الحكومة السورية على القوات المسلحة المناهضة في ادلب على المحك، وبمجرد بدأ الحرب، هل ستتدخل الولايات المتحدة في الحرب السورية بشكل كامل؟ يعتقد سونغ تشونغ بينغ إنه من غير المحتمل أن تشارك الولايات المتحد في الحرب السورية بشكل كامل، لأنه ليس في مصلحتها في الوقت الحالي، حيث يريد الامريكيون " الحرب بالوكالة"، ولعب دور المساعد فقط. ومع ذلك، فإن قوى المعارضة التي يدعمونها لم تكن قادرة على الدفع بالقتال الى الامام، كما أجبرت الولايات المتحدة على قبول حقيقة أن روسيا راسخة في سوريا. وفي اعقاب الحرب، فإن الولايات المتحدة ليست أكثر من مجرد محاول اضعاف واستيعاب قوات الحكومة السورية.
ومع ذلك، قال سونغ تشونغ بينغ أن فوز قوات الحكومة السورية في الحرب في ادلب واستعادتها لا يعني ذلك انتصار الحرب السورية. ويعتقد أنه طالما لم يتم القضاء على المعارضة نهائيا، ستتواجد على الحدود بين سوريا والعراق أو داخل العراق من أجل البقاء وايجاد الفرصة لتشكيل تهديد للقوات الحكومية في المستقبل. وفي الوقت نفسه، لن تتخلى الولايات المتحدة عن دعمها للمعارضة، حيث تعتبرها قوة سياسية يمكن استخدامها بعد، ويمكن الاستمرار في احتواء حكومة بشار الاسد، وروسيا وإيران. وستواصل الولايات المتحدة فرض العديد من العقبات امام اعادة اعمار سوريا في ظل نظام بشار الاسد، لمنع روسيا من قيادة الوضع في سوريا. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة وروسيا لن يذهبا الى المواجهة المباشرة، وسوف يسعى البلدان أيضا إلى نموذج "الحرب بالوكالة"، مع الاحتفاظ بالنتيجة النهائية فيما بينهما.