دمشق 11 مايو 2016 /أكد الدكتور مدين علي الخبير في الشؤون الاقتصادية السورية اليوم ( الاربعاء ) أن الحد من انهيار سعر صرف الليرة السورية امام الدولار الامريكي يكمن في إطلاق عجلة الانتاج في المناطق الآمنة في سوريا ، وتحديد قائمة استراتيجية من المواد المستوردة الممولة بالقطع الاجنبي من قبل القطاعين العام والخاص والاستغناء على المواد الاستهلاكية غير الضرورية ، واصفا جلسات التدخل التي يقوم بها البنك المركزي السوري بأنها حلول اسعافية وليست ناجعة للحد من الانهيار الكبير لليرة السورية امام الدولار في الاونة الاخيرة .
وقال الخبير الاقتصادي السوري في مقابلة خاصة مع وكالة انباء ( شينخوا ) بدمشق وردا على سؤال حول الاسباب التي جعلت الليرة السورية تنهار بشكل سريع أمام الدولار الامريكي خلال الايام القليلة الماضية ، قال إن قضية انهيار سعر الصرف لها بعدان ، الأول يتعلق بقصور السياسيات الاقتصادية المتخذة من الفريق الاقتصادي في سوريا ، والثاني يتعلق بأنعكاسات الحرب التي تعيشها سوريا والتي أدت إلى تدمير الكثير من المنشآت والمعامل والمزارع التي تشكل العمود الفقري من الدخل أو الناتج القومي السوري ، يضاف إلى ذلك العقوبات الاقتصادية التي فرضت على سوريا من قبل الولايات المتحدة الامريكية ومن خلفها بعض الدول الاقليمية والغربية " .
ورأى الدكتور علي أن كل هذه العوامل الانفة سابقا ، مجتمعة أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي ، ومن ثم انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار ، قائلا إن " انهيار سعر صرف الليرة السورية امام الدولار لا يمكن أن يفسر باسباب اقتصادية صرفة تتعلق بالعقوبات والطاقات الانتاجية وتدميرها أو الخلل الحاصل في السياسيات الاقتصادية الحاصلة ، وإنما هناك عوامل يمكن أن تلعب دور في الاقتصاد ومنها الاحداث السياسية والأمنية والشائعات المرتبطة بهما " .
وردا على سؤال حول الإجراءات التي يجب أن تتخذ للحد من انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، قال الدكتور مدين علي وهو استاذ جامعي في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق إن " هناك قضية أساسية وجوهرية لا بد من الاشارة اليها لتحقيق شيء من التوازن أو الحد من الانهيار والتي تتطلب منا الاسراع في إقلاع عجلة الانتاج من جديد في المناطق الآمنة ، وهو الذي يؤسس لاستعادة القوة والتقاط الانفاس من جديد واستعادة المبادرة في الاطار الاقتصادي " ، مكررا " لابد من التركيز على الطاقات الانتاجية والخبرات والمعامل في المناطق الآمنة ، وزيادة وتيرة تشغيلها والاهتمام بها ودعمها من أجل خلق انتاج يحقق التغذية المحلية للسوق الداخلية لغرض العرض لمواجهة الطلب ، أو بهدف تصدير من يمكن أن يكون فائضا عن الاسواق المحلية إلى الخارج وبالتالي نحقق قطع اجنبي للدولة " .
وأشار الخبير في الاقتصاد السوري إلى أنه لابد من " ضبط عملية الاستيراد ووضع قائمة بالمواد التي تعتبر اساسية أو ضرورية والتي تعتبر مهمة للاقتصاد الوطني مثل المواد الغذائية والطبية بالدرجة الاولى ومستلزمات الانتاجية الاساسية الداخلة في العملية الانتاجية والاستغناء عن السلع الاخرى غير الضرورية بقصد الاستهلاك مثل العطورات ومواد تجميل والاحذية ، مؤكدا أنه بهذه الطريقة يتم الحد من الطلب على الدولار بفاتورة فيها حزمة من المواد الاستراتيجية والضرورية لسد حاجات المواطنين الداخلية.
وقال الدكتورعلي إن المسار الانحداري لسعر صرف الليرة السورية على مدار الخمس السنوات الماضية من عمر الازمة بدأ في الاشهر الاخيرة من هذه السنة ، مبينا أن القرارات المتخذة من قبل الحكومة السورية عبر التدخل الايجابي بجلسات ضخ دولار في السوق المتعطش للدولار لا يمكن أن تجدي نفعا ، معتبرا أنها " حلول اسعافية ، وليست إجراءات للحد من انهيار سعر الصرف " ، داعيا الدولة السورية للتدخل بقوة بهدف تأمين المواد الغذائية المقننة للمواطنين بشكل عادل ، وضرب المتلاعبين والمحتكرين للسلع الغذائية والطبية .
وردا على سؤال فيما إذا كان للأحداث التي وقعت في حلب مؤخرا دور في التعجيل في انهيار سعر صرف الليرة امام الدولار قال " أنا لا اريد ان أقيم علاقة ربط مباشرة ، وإن كان لذلك تأثير ، وقد يكون لذلك منعكس وقد يكون لذلك مستفيدين لهذه القضية أو تلك من أجل تحقيق مكاسب " ، مبينا أن المريض في مراحل متقدمة تصبح وتيرة الانهيار اسرع لذلك نحن بحاجة إلى جرعات عالية من العلاج كي نستطيع ان تستدرك دورة الانتاج مرة ثانية .
وأضاف الخبير الاقتصادي " لو اتخذت الاجراءات اللازمة في تدوير عجلة الانتاج ، نستطيع القول إن الواقع الاقتصادي سوف يتحسن قليلا ، أو اننا نحافظ على الواقع كما هو عليه الان " .
ويشار إلى أن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي انخفض في شكل غير مسبوق يوم الأحد الماضي، ليصبح أقل بـ 13 مرة عما كان عليه قبل بدء النزاع منذ أكثر من خمس سنوات، وفق ما أوضح محللون اقتصاديون.
ويرى المحللون الاقتصاديون أن الدولار واصل ارتفاعه منذ ثلاثة أسابيع في شكل غير مسبوق ليصل سعر صرفه إلى 625 ليرة سورية في السوق السوداء، في وقت حدد المصرف المركزي السوري سعر صرف الدولار بـ 512 ليرة سورية .
وتزامن هذا الارتفاع مع بدء العمليات العسكرية في مدينة حلب ( شمال سوريا ) ، وسقوط قتلى وجرحى في مناطق تقع تحت سيطرة الحكومة السورية .
ونقل الإعلام السوري الرسمي عن حاكم مصرف سورية المركزي أديب ميالة مؤخرا ، قوله إن التراجع الأخير كان " نتيجة حتمية لتصاعد العمليات العسكرية في حلب " .
وفي مطلع العام الحالي، حدد المصرف المركزي سعر صرف الدولار بـ 290 ليرة في حين كان بحدود 390 ليرة في السوق السوداء. ولكن سعر الصرف ارتفع في بداية ابريل الماضي إلى 442 ليرة في السوق الرسمي مقابل 500 ليرة في السوق السوداء.