البلدة القديمة في دالي
كانت هذه البلدة حاضرة اقتصادية وثقافية لمقاطعة يوننان في ماض غير بعيد جدا، أي نحو 700 سنة. تقع إلى الغرب من جبل كانغشان وإلى الشرق من بحيرة إرهاي، وهذا يوفر لها مزايا فريدة جمالية وثقافية وتنوع عرقي بكل خصائصه من لباس وعادات وتقاليد، بما يجعلها مدينة تاريخية وثقافية رائعة. قديما، انتهج البلاط الملكي لمملكة دالي، سياسة الانفتاح التجاري والثقافي على الجيران وعلى الدول في جنوب شرقي آسيا ومنها إلى أوروبا، فانتعشت التجارة على "طريق الحرير الجنوبي"، وطريق قوافل الخيول الناقلة للشاي. وعلى هذا الأساس، أطلق المؤرخون على دالي تسمية "العاصمة القديمة في مفترق طرق الثقافات الآسيوية". كل هذه الخصائص تنعكس بوضوح في البلدة القديمة لدالي كموقع تاريخي وتراثي، الأمر الذي جعلها تحظى بالحماية على المستوى الوطني بالصين.
جبل كانغشان
إنه موقع جيولوجي وطني وعالمي مهم جمالا وتنوعا إحيائيا، ونوعية صخور عمرها التكويني يعود لمليوني سنة؛ مساحته 933 كم2، وفيه الكثير من الحيوانات والنباتات، وفيه 19 قمة و18 جدولا رقراقا، الأمر الذي جعله ضمن شبكة المواقع الجيولوجية العالمية عام 2014 وضمن مواقع التراث الطبيعي العالمي في قائمة اليونيسكو. أعلى قمة فيه هي مالونغ، يصل ارتفاعها لـ4122 متر فوق مستوى سطح البحر، والسحب المتحركة فوق الجبل وتحت قممه تتغير ألوانها بشكل رائع مثل قوس قزح، عدة مرات باليوم الواحد. يتمتع السياح فيه بعربات كيبلية طولها 5555 مترا، ولارتفاع أفقي يصل إلى 1648 مترا، وهو الخط الكيبلي الأطول في الصين حتى الآن. الأمر الظريف الذي حدث لنا خلال زيارتنا للجبل هو أنه رغم أننا في أغسطس، آب اللهّاب، ولكن الجو في دالي كان منعشا عموما: مقبول نسبيا في النهار، متغير إلى بارد ليلا. الإدلاء السياحيون نصحونا قبل فعالية صعود هذا الجبل، بأن نجلب ملابس قطنية سميكة نوعا ما معنا، فاستغربنا الأمر! ولكن عند الصعود إلى ارتفاع 3966 مترا فوق مستوى سطح البحر، وهو الارتفاع المسموح صعوده، فوجئنا بأن الحرارة تنخفض إلى نحو 3 درجات مئوية تقريبا، والهواء البارد المضبب يلسع وجوهنا! ولحسن الحظ ، أن المرافق السياحية بالجبل، توفر معاطف سميكة طويلة للوقاية من تلك الأجواء العجيبة الغريبة، فسارعنا لارتدائها.
وإذا عُرف السبب زال العجب من نصيحة الإدلاء السياحيين!
بحيرة إرهاي
إنها البحيرة الأم لأبناء دالي، وهي لؤلؤة شاعرية غالبا ما يأتي ذكرها مع مقطع بيت شعري يقول "القمر الفضي فوق بحيرة إرهاي، والنسيم العليل يداعب أزهار الكاميليا والأوركيد ويحمل عطرها معه". مساحتها 250 كم مربع ولها إمكانية تصريف مياه تصل إلى 2565 كم مربع. هذه البحيرة من المعالم البارزة في محافظة دالي، واسمها إرهاي يعني باللغة الصينية، الأذن، أي أنها شكلها يشبه الإذن. إنها مركز دالي ومحورها، وهذا المركز مهم ماديا ومعنويا بحيث يبدو أن كل شيء يدور حول محور البحيرة! وبالفعل، كل المباني والساحات والمزارع والخضرة والأنظار، تتجه نحو هذا المركز الحيوي! في النهار تبدو مثل مرآة ناصعة تتلون مع طيف الشمس، وفي المساء يلفها هدوء ساحر، وفي الليل تتلألأ بالأضواء بمختلف الألوان. إنها ممتعة فعلا!