تسببت غارات جوية على مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب في شمال غرب سوريا التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة السورية يوم 4 ابريل الجاري في خسائر فادحة ، وظهور علامات التسمم بالاسلحة الكيميائية على القتلى والجرحى ، ما صدم المجتمع الدولي. وذكرت احد المنظمات الغربية أن الهجوم الذي يرجح انه كيميائي ادى الى مقتل 72 شخصا على الأقل، ويرجح أن يرتفع أكثر. وتعتقد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الغربية والمعارضة السورية أن حكومة بشار الاسد استخدمت الاسلحة الكيميائية، في حين أن الاخيرة نفت قطعا استخدام اي اسلحة كيمائية او سامة في مدينة خان شيخون في محافظة ادلب في شمال غرب سورية. وذكر الجيش الروسي أن قوات الحكومة السورية قصفت مستودع للذخيرة تابع للمعارضة المسلحة السورية، قد يؤدي إلى تسرب الغاز الكيمياوي. وستلقى هذه الحادثة بظلالها على عملية السلام في سوريا.
وفي ظل هذا الحدث الغامض، قدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدين الهجوم الكيميائي الذي استهدف بلدة خان شيخون في شمال غرب سوريا، عشية الاجتماع الطارئ، الذي يعقده المجلس يوم 5 ابريل بتوقيت نيويورك. وينص مشروع القرار، الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه، يدين استخدام اسلحة كيميائية في سوريا، ويطلب من لجنة التحقيق التابعة لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية التي لديها تفويض من الامم المتحدة ان تبدأ فورًا العمل لتحديد المسؤولين عن هذا الهجوم الكيميائي. كما يطلب مشروع القرار من النظام السوري ان يسلّم المحققين خطط الطيران، وكل المعلومات المتعلقة بالعمليات العسكرية التي كان يقوم بها حين وقع الهجوم. كما يتعيّن على النظام السوري ان يسلّم المحققين اسماء كل قادة اسراب المروحيات، وان يفتح امام المحققين القواعد العسكرية التي يمكن ان تكون استخدمت لشن الهجوم.
كما ذكرت وكالة فرانس برس عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية يوم 5 ابريل، إن موسكو ترفض مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في مجلس الأمن الدولي بشأن الضربة الكيميائية في بلدة خان شيخون السورية، حيث تعتبره غير مقبول، وضد سوريا، حيث لا يمكن تحديد المجرم مسبقا وقبل معرفة الحقيقة.
استخدمت الصين وروسيا في فبراير حق نقض الفيتو ضد قرار مجلس الامن الدولي بفرض عقوبات جديدة على دمشق بسبب الاتهامات المنسوبة إليها باستخدام اسلحة كيميائية. فهل تستخدم الصين حق الفيتو في مجلس الامن هذه المرة ايضا؟ ردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون بينغ عن هذا السؤال يوم 5 ابريل قائلة:" الصين تعارض بشدة استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي بلد تحت أي ظرف، وأن موقفنا واضح وثابت في هذا الشأن، وندعم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الأمم المتحدة في إجراء تحقيق يشمل جميع استخدام الأسلحة الكيماوية، ويجب أن تقوم النتائج على الأدلة الثابتة، لنتمكن من محاسبة جميع الجناة وإحالتهم للعدالة. لافتة الى ضرورة تركيز المجتمع الدولي على الحلول السياسية بشكل بناء للازمة السورية."
منذ بداية الصراع في سوريا، لم يتوقف ظهور "شكوك استخدام الأسلحة الكيمائية" مثل الشبح من وقت لأخر. في أغسطس عام 2013، وقعت هجمات بالاسلحة الكيميائية خطيرة بالقرب من العاصمة السورية دمشق، وقدرت الولايات المتحدة وقوع اكثر من 1400 قتيل من المدنيين. وبعد ذلك، تم تدمير جميع الاسلحة الكيميائية في سوريا تحت إشراف المجتمع الدولي.
قال احد خبراء الاسلحة الكيميائية لم يفصح عن هويته لصحيفة جلوبال تايمز يوم 5 ابريل ، انه وفقا للمنظمات الدولية ، فإن مرافق التخزين وتصنيع الاسلحة الكيميائية والمواد الخام في سوريا قد تم تدميرها تماما في عام 2014. وفي السنوات الاخيرة، الخلاف الرئيسي حول "استخدام الاسلحة الكيميائية" يتركز على استخدام خزان الكلور. حيث يعتبر الكلور نوعا شائعا من المواد الكيميائية المستخدمة في إنتاج حمض الهيدروكولوريك، وهو ليس سلاحا كمياويا بنفسه، لكنه يصبح سلاحا كيمياويا عند استخدامه لاغراض حربية. ترى من يستخدم الاسلحة الكميائية في سوريا ؟ قال الخبير، أن الصين ترى أن الادلة المقدمة حتى الآن غير كاملة، ولا تأمل أن تصبح سوريا عراقا ثانية. فقد ضربت الولايات المتحدة العراق في وقت مضى بحجة امتلاكها اسلحة الدمار الشامل، لكن بعد ذلك لم تجد الاسلحة ذات الصلة.
" أن إستمرار تقديم الدول الغربية ادلة لتاكيد اتهاماتها ضد الحكومة السورية باستخدامها الاسلحة الكيميائية ضد المدنيين، في الواقع هو من أجل اجبار بشار الاسد عن التنحي." قال سعيد لافندي باحث في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في صحيفة الاهرام المصرية في تصريح لجلوبال تايمز أن الاخبار الهجومية التي تناقلتها بعض وسائل الاعلام الغربية مباشرة بعد الاشتباه باستخدام الاسلحة الكيمائية في الهجمات الجوية، نقلتها المعارضة مباشرة دون تاكيد، وتم وضع جيش الحكومة السورية على راس المتهمين. ويعتقد سعيد لافندي أن الدول الغربية تأمل في أن تستخدم قضية الاسلحة الكميائية لضرب عصفورين بحجر واحد. أولا، ترغب في تحقيق المعارضة المسلحة السورية نكسات في ساحة المعركة. في العام الماضي، تدخلت الدول الغربية مطالبة طرفي الصراع في سوريا لوقف اطلاق النار فورا من أجل أهداف انسانية في الوقت التي كانت الحكومة السورية على وشك استعادة حلب المركز الاقتصادي. ثانيا، تحاول الدول الغربية استغلال هذه النقطة لافشال الاتصال بين روسيا والمعارضة السورية والمساعي الحميدة التي تبذلها لحل الصراع في سوريا.