قبل ألفي سنة، تجاوز أجدادنا حدود القوميات والثقافات والمناطق، حيث رسموا المناظر المنسجمة للتبادلات الودية بين الصين والدول العربية على طريق الحرير القديم. ويشهد العالم اليوم تغيرات عميقة ومعقدة، لكن النقاط والمصالح المشتركة بين الجانبين الصيني والعربي تزداد بشكل متواصل. على أساس ذلك، تلبي مبادرة بناء الحزام والطريق المتطلبات الواقعية للجانبين، وتتيح فرص جديدة لتطور العلاقات الصينية العربية.
شهد الشرق الأوسط اضطرابات خلال السنوات الأخيرة، وتعد التنمية هي الحل الوحيد للمشاكل العديدة التي تواجه هذه المنطقة. وطرح الرئيس الصيني شي جين بينغ في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي عُقد في بكين في يونيو 2014، مبادرة البناء المشترك بين الصين والدول العربية للحزام والطريق،داعيا إلى تشكيل هيكل التعاون المعروف بـ"واحد زائد اثنين زائد ثلاثة"، واعتبار التعاون في مجال الطاقة كالجوهر، واعتبار البنية التحتية وتيسير التجارة والاستثمار كالجناحين، واعتبار المجالات الثلاثة التي تشمل الطاقة النووية والأقمار الصناعية والطاقة المتجددة كنقاط الاختراق. لقيت هذه الفكرة الإستراتيجية للرئيس شي استجابة إيجابية من قبل الدول العربية، وقد باتت مفتاحا ذهبيا للتطور المشترك بين الجانبين. هذا وفي الوقت نفسه، قال شي جين بينغ إنه يجب أن تعمل الصين والدول العربية على حسن استخدام الخمس سنوات المقبلة التي تعد أهم مدة للبناء المشترك للحزام والطريق، من أجل التأكيد على تنفيذ المبادئ المتمثلة في السلام والإبداع والقيادة والإدارة والاندماج..
وتتمتع الصين والدول العربية بالأساس المتين في الصداقة التقليدية والتعاون على أرض الواقع بين الجانبين، ما يحول الإجراءات البناءة في عملية بناء الحزام والطريق والتفوقات الكامنة بين الجانبين إلى القوة الدافعة المشتركة للنمو الاقتصادي الثنائي.
وأعرب نائب وزير الخارجية الصيني الأسبق يانغ فو تشانغ وهو خبير في مجال شؤون العالم العربي عن ثقته في مواصلة تطوير العلاقات بين الصين والدول العربية بشكل أفضل في ضوء مبادرة الحزام والطريق، ويرجع ذلك إلى ثلاثة أسباب: أولا، تتكامل الصين والدول العربية بعضهما البعض في النمو الاقتصادي والبنية الصناعية. ثانيا، شهدت بعض المناطق للعالم العربي اضطرابات لمدة سنوات، تحتاج إلى استعادة النمو الاقتصادي في مختلف المجالات، وتتمكن الصين من تقديم المساعدات للدول العربية في مجال بناء البنية التحتية وغيره من المجالات الأخرى. ثالثا، تتوحد توجهات التطور للصين والدول العربية، وذلك يرسى أساسا ممتازا للتعاون بين الجانبين.
ومن جانبه، أشار رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي إلى أن منطقة الشرق الأوسط كانت تعتبر جسرا يربط بين الشرق والغرب في العصور القديمة، أما الآن فلا تزال تلعب دورا رابطا بين الجانبين، مضيفا أن مبادرة الحزام والطريق هي مبنية على أساس التعاون والتعايش والمنفعة المشتركة، وأنها من الإجراءات البناءة التي تسمح بإنعاش النقاط المشتركة للتعاون بين الدول العربية والصين، وتساهم في تيسير التداول المتزايد للبضائع ورؤوس الأموال بين البلدان المختلفة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون النقدي على أساس الأمن، وإبراز العلاقات بين الناس من خلال توثيق التبادلات في المجالات اللغوية والثقافية والحضارية، وفي الوقت نفسه، يتم العمل في البنية التحتية مثل الطرق والجسور والكهرباء وغيرها. وأعرب المجالي عن ثقته في أن مثل هذا النوع من التعاون سيجعل العلاقات بين البلدان المختلفة أوثق وتتجاوز الخلافات السياسية حتى تحقق المصالح والتوازن.
قال لي داو كوي الأستاذ في كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة تشينغهوا إنه مع تنفيذ هذه الإستراتيجية بخطوات ملموسة في المرحلة المقبلة، وستجري الصين مع الدول العربية على طول هذا الطريق مناقشات عميقة حول الإجراءات المعنية لرفع الحواجز التجارية والضريبية والجمركية التي قد تحول دون التواصل الاقتصادي بين الجانبين.
وترغب الدول العربية في تحقيق بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، حيث تولي اهتماما بالغا بهذه المبادرة المطروحة من قبل الصين، وتبدأ في العمل على تحقيقها. على سبيل المثال، قد استعدت الكويت لبناء مدينة الحرير، وبناء منطقة التجارة الحرة في المنطقة الحدودية بين الكويت وإيران، وتحقيق ربط المنطقة والمدينة عبر الجسور.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد ذكر في المناسبات الدبلوماسية الكثيرة حكمة واحدة معناها إذا أراد شخص المشي بشكل سريع، يجب عليه أن يمشي وحده، لكن إذا أراد شخص المشي إلى مسافة أبعد، فيجب عليه أن يمشي مع الآخرين، حتى يساعد بعضهم البعض. لا شك أن التعاون بين الصين والدول العربية لبناء الحزام والطريق يدا بيد سيفتح مستقبلا مشرقا للعلاقات بين الجانبين.