يكتسي شهر أبريل الحالي دلالة بالغة الأهمية بالنسبة لجيش التحرير الشعبي الصيني. حيث شهد الشهر الحالي تنظيم استعراض كبير للبحرية الصينية، إلى جانب عدد من المناورات والتدريبات التكتيكية، وإدخال أنواع جديدة من الأسلحة والمعدات الى القوات المسلحة. حيث أظهر جيش التحرير في عدّة جوانب تغيرات ثورية في مسيرة التحديث والتطابق مع المعايير العالية.
إن الآداء القوي لجيش التحرير الشعبي كافٍ ليجعله يحظى بإحترام منافسيه الأقوياء، بل كافٍ أيضا ليثير توترهم. لكن سوء تقدير النوايا الاستراتيجية لجيش التحرير الشعبي قد يؤدي إلى كارثة على مستوى التوجيه الاستراتيجي المستقبلي للجيش الأمريكي. في هذا الصدد، أكّد تقرير المؤتمر الوطنى التاسع عشر للحزب الشيوعى الصينى بوضوح إنتهاج الصين سياسة دفاعية وطنية. كما أكد على أن التنمية الصينية لا تشكل تهديدا على أي بلد، وعلى أن الصين مهما تطورت، فإنها لن تسعى أبداً إلى الهيمنة ولن تنخرط في عمليات التوسع.
لا تسعى الصين إلى الهيمنة ولن تنخرط في عمليات التوسع، هذا هو التزام الصين الرسمي تجاه العالم. إلتزام لم يتغير في الماضي ولا في الحاضر ولن يتغير في المستقبل. مع ذلك، هناك دائمًا أشخاص يعتبرون الصين عدوًا خياليًا، ويخشون تطور القوة العسكرية الصينية. ويتجاهلون أو يتعمدون تجاهل ما ورد في تقرير المؤتمر التاسع عشر في هذا الجانب. كما يتفنون في تأويله بأشكال خاطئة، لزيادة تأثير "نظرية التهديد الصيني"، بل وحتى تحدي الخط الأحمر للمصالح الصينية. في ذات الوقت، لم تدخر هذه الأطراف أي جهد للحفاظ على ماتسميه بنظام شرق آسيا ومجال النفوذ. لذا، فإن تحركات جيش التحرير الشعبي في أبريل الحالي، قد أرسلت لهم رسائل قوية.
أولا، يستطيع جيش التحرير الشعبي إحتواء القوى الانفصالية بشكل فعال، وشهدت قدراته على حماية سيادة الدولة ووحدة أراضيها إرتفاعا كبيرا. في الماضي القريب، تصاعدت أصوات القوى الإنفصالية في تايوان، حيث رفعت علنا شعار "استقلال تايوان"، وتعمل على تعبئ الراي العام المحلي لكسب المزيد من التأييد. ردّا على هذه التطورات الخطيرة، قامت القوات الجوية الصينية على مدار 3 أيام بتنفيذ طلعات جوية بطائرات H-6K وSu-30 وJ-11 وطائرات الاستطلاع وطائرات الإنذار المبكر، التي حلقت حول الجزيرة. وتحركت عبر مضيق مياكو وقناة باشي، لبناء قوة جوية في الجزء الشرقي لتايوان، وفي مسعى إلى تحسين قدرات تحركها واختبار قدراتها في القتال الحقيقي. وستصبح هذه التدريبات في المستقبل تحركات طبيعية، لإرغام جيش تايوان على التحرك داخل مجاله الضيق، وضرب نزعة"إستقلال تايوان" بيد من حديد.
ثانياً، يقوم جيش التحرير الشعبي بتحذير القوى غير الأقليمية من التصرف بشكل تعسفي في المجال البحري والجوي المحيط بالصين. حيث لم تتخلّ أمريكا ودول أخرى عن محاولة صناعة الفوضى في بحر الصين الجنوبي، إذ تواصل تنظيم ما تسميه بـ"الطواف البحري"، لتظهر تواجدها في بحر الصين الجنوبي تحت شعار "حماية حرية الملاحة". من جهة أخرى، اقتحمت هذه السفن المياه القريبة من التجمعات الصخرية في بحر الصين الجنوبي، للقيام بعمليات تجسس على الصين، لكن السفن الحربية الصينية تفطنت إليها وقامت بطردها.
في الفترة الأخيرة، استلمت المقاتلة جيان-10C مهام دوام الإستعداد القتالي، وعكست الغواصة النووية الهجومية 093B والصاروخ البالستي دونغ فنغ- 26 متعدد الوظائف في أول ظهور علني التطور الكبير الذي سجّلته القدرات القتالية لجيش التحرير على المدى البعيد، إلى جانب تنوع الوسائل العسكرية التي بحوزته بشكل مستمر. وهو مالاشك في أنه سيمثل ضغطا نفسيا على تلك القوى غير الإقليمية التي تتحرك داخل بحر الصين الجنوبي.
أخيرا، إن جيش التحرير الشعبي يعد قوة مهمة في صون السلام العالمي، وهذه القوة ستكون أقوى يوما بعد يوم.
إن حماية السلام في العالم يحتاج إلى قوة عادلة، وليس الإعتماد على الهيمنة. لقد أثبت التاريخ مراراً أن قوى الهيمنة كلّما انتشرت في مكان، إلا واشتعلت النار في فيه، وهكذا لن يحصل العالم أبدا على السلام. لكن فقط عندما تستمر قوى العدل في النمو، سيكون هناك أمل حقيقي لاحتواء نار الحرب وحماية السلام والتنمية في العالم.
منذ عدة سنوات، ظل جيش التحرير الشعبي يشارك في الدوريات البحرية في خليج عدن، وقدم مساهمات هامة في مكافحة أعمال القرصنة وحراسة الطرق التجارية. وفي الوقت الحالي، يجري جيش التحرير الشعبي الصيني تدريبات المواجهة الحقيقية في بحر الصين الجنوبي وغرب المحيط الهادئ لاختبار مهام استخدام أسطول حاملات الطائرات في حروب المياه البعيدة. مادفع بتدريبات أسطول حاملات الطائرات إلى التوسع بإتجاه الإستخدام في الحروب الحقيقية في المياه البعيدة.
لم يكن العرض العسكري المتميز لجيش التحرير الشعبي الصيني في أبريل الجاري سوى مجرد بداية، وسيواصل جيش التحرير الصيني تنفيذ تعاليم تقرير المؤتمر التاسع عشر للسير على طريق تأسيس جيش قوي ذو خصائص صينية. كما أن طريق تحديث جيش التحرير الشعبي سيظل دائما قيد التقدم ولن يتوقف أبدا.
إن الدفاع الحازم عن السيادة الوطنية والأمن الوطني يعد رسالة الجيش الشعبي، وصون السلام العالمي يعد مساهمة فريدة تقدمها الصين للعالم.