أعلنت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في وقت سابق من هذا الشهر عن نشر نظام “ثاد” المضاد للصواريخ فى كوريا الجنوبية رغم المعارضة الواضحة من قبل الصين وروسيا ودول آخرى. فما هو الهدف من هذه الخطوة؟ يمكن للجميع أن يرى أن هذا العمل لا علاقة له بحماية التهديدات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، وأنما سيؤدي الى تفاقم التوتر في شبه الجزيرة الكورية وتقويض التوازن الاستراتيجي في المنطقة ، ويشكل تهديدا خطيرا للامن الاقليمي والاستقرار في شمال شرق آسيا.
وباعتبارها واحدة من نظام الدفاع الصاروخي الأكثر تقدما في العالم، يمكن لنظام " ثاد" ايقاف الصواريخ الباليستية القصيرة و متوسطة المدي من ارتفاع يتجاوز الغلاف الجوي. ويتميز نظام " ثاد" بـ"مضاد بعيد وليس قريبا"، ويتعامل مع المدفعية بعيدة المدى وصواريخ قصيرة المدى لكوريا الشمالية ،مما يجعله بمثابة "ذخيرة لمكافحة البعوض". فمن وجهة النظر الفنية، فإن كوريا الجنوبية تمتلك مدفعية بعيدة المدى وغيرها من صواريخ الكافية لمواجهة اي تهديد من قبل كوريا الشمالية، اذا ما شن صراع بين الكوريتين. حيث أن أقصى المسافة الخطية بين الكوريتين اقل من 900 كم، ما يجعل " ثاد" صاروخ عديم الفائدة.
إذا، ما هدف نشر نظام " ثاد" ؟ يمكن لصاروخ "ثاد" أن يرصد رادار من نوع "اكس باند" ابعد من متطلبات العملية الدفاعية في شبه الجزيرة العربية. ومن الواضح، أن امريكا وكوريا الجنوبية لديهما نية خفية وراء نشر صاروخ " ثاد". ولا يمكن تصديق الاكاذيب القائلة أن الهدف من نشر " ثاد" هو توجيه الرصاص اتجاه التهديد النووي الكوري الشمال وليس ضد اي دولة ثالثة.
يرتبط نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية ارتباطا وثيقا بالحفاظ على السلام والامن في شبه الجزيرة الكورية وشمال شرق آسيا، والحفاظ على بيئة مواتية للازدهار الوطني والتنمية في المنطقة، ومصالح جميع الاطراف. وأمام هذه المشكلة التي طال امدها ، فإن أي ممارسة للتحفيز المتبادل او تعزيز للمواجهة العسكرية وتمارين التقوية او نشر أسلحة وغيرها من السلوكيات الاخرى في شبه الجزيرة سيجعل الوضع أكثر توترا ويدخل المنطقة في حلقة مفرغة. ونشر "ثاد" في كوريا الجنوبية لا يؤدي الى زيادة تحفيز كوريا المشالية لذهاب بعيدا في برنامجها النووي فحسب، وإنما سيدمر التوازن الاستراتيجي في شمال شرق آسيا، ويهدد السلام والاستقرار في شمال شرق آسيا. وقد اشارت صحيفة "كيونغ هيانغ" اليومية لكوريا الجنوبي في مقل افتتاحي واضحا ، الى أن هذا سيدخل الامن في شمال شرق آسيا الدخول في أزمة، وبمثابة صب ماء بارد على الجهود الدولية الرامية لحل القضية النووية الكورية.
لا يمكن ترسيخ أمن اي طرف على أساس انعدام الامن في بلدان اخرى، ولا احد يسمح بأن ينتهك الآخر حقوقه الشرعية ومصالح الاستراتيجية والامن الوطني المشروعة. ويجب أن يكون موقف مسؤول اتجاه قضايا العلاقات الدولية والاقليمية. وأن ثمن التصرفات المتعمدية سيكون مؤلما.