مقالة : أول حوار للحزب الشيوعي الصيني مع الأحزاب العالمية... نافذة للعالم على الصين في العصر الجديد

بكين 30 نوفمبر 2017 /يجتمع الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب عالمية في أول حوار رفيع المستوى بينهم ينطلق اليوم (الخميس) في بكين. ويلقى ساسة وأكاديميون من الدول العربية لمحة على الإنجازات التي قد تنتج عن هذا الحدث، متطلعين إلى أن يتقاسم الحزب الحاكم في الصين معهم أفكاره ومفاهيمه حول الحوكمة والإدارة التي يمكن أن تكون محط دراسة واستفادة من دول العالم وخاصة النامية منها.

فمن المقرر أن يعقد الحوار خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 3 ديسمبر تحت شعار "بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية وعالم أفضل: مسؤولية الأحزاب". وسوف يلقي الرئيس الصيني شي جين بينغ،الذي يتقلد أيضا منصب الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، كلمة رئيسية خلال مراسم الافتتاح غدا الجمعة.

وسيشارك في هذا الحوار قادة نحو300 حزب ومنظمة سياسية من حوالي120 دولة لحضور سلسلة من الاجتماعات والأنشطة والمنتديات حول النظريات الحزبية ورؤى المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني. ومن المتوقع أن يصبح الحوار نافذة يطلع منها العالم على كل الإنجازات التي حققتها الصين واتجاه تنميتها إنطلاقا من المؤتمر الوطني الـ19 للحزب.

-- كشف ملامح الصين في العصر الجديد

يأتي الحوار في توقيت بالغ الأهمية حيث انعقد المؤتمر الوطني الـ19للحزب الشيوعي الصيني بنجاح في أكتوبر الماضي وأنتج سلسلة من الثمار الجديدة مثل أفكار شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد.

وفي هذا الصدد، قال نبيل المريرى المحلل السياسي من الدوحة إن الصين دخلت عصرا جديدا برؤى اقتصادية وتنموية جديدة تتميز بالانفتاح دون التضحية بالقيم الاجتماعية وكذلك بتحقيق العدالة والإنصاف وتعزيز الحكم الرشيد.

وأشار صباح الشيخ المحلل السياسي العراقي إلى أنه في ظل تأكيد المؤتمر على ضرورة الانفتاح نحو العالم ووضع تصوراته لسياسة الصين المستقبلية خلال المرحلة المقبلة، فإن هذا الحوار يكتسب أهمية كبيرة واستثنائية بالنسبة للجانب الصيني وقادة أحزاب العالم المشاركة حيث سيطلع هؤلاء القادة على الإنجازات الصينية ميدانيا وطموحات الصين الى مواصلة التطوير والتقدم ويتعلمون منها لنقلها إلى دولهم، كما سيستفيد قادة الحزب الشيوعي الصيني في الوقت ذاته من أفكار قادة أحزاب العالم حول التنمية والحوكمة.

كما ذكر الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي إلياس العماري أن الحوار يعد مناسبة مميزة بالنسبة إليه شخصيا وإلى حزبه، قائلا "سوف أستفسر على بعض القرارات التي خرج بها المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي الصيني، كما أنه سيكون فرصة لتبادل وجهات النظر بين قادة الحزب الشيوعي الصيني وقادة الأحزاب الأخرى العالمية"، مشيراً إلى أن الموضوعات العديدة التي تناولت قرارات المؤتمر ومنها على سبيل المثال حماية البيئة ومواجهة الإرهاب ومحاربة الفقر تهم كل الأحزاب والشعوب في العالم.

-- دراسة تجربة الصين في التنمية والحوكمة الذاتية

كما ذكر العماري أن الحزب الشيوعي الصيني استفاد منذ تأسيسه إلى اليوم من ثقافة الأمة الصينية وتاريخها وحضارتها،واستطاع الدمج بين الماركسية والمبادئ الاشتراكية وبين هذه التقاليد والثقافة العريقة، وتمكن طوال هذه المدة من تحويل التراكمات إلى مدرسة سياسية وإيديولوجية قائمة في العالم، وبفضل هذه التجربة وهذه التراكمات أصبح الحزب نموذجاً في الحكم الجيد وفي التدبير الناجع لكل الإشكاليات والقضايا الإيديولوجية والسياسية والتنظيمية.

ومن ناحية الإدارة الحزبية،تابع العماري قائلا إن انضباط الحزب الشيوعي الصيني ينبثق عن عادات وتقاليد الأمة الصينية ونظرية الحزب الشيوعي الصيني التي تحترم القانون، فأصبح نموذجاً ومن خلاله يفهم العالم التطور الدائم للحزب وأمة الصين العظيمة.

أما من ناحية التنمية، فرأى نبيل المريرى أن تجربة الصين تستحق الدراسة ولاسيما في مجال الاقتصاد والتنمية الذي استطاعت فيه الصين تحقيق منجزات معجزة بالنظر إلى الظروف التاريخية التي مرت بها.

واتفق معه صلاح عدلي رئيس الحزب الشيوعي المصري الذي يحضر أيضا الحوار، قائلا إن أبرز إنجازات الحزب الشيوعي الصيني خلال الأعوام الخمسة الماضية تمثلت في محاربة الفساد ومحو الفقر ومواجهة التلوث وتحقيق نقلة في مستوى معيشة المواطنين الصينيين، وأضاف "أن تجربة الصين في التنمية مهمة، صحيح أن ظروفها تختلف عن ظروفنا في مصر، لكن لها جوانب كثيرة يمكن أن نستفيد منها في مصر"، خاصة أن"هذه التجربة نقلت الصين إلى دولة كبرى وعظيمة"، معرباً عن أمله في فهم هذه التجربة بصورة أعمق خلال الحوار.

-- "الحزام والطريق" و"بناء مجتمع ذي مصير مشترك"

وحول عنوان الحوار "بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية وعالم أفضل"، قال رئيس الحزب المغربي إنه حقا عنوان كبير للحوار بين الحزب وبين القادة السياسيين. كما إنه عنوان جديد يدل على أن الحزب الشيوعي الصيني قد دشن مرحلة جديدة في البناء التنظيمي بمضمون إنساني.

وفي ظل هذه الجهود، لفت بسام أبو عبد الله أستاذ العلاقات الدولية بدمشق إلى أن الحزب الشيوعي الصيني نجح فيما فشل فيه الآخرون واستطاع أن يحقق بتجربته الرائدة فوائد كبيرة لشعوب العالم، مشيراً إلى انتقال مشروعات تقودها الصين باتجاه العالمية وأبرزها مبادرة الحزام والطريق. وهي مشروعات لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، وإنما تتطرق إيضا إلى النواحي الاجتماعية والتعليمية والثقافية والفكرية وتحتاج إلى دراسة معمقة.

"إننا نتطلع إلى الصين كشريك مهم في دفع نمو الاقتصاد الكويتي وخاصة أن الكويت على طول الحزام والطريق"، هكذا قال يوسف العميري رئيس لجنة الصداقة الكويتية- الصينية، مشيراً إلى أن اللجنة وقعت خلال زيارتها لبكين مؤخرا بروتوكول تعاون مع مؤسسات مشاريع صغيرة ومتوسطة لدعم هذه المشاريع بالكويت، كما فاوضت مع شركة (باك) للسيارات لفتح سوق للسيارات الكهربائية في الكويت.

وحول الحوار، قال العميري إن هذه المناسبة تمثل عملا مشتركا للنهوض في إسعاد البشرية وخلق عالم جميل، مؤكداً على الدور الرائد للحزب الشيوعي الصيني خلال هذه العملية وقائلاً"إننا نتطلع إلى نتائج هذا الملتقى".