قال أنتوني سايتش، وهو خبير أمريكي بارز مختص بالصين، لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة جرت معه مؤخرا، إنه رغم الإمكانات الهائلة للتعاون بين الولايات المتحدة والصين، فإن الافتقار إلى الثقة المتبادلة وسوء الفهم المتجذر منع البلدين من التقدم في مجال التجارة، فضلا عن مسائل أخرى.
وأفاد سايتش، مدير معهد آش كارتر للحوكمة الديمقراطية والابتكار، وأستاذ الشؤون الدولية في كلية كيندي للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد، إنه يرى أن هناك ثلاثة أمور شائعة يسودها سوء فهم في الولايات المتحدة حيال الصين، مما أسهم في انعدام الثقة.
الأول يتعلق بالنمو الكبير للصادرات الأمريكية إلى الصين خلال السنوات الـ 15 الماضية، والتي غالبا ما يتم تجاهلها أو تقليلها من قبل السياسيين الأمريكيين الذين يسعون إلى خلق انطباع بأن الصين تغمر الأسواق الأمريكية بسلعها المصنعة.
وقال "لقد أطلعت على بعض الأرقام مؤخرا، حيث أن الصادرات الأمريكية إلى الصين ارتفعت بنسبة 500 في المائة منذ أن دخلت الصين منظمة التجارة العالمية، وهو أمر معاكس للخطاب المعتاد".
أما الثاني فهو النظرة التبسيطية للاختلال التجاري بين الولايات المتحدة والصين والمستند فقط إلى أرقام التجارة.
ولفت سايتش إلى أن "الأمر يتعلق بكيفية حسابك للتجارة. وهناك الكثير من ما يتم تصديره من الصين يحمل قيمة مضافة حقيقية للشركات الأمريكية"، مضيفا أن "الاستثمارات الأمريكية في الصين متكاملة عالميا أكثر بكثير من الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة في الوقت الراهن".
وتقوم الاستثمارات الأمريكية في الصين بـ "لعب دور مهم في الاقتصاد الأمريكي، وتعتبر جزءا هاما من سلسلة الإنتاج العالمية، وهذا ليس هو الحال مع الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة .. إذ أنها تعتبر أكثر بكثير من مجرد شراء لمرة واحدة لمبان تمت المبالغة في تقدير أسعارها أو شراء شركات تمت المبالغة بشكل كبير في تقدير أسعارها".
وقال الخبير إن الاعتقاد الخاطئ الثالث الأكثر شيوعا في الولايات المتحدة إزاء الصين ينبع من الخطاب الذي يروج لفكرة بأن الصين تسرق الوظائف الأمريكية.
وقال سايتش إن الشركات "الصينية لا تسرق الوظائف الأمريكية، بل التكنولوجيا هي من تسرق الوظائف الأمريكية. إذ أن ذروة قطاع التصنيع في الولايات المتحدة من ناحية العمالة كانت قبل أكثر من 50 عاما، وهي في تراجع منذ ذلك الحين، بالتالي فإن التكنولوجيا هي من تأخذ الوظائف وليست الصين".
وأشار سايتش إلى أن أكبر اقتصادين في العالم يكملان بعضهما البعض إلى حد كبير، حسبما ذكر العديد من النقاد.
وقال إنه على سبيل المثال، ذكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البنية التحتية باعتبارها جزءا رئيسيا من سياسته الاقتصادية، وتمتلك الصين خبرات واسعة في هذا الجانب، مضيفا أن "هذا المجال يمكن أن يكون مفيدا بشكل كبير للولايات المتحدة إذا ما تم تسهيله".
وقال "انظروا كم هي رهيبة خدمة السكك الحديدية المتفاوتة في الساحل الشرقي. لقد ذهلت عندما ذهبت إلى الصين وجربت أحد خطوط السكك الحديدية عالية السرعة. إنه أمر محرج العودة إلى خدمة السكك الحديدية في أمريكا، لذا فهي من المجالات التي أعتقد أنها مربحة للجانبين".
ويصادف يوم السبت مرور 100 يوم على ترامب في البيت الأبيض، وهناك بالفعل سيل من التقارير الإعلامية التي تستعرض أدائه كرئيس للولايات المتحدة خلال هذه الفترة. وكثيرا ما تكون الصين جزءا حاسما من هذه التقارير، الأمر الذي يسلط الضوء على حقيقة أن العلاقات الأمريكية الصينية هي العلاقات الثنائية الأكثر أهمية في العالم.
ووفقا لسايتش، فإن الاجتماع الأخير بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مار-إيه-لاغو قد يساعد على تقليل الريبة المتبادلة بين واشنطن وبكين.
وقال "أعتقد أن زيارة الرئيس شي كانت مفيدة جدا من ناحية التفاعل بين بعضهما البعض، و(قامت) بإرسال إشارة مفادها بأنه مهما كانت الاختلافات ، فنحن بحاجة إلى إيجاد وسيلة لإنجاح العلاقة".