تعليق: أزمة قطع العلاقات مع قطر أضرت بمختلف الأطراف

أعلنت كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين في 5 يونيو الماضي بشكل مفاجئ قطع علاقاتها مع قطر، متهمة الأخيرة بدعم الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وفي 23 يونيو، قامت الدول الأربعة بإبلاغ قطر بـ" 13 مطلبا" عبر أمير الكويت لحل الأزمة، وأعطت قطر مهلة بـ10 أيام للرد. وبعد مرور شهر على اندلاع الأزمة، عقد وزراء خارجية الدول الأربعة في 5 يوليو الجاري اجتماعا في القاهرة أصدروا خلاله بيانا مشتركا، عبروا فيه عن عدم رضاهم عن رد قطر على "المطالب الـ 13".

العقوبات سلاح ذو حدين

قررت الدول الأربعة بزعامة السعودية منذ اليوم الأول للأزمة تنفيذ حصار ومقاطعة لقطر، تسببت في خسائر لايستهان بها بالنسبة للأخيرة. حيث تراجعت سوق الأسهم القطرية في اليوم الأول بـ 7.06%، و8 يونيو وصلت خسائر البورصة القطرية إلى 35 مليار ريال قطري. ويقدر بعض المحللين الإقتصاديين الخسائر القطرية الناجمة عن الحصار الجوي والبحري والمقاطعة الإقتصادية والإرتفاع المشطّ لأسعار السلع بـ 30 مليار دولار.

لكن هناك خبراء يرون بأن قطر تمتلك وفرة كبيرة من السيولة، ولديها القدرة على مواجهة الطوارئ. في هذا الصدد، تشير بيانات الغرفة التجارية القطرية إلى ان حجم ثروة صندوق الثروات السيادية القطرية قد بلغ 335 مليار دولار، كما تمتلك قطر احتياطي من النقد الأجنبي يبلغ 43.6 مليار دولار. وهو ما يمتيح لقطر استيراد ماتريده من السلع من خارج دول الحصار.

لكن قطر ليست المتضرر الوحيد، فدول مجلس التعاون بصفتها شركاء اقتصاديين مهمين بالنسبة لقطر، تأثرت اقتصاداتهم بأزمة قطع العلاقات أيضا.

تظهر الإحصاءات أن حجم التجارة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى، قد بلغ 38.4 مليار ريال في عام 2016. وهو ما يمثل 84% من حجم التجارة القطرية مع الدول العربية، و 12% من اجمالي حجم التجارة الخارجية القطرية. في هذا الصدد يقول الخبير الإقتصادي القطري عبدالله صالح، بأن أزمة قطع العلاقات قد ألحقت بالفعل أضرارا على الإقتصاد القطري، لكنها في ذات الوقت ألحقت أضرارا بالدول المقاطعة، بعدما توقفت صادراتها إلى قطر.

تجدر الإشارة إلى أن الغاز القطري يمثل قرابة 40% من حجم الإستهلاك الإماراتي، كما تستورد شركات الطاقة الحكومية الإماراتية الغاز الطبيعي من قطر وتصدره الى أمريكا وعمان ودول أخرى. لذلك، لاشك في أن انقطاع العلاقات بين البلدين قد تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة بالنسبة للإمارات أيضا.

أما مصر التي تعد أحد أطراف أزمة قطع العلاقات، فقد شهدت هي الأخرى أضرارا إقتصادية فادحة بسبب قطع الرحلات البرية والجوية والبحرية مع قطر. وتعد قطر تاسع أكبر مستثمر في مصر، ووفقا لبيانات وزارة الصناعة والتجارة المصرية، فقد فاق حجم الإستثمارات القطرية في النفط والبنية والتحتية وغيرها من المجالات في مصر 5 مليارات دولار. ويذكر حجم التبادل التجاري بين البلدين قد بلغ 325 مليون دولار في عام 2016، من بينها 282 مليون دولار كصادرات مصرية إلى قطر. ويبلغ عدد المصريين في قطر في الوقت الحالي 320 ألف مواطن، ويمثلون مصدرا مهما للتحويلات بالعملة الأجنبية بالنسبة لمصر. وقد تسببت أزمة قطع العلاقات في إثارة مخاوف كبيرة لدى المصريين المقيمين بقطر، خشية ترحيلهم إلى بلدهم. مايعني بأن ترحيلهم قد لايتسبب في فقدانهم وظائفهم فحسب، بل سيؤثر بشكل كبير على الإحتياطي المصري من النقد الأجنبي.

تعد البحرين مصدرا مهما للطاقة بالنسبة لقطر. ورغم أن قطر تنتج الغاز والنفط، إلا أن وارداتها من الغاز والديزل وغيره من المنتجات النفطية تأتي من البحرين. لذا فإن قطع المبادلات التجارية مع قطر سيخلف أضرارا إقتصادية كبيرة بالنسبة للبحرين التي تعتمد بشكل أساسي على تصدير المنتجات النفطية.