تعليق : استراتيجية " اعادة توازن الفضاء " الأمريكية .. لماذا؟ وضد من؟

بقلم/ وانغ بنغ، جامعة هندسة السلاح الجوي الصينية

أصدر "المجلس الأطلسي" الامريكي تقريرا بحثيا مؤخرا دعا فيه الى أن "الامن القومي الامريكي الجديد بحاجة لإستراتيجية الفضاء: الوقت قد حان لتنفيذ استراتيجية اعادة توازن الفضاء ". وأشار التقرير الى ضرورة أن تضع أمريكا استراتيجية الفضاء للامن القومي الجديد ــ استراتيجية " الوقاية الاستباقية"، وتحقيقها من خلال الوسائل الدبلوماسية والدعم الفني. وهذه هي استراتيجية الفضاء الجديدة التي طرحتها أمريكا مؤخرا ، وستؤثر الاستراتيجية على السياسات والاجراءات والتدابير الامريكية في مجال الفضاء.

في الواقع، يمكن أن نرى من التحليل العميق لاستراتيجية " اعادة توازن الفضاء" الجوانب الثلاث التي تستهدفها هذه الاستراتيجية:ـ 

أولا، الهدف الرئيسي للاستراتيجية يتمثل في مواجهة الخصم الروسي والصيني. فمنذ فترة طويلة ، تعتبر امريكا كلا من روسيا والصين أهم منافس لاستراتيجيتها. ولا سيما في السنوات الاخيرة، في ظل الانتعاش التدريجي الروسي في مجال الفضاء والتطور المستمر للصين في هذا المجال أيضا، ما جعل أمريكا تفكر في أن كلا من روسيا والصين عاملا حاسما لتأثير وتهديد مكانتها للهيمنة على الفضاء. 

ثانيا،تركز البيئة الاستراتيجية بشكل خاص على منطقة آسيا والمحيط الهادئ. بالرغم من أن استراتيجة اعادة توازن الفضاء تركز على مجال الفضاء ، الا ان الواقع مختلف ، إذ أنها تدعم الاستراتيجية الامريكية الاقليمية والعالمية. وقد اشار المقال الذي نشر على موقع " اخبار الدفاع" الامركي في شهر فبراير من هذا العام، إلى ان عصر الهيمنة الامريكية على الفضاء قد ولى، وامريكا بحاجة الى ان تكون جاهزة للفوز في حرب الفضاء. خلاف ذلك، فإن الجيش الامريكي سيضعف وينكسر.

واخيرا، اندماج استراتيجية "اعادة توازن الفضاء" مع استراتيجية "اعادة التوازن في آسيا والمحيط الهادئ" الامريكية العامة في اطار الاستراتيجية. حيث تبين صياغة استراتيجية " اعادة توازن الفضاء" بانها متوارثة من استراتيجية " اعادة التوازن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ"، وتطبيق وتجسيد هذه الاخيرة في مجال الفضاء.

إتخذت أمريكا مجموعة متنوعة من الطرق لتحقيق استراتيجية " اعادة توازن الفضاء".

في السنوات الاخيرة ، اتخذت أمريكا العديد من الاجراءات في المجال السياسي والدبلوماسي والعسكري ذات علاقة باستراتيجية " اعادة توازن الفضاء". وخاصة في مجال تعزيز القوة ، استراتيجية التحالف والوسائل التقنية، الخ. 

في اطار بناء القوات العسكرية الفضائية الامريكية، تهتم أمريكا بدمج الموارد العسكرية والمدنية من أجل تشكيل قدرة عسكرية فضائية الأمثل. وأعلن نائب وزير الدفاع الأمريكي روبرت وورك في واشنطن في يونيو 2015، عن أن أمريكا ستشكل "مركز ادارة عمليات الفضاء المشتركة" جديد. وسيتبع المركز جميع الاقمار الصناعية العسكرية والمدنية الامريكية، وستتخذ اجراءات لمواجهة الصين وروسيا في مجال الفضاء. وردا على ذلك ، أكد البنتاغون بشكل خاص، على أن روسيا والصين تشكلان حاليا تهديدا خطيرا لامريكا على الاقمار الصناعية العسكرية والمدنية، وأن التصرفات الامريكية تهدف الى حماية تفوقها في مجال الفضاء.

من ناحية استراتيجية التحالف الفضائي، تؤكد أمريكا على اعتمادها على حلفائها في المنطقة لبناء تحالف فضاء جديد. كما حدث في تنقيح وتحديث ” المبادئ التوجيهية للتعاون الدفاعي بين امريكا واليابان " في عام 2015، وزيادة التعاون المستقبلي بين البلدين في مجال الفضاء. كما تأمل امريكا واليابان من تحقيق غرض احتواء الصين من خلال زيادة الردع.

كما اطلقت أمريكا العنان للتوفق التكنولوجي في مجال الفضاء. وطلبت وزارة الدفاع الامريكية مبلغ 175 مليون دولار ميزانية عام 2017لدعم المشاريع البحثية والتكنولوجيات ذات الصلة بمجال الفضاء.

إن استراتيجية "اعادة التوازن في الفضاء " ليست جديدة أساسا، إذ أن كل ما يسمى " التوازن " يشير في الواقع الى محاولة أمريكا التمسك بالقوة وبالفارق الكبير في المنافسات.