غيوم الشك الحائمة حول استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية لم تحرز أي تقدم جديد يذكر. وعرض السفير الروسي لدى الأمم المتحدة يوم الخميس الموافق لـ 19 ابريل بالتوقيت المحلي على جميع أعضاء الدول الأعضاء في مجلس الامن فيديو لمقابلة مع طفل في 11 من عمره في سوريا ينفي شهادة سابقة له بأنه أحد المصابين في الهجوم المزعوم، والتي أدلى بها عبر فيديو صورته منظمة معروفة بـ"الخوذ البيضاء"، وقال والد الطفل، إن ابنه حصل مقابل مشاركته في تصوير "الهجوم الكيميائي" على "طعام"، مؤكدا أن ابنه كان في حالة صحية جيدة، وأن الفيديو غير صحيح.
المخزن الكيمائي
شنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا يوم 14 ابريل الجاري غارات جوية ضد سوريا، بحجة استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيمائية. والجدير بالذكر أن من قدم المعلومات ذات الصلة هي منظمة تعرف باسم "الخوذ البيضاء"، وتشتهر هذه المنظمة بالتظاهر.
” الخوذ البيضاء “الاسم الكامل لمنظمة الدفاع المدني السوري تعمل في الاحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب في سوريا. ووفقا لموقها الرسمي، فإن مهمتها الرئيسية هي انقاذ المزيد من الأرواح في أقصر وقت ممكن، والتقليل من الاضرار التي تلحق الناس والممتلكات. وفقا لدراسة استقصائية أجراها الصحفي البريطاني فان نيسي بيلي عام 2016، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا الجهات الرئيسية الممولة لـ " الخوذ البيضاء".
اشتهرت "الخوذ البيضاء" لأول مرة خلال انقاذ الفتى السوري عمر في عام 2016. حيث ظهر عمر في الصورة بشعر متشابك، والدم يغطي عينه اليسرى، يرتدي ملابس خشنة وحافي القدمين. وقد كسبت الصورة تعاطف العالم واثارت الاتهامات ضد الحكومة السورية والروسية. ومع ذلك، شهد الحادث انقلابا دراماتيكيا في النهاية. حيث كشف والد عمر في مقابلة مع وكالة الانباء السورية عن أن مجموعة من الناس اخذوا عمر بعيدا عن الانفجار لتصويره. ونقلت صحيفة الشعب اليومية عن والد عمر مؤخرا قائلا:" لا اعرف من المتسبب في الانفجار حتى الان، يبدوا ان " الخوذ البيضاء" القى الاهتمام بالتقاط الصورة فقط".
ويحدث نفس الشيء بعد عامين. حيث قصفت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا سوريا بتهور دون التأكد من استخدام الاخيرة الاسلحة الكيميائية بالفعل. وفي أقل من أسبوع بعد التفجير، ذكر الطفل السوري أن كل شيء كان مفبرك. وأشارت ريهام دالاتي منتج الاخبار الدولية في هيئة الاذاعة البريطانية التي طالما كانت تدعم المعارضة السورية وتعارض حكومة الاسد في تويتر الى أن اتهام الولايات المتحدة وبريطانيا باستخدام نظام بشار الاسد للأسلحة الكيميائية لتسميم الاطفال كذب.
وأفادت "وكالة انباء فارس" يوم 11 ابريل الجاري أن قوات الحكومة السورية اكتشفت " قاعدة أفلام" تابعة لمنظمة " الخوذ البيضاء". كما عثرت القوات على كاميرات ومعدات انتاج أفلام في مكان الحدث. وذكرت القوات الحكومية أن القاعدة استخدمت لتصوير غارات جوية وهجومات كيميائية.
حتى الآن، لم يتم العثور على اي أدلة تدل على استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية، ويبدو أن استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية أصبح مثل ما يقال: "الكل يتكلم، الحقيقة مجهولة".
غطرسة غربية
بغض النظر عمن وراء تحريض على الأحداث الكيمائية، إلا أنه في ظل عدم امتلاك المجتمع الغربي على ادلة قاطعة أصبح الهجوم الغربي على دول ذات سيادة بدون ادلة واقعة يجعل الناس يشعرون بغطرسة غربية. وفور وقوع الحادث، تشير الاتهامات الموجهة الى روسيا الى وجود أزمة ثقة كبيرة بين الغرب وروسيا.
اشار لي يونغ هوي باحث في معهد أبحاث في شؤون اوروبا الشرقية واسيا الوسطى التابع لأكاديمية صينية للعلوم الاجتماعية إلى أن الثقة المتبادلة بين الغرب وروسيا اختفت بالكامل. وأن انتهاء حادث الهجوم الكيماوي في سوريا بدون نتائج، لا يعني انتهاء الاحتكاكات، حيث ان الافتقار للثقة يجعل شرارة صغيرة تشعل النار مرة أخرى مستقبلا.
كما يوافق تشي هاو باحث مساعد في معهد الدراسات الأمريكية للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية الرأي. ويعتقد أن الثقة المتبادلة بين الولايات المتحدة وروسيا هي صفر. وأن عدم احتكاك الولايات المتحدة وروسيا في القضية السورية لا يعني انهما لا يحتكان في قضايا اخرى. كما أن توافق استراتيجي معين بين الولايات المتحدة وروسيا جعل عدم حدوث احتكاك مباشر، ولكن من الصعب تحديد العودة الى فترة الحرب الباردة.
تستمر العلاقات بين روسيا والغرب في التدهور منذ أزمة القرم. وقال تشي هاو أن نهاية الاحتكاك بين الولايات المتحدة وروسيا لن تشبه القضية السورية، بالرغم من أن ترامب لا يستعد لمواجهة روسيا مباشرة بشأن قضية القرم.