إعترفت القيادة المركزية الأمريكية في تقرير أصدرته في 28 يوليو الجاري، أن عمليات القصف التي نفذتها الطائرات الأمريكية ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، من 28 يوليو 2015 إلى 29 أبريل 2016، قد خلّفت 14 قتيلا وجريحا واحد. ومثل ذلك إعترافا جديدا من الجهات الرسمية الأمريكية بقتل مدنيين أبرياء.
لكن الرأي العام الدولي يرى بأن الأرقام التي نشرها الجانب الرسمي الأمريكي أقل بكثير من الأرقام الحقيقية، ووفقا لتقرير لقناة الميادين اللبنانية، فقد خلفت الهجمات التي نفذتها الطائرات الأمريكية في مناطق شمال سوريا مالايقل عن 35 قتيلا من المدنيين. وقبل 10 أيام، وجهت وزارة الخارجية السورية رسالة إلى الأمم المتحدة، أدانت فيها الهجمات الأمريكية والفرنسية على منطقة منبج وضواحيها، وإتهمتها بقتل أكثر من 100 مدني.
في هذا الصدد، قال المحلل السياسي المصري والباحث السابق بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، حسين إسماعيل، في مقابلة مع صحيفة الشعب، إن تدخل أمريكا وغيرها من الدول الغربية في الشرق الأوسط يمثل جذور الإضطراب في المنطقة، كما خلفت العمليات الجوية الغربية في سوريا والعراق وغيرها من دول المنطقة عددا كبيرا من الضحايا، وتشير الإحصاءات ذات الصلة إلى أن عدد الضحايا قد يتجاوز الـ 1000 شخص."أنا أشكك في الأرقام الذي تحدثت عنها الأوساط الرسمية الأمريكية، فالحكومة الأمريكية تعودت على إخفاء الأرقام الحقيقية لضحايا عملياتها العسكرية، وهذا يعكس عقلية التكبر وعدم الإحترام التي تتعامل بها أمريكا مع منطقة الشرق الأوسط."
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن كل عملية جوية تتحول إلى مأساة حقيقية وأضافت أنه من غير الممكن الحصول على الأرقام الصحيحة للضحايا من الجهات العسكرية. كما رأى مقال نشره الموقع الأمريكي لمناهضة الحرب أن هذا التقرير المختزل للقيادة المركزية الأمريكية قد أظهر إستخفافا بالضحايا المدنيين من عمليات القصف، وأضاف أن عمليات القصف المتواترة على المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة، تعكس التسامح الأمريكي تجاه سقوط عدد كبير من الضحايا.
من جهة أخرى، تظهر بيانات البيت الأبيض أن مئات الغارات الجوية التي نفذتها الطائرات الأمريكية، غالبيتها من الطائرات دون طيار. في هذا السياق، يرى حسين إسماعيل إن إعتماد أمريكا المكثف على الطائرات دون طيار يعكس إستخفافها بأرواح سكان المنطقة. "باتت أمريكا أكثر إعتمادا على الطائرات دون طيار منذ تولي أوباما الرئاسة، في حين يختلف هذا النوع من الآليات الحربية عن البقية، حيث تعد آلية مرعبة وتتسبب في نتائج أكثر دموية."
كما أظهرت وثائق سرية نشرها موقع "إنترسبت"، في أكتوبر 2015، أن 90% من ضحايا تفجيرات الطائرات بدون طيار لاعلاقة لهم بأهداف القصف، في حين أدرجت الوثائق الأمريكية هؤلاء الأبرياء تحت مسمى "أعداء تمت تصفيتهم". ويرى محللون أن إستعمال الطائرات بدن طيار قد حوّل الحرب على الإرهاب إلى "حرب التحكم عن بعد"، حيث يقوم تقنيين بتنفيذ عمليات القصف من خلال تحكمهم في الطارات عن بعد آلاف الآميال. وفي بعض المناطق يتم إستهداف كل تجمع لـ 3 أشخاص على أنهم إرهابيين. في هذا الصدد، قالت صحيفة"نيويور تايمز" إن عمليات القصف الأمريكية تقوم بترويع الملايين من أجل ملاحقة عنصر أو عنصرين إرهابيين.