بعثت قمة مجموعة العشرين، التي اختتمت أعمالها للتو، بإشارة إيجابية بأن الاقتصادات الكبرى في العالم، والتي تعد الصين طرفا فيها، ستدفع باتجاه النمو "المترابط" وتعزيز التعاون الاقتصادي وتحسين الحوكمة العالمية.
وجاءت قمة هامبورغ، التي عقدت تحت عنوان "تشكيل عالم مترابط"، في وقت شهد فيه الاقتصاد العالمي أفضل أداء منذ الأزمة المالية في عام 2008.
واعتبر العديد من أعضاء مجموعة العشرين أن الأفكار والمبادرات الصينية، التي عبر عنها الرئيس شي جين بينغ في خطاباته في قمة هامبورغ وفي المناسبات الدولية الأخرى منذ عام 2013، بمثابة قوة رئيسية لقيادة النمو العالمي المترابط وتعزيز الرخاء المشترك.
وانطلاقا من بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، طرح الرئيس شي في هامبورغ مجموعة من الأفكار حول ضمان نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل، وفقا لروح قمة هانغتشو التي جرت العام الماضي.
وأشار إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لأن "الاقتصاد العالمي ما زال يعاني من مشاكل عميقة الجذور ويواجه العديد من الشكوك والعوامل المزعزعة للاستقرار".
ومن أجل بناء اقتصاد عالمي أكثر انفتاحا وتحقيق نمو اقتصادي عالمي أكثر شمولا، اقترح شي أن تدعم مجموعة العشرين النظام التجاري المتعدد الأطراف وأن تظل ملتزمة بالانفتاح والمنفعة المتبادلة من أجل زيادة حجم "الفطيرة" الاقتصادية العالمية.
وحول تعزيز الشمول، قال الزعيم الصيني إن أعضاء مجموعة العشرين بحاجة إلى تعزيز التآزر بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية ومعالجة عدم التوافق بين رفع مستوى الصناعة والمعارف والمهارات وضمان وجود عملية توزيع للدخل تكون أكثر عدالة.
كما أكد الرئيس الصيني على الحاجة إلى تحسين الحوكمة الاقتصادية العالمية، وحث أعضاء مجموعة العشرين على تعزيز تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي وتجنب المخاطر في الأسواق المالية.
وفي مواجهة البيئة الاقتصادية العالمية الجديدة، تضمن بيان قمة هامبورغ العديد من أفكار الرئيس شي والتوافقات التي تم التوصل إليها في قمة هانغتشو العام الماضي.
وجدير بالذكر أنه بالمقارنة مع العام السابق يظهر الاقتصاد العالمي علامات إيجابية ولكن ما تزال هناك مخاطر.
ولا تظهر الموجة المناهضة للعولمة أي علامات على الانحسار، كما تستمر الحمائية التجارية والانعزالية في اكتساب زخم، بينما ما يزال خطر الإرهاب حاضرا على نطاق واسع.
كما يواجه العالم أيضا عددا كبيرا من التحديات المشتركة مثل التشرد والفقر والجوع والمشاكل الصحية والبطالة وتغير المناخ وأمن الطاقة والتفاوت في التنمية، مما يقوض استقرار واستدامة الاقتصاد العالمي.
وفي عالم مترابط على نحو متزايد، لم يعد بالإمكان معالجة هذه التحديات من قبل إحدى الدول بصورة منفردة.
وتعطي الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مصداقية لالتزامها الدولي.
وبما أن الأفعال أبلغ من الأقوال، فإن الصين منخرطة بنشاط في تنفيذ التزاماتها الخاصة، حيث تقوم بترجمة التوافق السياسي إلى قوة دافعة للإصلاح والتنمية.
ومن الأمثلة على ذلك أن الصين أخذت زمام المبادرة في معالجة الطاقة المفرطة في إنتاج الصلب.
ومع تنفيذ إصلاح جانب العرض دون هوادة، فإن النمو الاقتصادي للصين يسير على مسار مستقر. وسيغدو التحول والارتقاء باقتصاد الصين محركا قويا للاقتصاد العالمي.
كما تعمل الصين أيضا بنشاط على تعزيز وتنفيذ مختلف التوافقات السياسية في إطار مجموعة العشرين. وذكر تقرير بحثي أنه تم حتى الآن تنفيذ 80 في المائة من الإجماع الذي تم التوصل إليه في قمة هانغتشو وهو ثاني أعلى معدل منذ قمة مجموعة العشرين الأولى التي جرت فعالياتها في عام 2008.
ووفقا لخطة عمل هامبورغ لمجموعة العشرين، فإن الصين ستتخذ المزيد من الإجراءات لتحسين بيئة أعمالها وتعزيز تسهيل الاستثمار والتخفيف من العبء على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وكما أكد الرئيس شي مجددا في قمة هامبورغ، فإن مفاهيم مثل الانفتاح والتعاون والنتائج التي تعود بالربح على الجميع والتشاور المشترك والبناء المشترك وتقاسم الدعوة في مبادرة الحزام والطريق تتفق مع روح الشراكة لمجموعة العشرين، حيث تعد مكملة لبعضها البعض ويمكن أن تعزز معا التنمية الاقتصادية العالمية.
وتهدف مبادرة الحزام والطريق، التي اقترحها الرئيس شي في عام 2013، إلى بناء شبكة من التجارة والبنية التحتية التي تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا على طول الطرق التجارية القديمة لطريق الحرير. وهي تضم الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ 21.
وانطلاقا من نقطة انطلاق جديدة، سوف تلعب الصين دورا قياديا أكبر في تشكيل عالم مترابط.