بكين 14 مارس 2017 / إن مشاركة الصين في اجتماع بين دول وقعت على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ وكوريا الجنوبية يظهر مدى عزمها على تعزيز التجارة الحرة، وخاصة في وقت يشهد فيه تعافي الاقتصاد العالمي تباطؤ إلى جانب الحمائية المتزايدة.
ويعد الاجتماع، المزمع عقده يومي الثلاثاء والأربعاء في بلدة فينا ديل مار الساحلية في شيلي، أول اجتماع من نوعه بعد قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان انسحاب بلاده من اتفاقية التجارة الحرة التي تضم 12 دولة مطلة على المحيط الهادئ في يناير الماضي.
وأثار قرار الصين حضور الاجتماع تكهنات واسعة مفادها بأن بكين تحاول ترميم ما أحبطته الولايات المتحدة ومساعدة اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ على تفادي الانهيار.
في الواقع، إن أولئك الذين يعتقدون أن الصين تشارك في الاجتماع من أجل ملء فراغ جيوسياسي خلفته الولايات المتحدة أو المنافسة على مناطق نفوذ قد قاموا بإعطاء تفسير خاطئ وضيق الأفق لنوايا الصين.
إذ أن الصين دائما ما تتمسك بروح التجارة الحرة التي تحتضن الانفتاح والشمولية والمنافع المتبادلة. وما يجري أن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ تفتقر هذه السمات.
ولم يكن تعزيز التجارة الحرة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ أبدا جزءا من الحمض النووي لهذه الاتفاقية، التي أصبحت اتفاقية تجارية لخدمة مصالح ذاتية في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وكشفت اللحظة التي قررت فيها إدارة أوباما استبعاد الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم ودولة تجارية رائدة، من اتفاقية تجارية ضخمة مثل هذه بأن الرئيس الأمريكي حينها باراك أوباما قد كان أقل ما يكترث له هو تعزيز التجارة الحرة من خلال اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ.
ما كان يخطر حقا في بال أوباما هو احتكار حقوق إملاء قواعد التجارة في المنطقة لصالح التفوق الأمريكي، والتوفيق مع سياسته الخاصة بإعادة التوازن في آسيا، وهي إستراتيجية تهدف إلى احتواء الصين.
وفي تناقض واضح، تعمل الصين على بذل جهود لتعزيز ترتيبات تجارية إقليمية شاملة والمساهمة في تحقيق تكامل إقليمي.
ومن أجل تحقيق هذه الغاية، فإن الصين تعتبر مؤيدا قويا للمفاوضات حيال الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، وهو اتفاق يضم 16 عضوا في المنطقة، فضلا عن منطقة التجارة الحرة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ومن شأن هذه الاتفاقيات التجارية الشاملة أن تقلل من التشرذم الناجم عن العديد من اتفاقيات التجارة الحرة المنفصلة وغير الشاملة في المنطقة، من بينها اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ.
وتشير الجهود التي تبذلها بكين، إضافة إلى حضورها في اجتماع شيلي، إلى أن ما تهتم به الصين هو فقط العمل مع الدول الأخرى في المنطقة والعالم بأسره من أجل دفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي البطيء.
وضمن هذا المسعى، فإن العالم سيجد الصين شريكا جديرا بالثقة.