سيدني 14 مارس 2017 /قال الاقتصادي العالمي الشهير، جيم أونيل، والذي صاغ مصطلح "بريك" كاختصار لوصف مجموعة اقتصادات ناشئة كانت تضم حينها (البرازيل وروسيا والهند والصين)، قبل انضمام جنوب افريقيا إليها لتصبح "بريكس"، بأنه بوسع مبادرة الحزام والطريق الصينية أن "تغير تماما" التوقعات الاقتصادية العالمية نحو الأفضل.
وتحدث أونيل، الذي زار سيدني الأسبوع الماضي للمشاركة في منتدى اقتصادي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) مساء يوم الاثنين عبر الهاتف من مكتبه في لندن، حيث أشاد بعمل الحكومة الصينية في تنفيذ مبادرة الحزام والطريق.
وتهدف المبادرة، التي اقترحتها الصين في عام 2013، إلى بناء شبكة من التجارة والبنية التحتية تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا على طول مسارات طريق الحرير التجاري القديم.
ولفت الاقتصادي البارز إلى أن المبادرة تظهر تقدم الصين السريع نحو مركز الميدان الاقتصادي العالمي.
وقال أونيل "إنها واحدة من عدة تطورات تجارية إضافية محتملة تضيف ببساطة إلى وجهة نظري أن طبيعة التجارة العالمية تتغير بشكل كبير، وأن الولايات المتحدة لم تعد مهيمنة على نفس النحو الذي رأيناه من قبل".
وأضاف "أعتقد أن مبادرة الحزام والطريق لديها إمكانية أن تغير تماما من التوقعات الاقتصادية لتلك الدول التي تقع بين الصين وأوروبا، حيث ستنعكس على جميع الأشياء المثيرة المتعلقة بتطورات التجارة في الصين والعديد من الدول الأخرى".
وأوضح أونيل أن الصين "تهيمن" على التجارة العالمية، مسلطا الضوء على الإحصاءات الأخيرة الصادرة من أوروبا والتي تظهر أن الصين أصبحت الشريك التجاري المفضل لكثير من الدول الأوروبية.
وقال إن "أكثر إحصائية إثارة للاهتمام رأيتها حتى الآن في عام 2017 كانت بيانات التجارة الألمانية النهائية لكامل العام الماضي".
وتابع "إنها تظهر أن الصين أصبحت الشريك التجاري رقم واحد بالنسبة لألمانيا، إذا قمت بالجمع بين الواردات والصادرات، متجاوزة بذلك الولايات المتحدة وفرنسا".
ولفت أونيل إلى أن واحدة من "حقائق" هذه "الحقبة الجديدة" للتجارة هي أن الصين ليست فقط الشريك المفضل رقم واحد بالنسبة للدول التي تصدر سلعا أساسية، بل أيضا بالنسبة للدول التي تتخصص في السلع الفاخرة ومجموعة واسعة من الخدمات، معربا عن تصوره إقامة تعاون وثيق مع الصين من قبل الولايات المتحدة فيما يخص إنشاء علاقات تجارية مستمرة وقوية.
وقال أونيل إنه "مع قيام الصين برفع الدخل الأساسي، فإنها تمثل سوقا جيدة فعلا بالنسبة للولايات المتحدة من أجل تصدير بعض من أفضل منتجاتها وأفضل أعمالها التجارية إليها".
ولدى تحدثه عن تجاربه الخاصة في البرلمان البريطاني، أشار أونيل إلى أن التجارة الحرة تعتبر حاسمة لتنمية الاقتصاد العالمي، مسلطا الضوء على أن وطنه بريطانيا بحاجة إلى التواصل مع الشركاء التجاريين في جميع أنحاء العالم، وعلى وجه الخصوص الصين.
وقال الخبير الاقتصادي "أنا بالتأكيد أفكر في بريطانيا ما بعد البريكست (الخروج من الاتحاد الأوروبي)، أنه أمر حاسم للغاية أن تحاول تحسين علاقاتها التجارية مع مناطق مثل الصين وآسيا".
وأضاف "لقد كنت في الحكومة حتى سبتمبر الماضي، وكنت في وسط ما بدا أنه جهود ناجحة وقوية للغاية لتطوير ما يسمى بالحقبة الذهبية مع الصين، والسبب وراء قيامنا بذلك هو إمكانيات علاقات بريطانيا التجارية والاستثمارية مع الصين".
بيد أن العلاقات التجارية ليست فقط هي ما تركز على تطويره دول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، إذ تعد الحوكمة العالمية وتوافق السياسات أمرا حاسما لضمان التنمية الاجتماعية ليس فقط للدول الأعضاء، بل أيضا لتلك الدول القادرة على التأثير نحو الأفضل.
ويأمل أونيل في أن تقوم الدول بقطع المزيد من الأشواط كي تصبح ذات نفوذ أكبر على الصعيد العالمي، على الرغم من التحديات المفهومة التي يواجهونها عند جسر هوة الاختلافات الثقافية والسياسية بين بلدانهم.
وقال إن "حقيقة ظهورهم كمجموعة سياسية هو تطور هائل، وأعتقد في بعض الأحيان أنهم ما يزالون في المراحل الأولى".
ومع ذلك، فإن الخبير الشهير عالميا يعتقد بشدة أنه على الرغم من طور الشراكة الحديث نسبيا بينهم، فإن دول "بريكس" أكثر صمودا من أمثال لهم كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الساحة الجيوسياسية.
وأفاد أونيل أن "الطريقة التي ظهروا بها، حيث جرى تنظيم ظهور مجموعة دول العشرين بالكامل من أجل جلب دول بريكس إلى الحوكمة العالمية".
وتابع "لذلك هم بالفعل (على هذا المستوى) وأعتقد أنه أمر واضح تماما".
ومتطلعا إلى قمة بريكس المزمع عقدها في مدينة شيامن الصينية في سبتمبر القادم، أشار أونيل إلى أنه سوف يعمل مع ممثلين آخرين لدفع الدول إلى لعب دور أكثر نشاطا في أجندة الصحة العالمية.
وقال "أعتقد أنه بوسعهم لعب دور قيادي قوي حقا هناك، فضلا عن أمور تقليدية أكثر مثل وضع العالم والأسواق المالية وغير ذلك".