باريس 20 أبريل 2017 /قال خبير بارز في السياسة الفرنسية في حديثه مع وكالة أنباء ((شينخوا)) قبيل الجولة الأولى من التصويت الأحد المقبل، إن كل السيناريوهات محتملة في الانتخابات الفرنسية التي تلوح في الأفق.
وقال الخبير مدني تشورفا الأمين العام لمركز البحوث السياسية بمعهد باريس للدراسات السياسية أن حالة عدم اليقين تعود إلى النسبة الكبيرة من الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم والذين يشكلون 34 بالمئة وفق استطلاع حديث.
وبحسب تشورفا، فإن الاقبال المتوقع أن يكون أضعف مما جرت عليه الحال في الانتخابات السابقة، هو أيضا أحد الأسباب التي تجعل هذه الانتخابات "غير مسبوقة".
وتابع تشورفا " أظهر الاستطلاع أن ما بين 72 إلى 77 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع، هم من قالوا إنهم سوف يصوتون، بينما المعدل المعتاد هو ما بين 78-80 بالمئة ."
واستشهادا بالانتخابات السابقة، قال تشورفا إن المعتاد أن يتضح الاتجاه العام في منتصف مارس، ليتصدر الصورة أبرز شخصيتين من المرشحين، لكن الحال غير ذلك في هذه المرة .
وتظهر استطلاعات الرأي أن مرشح الوسط إيمانويل ماركون، ومرشحة أقصى اليمين ماري لو بان ومرشح أقصى اليسار لوك ميلينشون ومرشح اليمين المحافظ فرانسوا فيلون، هم من يتصدرون المرشحين الذين يبلغ عددهم الإجمالي 11 مرشحا .
ومن المقرر أن ينتقل إلى جولة الإعادة، المرشحان الاثنان صاحبا أعلى الأصوات في الجولة الأولى، التي سوف تُجرى في 7 مايو. وفي حالة حصول مرشح على ما يزيد على 50 بالمئة من الأصوات في الجولة الأولى، فسوف يكون هذا المرشح هو الفائز دون جولة إعادة .
وقال تشورفا "هناك نزعة لدى الناخبين الفرنسيين وهي عدم التصويت لصالح مرشح معين، وإنما التصويت ضد مرشح معين، ما يعني أنهم ربما يصوتون لصالح أي مرشح فيما عدا المرشح الذي يعارضونه، الأمر الذي من شأنه بطبيعة الحال أن يزيد من حالة عدم اليقين".
وبحسب تشورفا فإن الانتخابات شهدت تغيرات في المشهد السياسي الفرنسي، حيث لم تعد الانتخابات معركة بين اليسار واليمين، بل أصبحت سباقا متقاربا بين الوسط وأقصى اليمين وأقصى اليسار واليمين المحافظ، مضيفا أن هناك إحساسا متزايدا بالتباعد بين الناخبين الفرنسيين والنُخب السياسية التقليدية.
وقال تشورفا "بحسب استطلاع أُجري مؤخرا، فإن 82 بالمئة من الناخبين الذين شملهم الاستطلاع قالوا إن النخب السياسية لا تقدم حلولا للمشكلات، ولكنها تتمسك فقط بمواقفها. وهذا الانفصال بين النُخب السياسية وواقع المشكلات يتجسد في تلك الانتخابات مع درجة عالية من عدم اليقين بين الناخبين."
وساق تشورفا المثال الخاص بصعود ميلينشون، موضحا أن ذلك يعود إلى موهبة ميلينشون كمتحدث، وإلى حقيقة أنه استطاع أن يستحوذ على مؤيدين لليسار التقليدي.
وقال تشورفا "إنه يحتل موقع مَن يتحدث بالنيابة عمن لا صوت لهم. وهذا ظل لفترة طويلة الدور الذي قام به جان- ماري لو بان، لتحل ابنته محله في القيام بالدور. ولكن هذه المرة، كان ميلينشون هو من نجح في تجسيد هذا الدور."
ولدى سؤاله عن الشعبوية المتنامية في الاتحاد الأوروبي، والتي تمثلها في فرنسا لو بان، قال تشورفا إن الشعبوية "على أبواب السلطة في النمسا وهولندا وربما في فرنسا."
وتابع أن "تنامي الشعبوية الآن في الاتحاد الأوروبي يمكن تفسيره بأن الاتحاد الأوروبي يلُام - بحق أو بغير حق- لعدم القدرة على حل مشكلة البطالة والأزمة الاقتصادية."
وأوضح تشورفا أن الكثيرين من الشعب الفرنسي لديهم "رؤية نبيلة" عن رسالة الاتحاد الأوروبي، لكن لديهم رأي سلبي فيما يخص أداءه." إن الذين يستفيدون من العولمة يرون في الاتحاد الأوروبي كيانا فاضلا، ولكن من لا يستفيدون يرون الاتحاد الأوروبي مسؤولا عن وضعهم الاقتصادي السيء."
وقال إن "المرشحين الشعبوين يرغبون في التخلص التام من الماضي ليعدوا بمستقبل جديد، غير آخذين في اعتبارهم تعقيدات الحقيقة."
وعن مصداقية استطلاعات الرأي، قال تشورفا إنه ينبغي التعامل معها بحرص لان "الاستطلاع مجرد صورة تم التقاطها في لحظة بعينها."
وتابع أن"استطلاعات الرأي لا تضع في اعتبارها الأشخاص غير المهتمين، لكن الحقيقة هي أن نسبة ال34 الذين لم يحسموا أمرهم بعد،هى التى سوف تقرر نتيجة الانتخابات ."