بقلم/ خه وان، باحث في الشؤون الدولية
سيعقد بالعاصمة الفرنسية باريس يوم 3 يونيو الجاري الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي للسلام الهادف لإعادة إحياء عملية السلام، المتعثرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، بحضور وزراء خارجية 28 دولة. وقد يكون من الصعب على الكثيرين تعليق آمال كبيرة على اجتماع وزراء الخارجية في باريس بعد المفاوضات العقيمة التي لا نهاية لها، لكن، تسمح على الاقل خروج المجتمع الدولي من دائرة قضية ايران وسوريا، ليبيا ، اليمن وغيرها من القضايا الاخرى التي بقيت تدور حولها طيلة السنوات الاخيرة، والإلتفاتة مرة أخرى الى القضية الفلسطينية.
يصادف العام المقبل الذكرى الـ 70 من صدور القرار عن الجمعية العامة للامم المتحدة بتقسيم فلسطين واسرائيل، والذكرى الـ 50 لاصدار مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة القرار رقم 242 بعد حرب الشرق الاوسط الثالثة. ووفقا لقرار التقسيم الإسرائيلي-الفلسطيني المنصوص عليه، تبلغ مساحة أراضي منطقة فلسطين 11،500 كيلو متر مربع، وانخفضت المساحة الى 6249 كيلو متر مربع في قرار 242 . حاليا، تسيطر فلسطين على حوالي 2500 كيلومتر مربع من الأراضي تنقسم الى ثلاث مناطق (أ) ، (ب) ، (ج)، وتعتبر منطقة (أ) المنطقة الوحيدة تسيطرعليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإدارياً، والمنطقة (ب) تخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية،والمنطقة (ج) تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية.
وبالرغم من انكماش وتقلص منطقة فلسطين، لكن بوادر تحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة المستقلة لم تظهر في الأفق بعد. وأصبحت القضية الفلسطينية أكثر ألما في الشرق الاوسط على المدى الطويل، ومرتبطة بجميع القضيايا الاقليمية الساخنة. كما يستغل بعض المتطرفين هذه القضية لارباك الناس لتوسيع الفضاء الخاص به. وعليه، فإن السلام في الشرق الأوسط مرتبط بحل القضية الفلسطينية، ومن الصعب تحقيق السلام العالمي دون تحقيق السلام في الشرق الاوسط .
مفتاح القضية الفلسطينية التي طال أمدها هو الارادة السياسية. وتتحمل اسرائيل المسؤولية الكبيرة. وبصرف النظر عن مشاكل الحدود واللاجئين وموارد المياه وغيرها من القضايا الصعبة، يتساءل المرء: هل يمكن في ظل الوضع الراهن قيام دولة فلسطينية قادرة على البقاء على قيد الحياة؟ لقد أصبحت القضية الفلسطينية كمريض طريح الفراش لتتحول مع مرور الوقت الى حالة طبيعية في عيون المجتمع الدولي ، متناسيا المسؤولية الاخلاقية. ويجب على أمريكا أن تتحمل المسؤولية الأكبر في المجتمع العالمي.
خلال الحرب الباردة، اتخذت أمريكا والاتحاد السوفيتي القضية الفلسطينية كنقطة محورية في الصراع على الهيمنة، وبعد الحرب الباردة، استغلها مسيرة السلام في الشرق الاوسط لتحقيق هدف الهيمنة على المنطقة. واليوم، لا تواجه أمريكا صدمة موجة اللاجئين من الشرق الاوسط مثلما تواجهها أوروبا، ولا تشبه الصين والهند اللتين تعتمد استراتيجيتهما الطاقوية بشكل كبير على النفط المستورد من الشرق الأوسط. و ينخفض اهتمام امريكا بمنطقة الشرق الأوسط في ظل تعزيزها لأمن اسرائيل بشكل متزايد وسعي وراء دفع استراتيجيتها للعودة الى آسيا. وينبغي على بعض الامريكيين الذين يتحدثون عن قضية بحر الصين الجنوبي أن يسألوا انفسهم اولا، ما اذا كانت مسؤولية أمريكا في الشرق الاوسط انتهت، وأين ذهبت صفة امريكا " المدافع عن الاخلاق والقيم الانسانية النبيلة"؟.
يتحول اي مكان في العالم يدخله ناس كثيرون الى طريقا. ويحتاج حل القضية الفلسطينية السير خطوة بخطوة ، ومن الصعب التوصل الى الحل بين عشية وضحاها. وقد لا يحقق اجتماع وزراء الخارجية في باريس اختراقا موضوعيا للقضية الفلسطينية، ولكن على الاقل يجعل المجتمع الدولي يدرك أهمية القضية مرة أخرى، ومناقشة طريقة الحل. كما ينبغي على الجانبي الفلسطيني والاسرائيلي اظهار ما يكفي من الصدق ، وينبغي أن يتوحد قوى المجتمع الدولي لتسوية القضية. وتعتبراللجنة الرباعية لدفع عملية السلام في الشرق الاوسط حاليا، كطبيب الذي يجري العملية للمريض، لا حول ولا قوة له. مما يتعين على المجتمع الدولي اكتشاف آليات جديدة والمزيد من التوافق لحقن الدماء وتحقيق السلام.
ولكي يصبح اجتماع وزراء خارجية في باريس نقطة انطلاق جديدة من أجل حل القضية الفلسطينية بحاجة الى تطلعات كبرى. والمبادرة الصينية التي سيطرحها وزير الخارجية وانغ يي خلال الاجتماع اشارة واضحة للمساهمة الصينية القوية في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.