يتشاطرها معكم: عباس جواد كديمي
يمكن القول إن في السفر فوائد جمة، ولعل أبرزها الترويح عن النفس في ظل ضغوط العمل اليومي، وإمتاع العين بجمال طبيعي لم تره من قبل، والاسترخاء الجسدي والذهني، والتمتع بخدمات سياحية عالية المستوى، وصحبة أناس متقاربين معك رغم اختلاف مواطنهم الأصلية، وكذلك اكتساب المعرفة والفائدة.
لقد سمعنا الكثير عن المثل القائل إن في السفر سبع فوائد، ومنهم من يزيد على السبع، فوائد أخرى، ومنهم من يذكر إيجابيات السفر، ويذكر معها بعض السلبيات. ولكن، في الحقيقة، ما شهدناه في سفرة جرت مؤخرا، وقبلها عدة سفرات من نفس النوع، وتنطبق عليها نفس الفوائد أعلاه، جعلنا نحتفظ بذاكرتنا بفوائد السفر، ونتجاهل أية سلبية قد تظهر، وفي الحقيقة لم تظهر، أو أنها لا ترتقي لمستوى صفة سلبية.
لقد لمسنا ذلك عدة مرات، والفضل بعدم وجود ولو سلبية واحدة، يعود إلى كرم ودقة التنظيم للجهة المنظمة للسفرات الترويحية للخبراء الأجانب العاملين في الصين بكافة المجالات. وهذه الجهة المنظمة هي مصلحة الدولة الصينية للخبراء الأجانب. إنها حريصة على مدى أكثر من عقد مضى، على تنظيم مثل هذه السفرات للترويح عن الخبراء الأجانب العاملين ضمن إطارها، وتقديم مثل هذه السفرات كتعبير عن الامتنان للخدمات التي يقدمها هؤلاء الخبراء وجهودهم على مدى العام بأكمله. واعترافا بهذه الجهود، تنظم المصلحة سفرات 5 نجوم، فيها كرم واضح، بحيث ينطبق عليها فعلا عبارة استراحة واستجمام واسترخاء تام مدلل. في كل عام، خاصة بالصيف، تتم دعوة مجموعات من الخبراء الأجانب، يتم تنظيمهم في رحلات سياحية، ربما 50 خبيرا لكل مجموعة، مع عائلاتهم، وتذهب كل مجموعة على حدة، وبأوقات متفرقة، لزيارة مقاطعة صينية معينة (في الصين 34 مقاطعة)، وقضاء فترة أسبوع أو أكثر بقليل، فيها للتمتع بالإقامة بفندق 5 نجوم، وزيارة مواقعها السياحية والتراثية والثقافية، والمرافق الهامة الأخرى مثل المتاحف والجامعات والمزارع والمصانع المميزة بإنتاج عصري حديث. جميع الخبراء الأجانب يتمتعون بدعوة مصلحة الخبراء الأجانب بالصين، ولكن لا يمكن أن يذهبوا كمجموعات في نفس الموسم السياحي الصيفي أو الخريفي، لأن عددهم يقدر بمئات الألوف يعملون بشتى المجالات في الصين حاليا.
لقد تمتعنا- عائلتي وأنا- بسفرة هذا العام، ولأنني أشعر بمتعة أكبر عند تشاطر ما رأيته مع الأصدقاء القراء العرب، فيسعدني أن أعبر عما رأيته من جمال طبيعي وحسن ضيافة واستقبال، في هذا المقال المتواضع، عسى أن تعم فوائد السفر على الجميع، والله سبحانه من وراء القصد.
مقاطعة يوننان جمال طبيعي وتنوع ثقافي بارز
رحلتنا هذه المرة كانت في مدينتين تابعتين لمقاطعة يوننان جنوب غربي الصين. هذه المقاطعة مشهورة بمواردها السياحية الوافرة بفضل الجبال الشاهقة المكسوة بخضرة غابية كثيفة، والقمم الثلجية في الشتاء، وكذلك الأنهار والبحيرات الصافية والتنوع البشري الثقافي والعرقي الذي يكاد يجمع معظم القوميات الـ56 بالصين. المدينتان هما ليجيانغ ودالي، وكل منهما تتميز بمناظر طبيعية رائعة وسكان ودودين كرماء حيويين، وتراث يأخذ المرء في رحلة حنين لماضٍ عريق، ومعالم عصرية واضحة تتجسد في العمارة الحديثة والمرافق السياحية المتطورة، والأساسات القابلة للمزيد من التطوير.