تشنغ ياون: باحث بقسم العلاقات الدولية والسياسات العامة بجامعة الدراسات الأجنبية بشنغهاي
طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة شنغهاي لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا الذي عقد في مايو 2014، لأول مرة "مفهوم الأمن الآسيوي الجديد" ، وهي رؤية قائمة على الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام. وبعد سنتين، سيعقد مؤتمر الأمن الآسيوي مرة أخرى تحت رئاسة الصين. ومن المتوقع أن تتناول الدورة الحالية من المؤتمر بشكل رئيسي موضوع مقاومة الإرهاب. ومع مشاركة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في الإجتماع، من المتوقع أن تتدعم إرادة التعاون الصيني الروسي في مقاومة الإرهاب وحفظ السلام في آسيا بشكل مشترك.
أولا، مقاومة الإرهاب، واجب بالنسبة للصين وروسيا. كانت الصين وروسيا على حد السواء ضحايا للعمليات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة. حيث تعرض مواطنون صينيون للقتل من طرف المنظمات الإرهابية في سوريا ومالي خلال شهر نوفمبر الماضي، كما أسقط الإرهابيون طائرة ركاب روسية في مصر خلال العام الماضي، راح ضحيتها جميع ركابها البالغ عددهم 224. وهذا مايجعل الصين وروسيا شديدتا الحرص على مقاومة الإرهاب. وفي هذا الصدد، أصدرت الصين أول قانون لمحاربة الارهاب في 1 يناير الماضي، وأعلن الرئيس الروسي بوتين في 5 أبريل الجاري، بأن روسيا ستؤسس جيشا جديدا تابع لوزارة الداخلية، مهمته الرئيسية ملاحقة الإرهاب داخل روسيا.
إن التعاون الصيني الروسي في مقاومة الإرهاب يساعد على توحيد القوى في ضرب الإرهاب والوقاية منه. ولاشك في أن من بين المميزات الرئيسية للإرهاب في الوقت الحالي، هو عبوره للحدود، حيث أن المنظمات الإرهابية التي تشكل خطرا على روسيا، قد تشكل خطرا على الصين أيضا. كما يجب القول أن غالبية المنظمات والأنشطة الإرهابية لايمكن مقاومتها داخل نطاق دولة واحدة فقط، وبالنسبة للصين وروسيا هاتين الدولتين اللتين تمتدان على مساحات شاسعة ولديهما مصالح كبيرة خارج حدودهما، فإن مخاطر الإرهاب أكثر. في ذات الوقت، فإن وحدة الدول الكبرى التي لديها القدرة على ضرب الإرهاب، لن تعزز آلية التنسيق بين بينها فحسب، بل ستقود جهود الدول الأخرى في مقاومة الإرهاب، مايفتح فضاءا أوسع للإدارة الدولية للإرهاب.
من جهة أخرى، لاشك في أن تعزيز التعاون الصيني الروسي في مقاومة الإرهاب، سيخدم الهدف الدولي في المقاومة العالمية للإرهاب، ويقدم إسهاما كبيرا للتنمية العالمية المشتركة. لأن الإرهاب لايمثل مشاكل أمنية فحسب، بل وأيضا مشاكل إقتصادية وإجتماعية وسياسية. حيث طرحت روسيا مؤخرا مبادرة الاتحاد الاقتصادي الاوراسي ، وطرحت الصين مبادرة الحزام والطريق، وفي صورة تنفيذ هذه الإستراتيجيات، فإلى جانب المنافع التي ستحققها لكل من روسيا والصين، ستعود منافع كبيرة على سائر المنطقة الأوراسية، ماسيجعل من الممكن تصور منطقة أوراسية مزدهرة. هذا إضافة إلى الآثار العالمية الإيجابية للمبادرتين، حيث ستدفعان التنمية المشتركة لمختلف دول العالم.
في المقابل، يعد الإرهاب تحديا كبيرا أمام تحقيق هاتين المبادرتين، ومن أجل تحقيق إعلان مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا لعام 2014، وتنفيذ الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، لابد من دفع التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب. لأن الآمن سيمثل الأساس الإجتماعي لتحول آسيا إلى قارة مزدهرة.
لاشك في أن التعاون الصيني الروسي في مقاومة الإرهاب يواجه تحديات غير قليلة، حيث أن إختلاف التعاريف التي يقدمها المجتمع الدولي لللإرهاب، يجعل من بعض المنظمات الإرهابية في الصين وروسيا، لاتصنف كمنظمات إرهابية من قبل الدول الغربية. وهو مايطرح صعوبات أمام جهود الصين وروسيا في مقاومة الإرهاب. لذا، فإن التعاون الصيني الروسي في مقاومة الإرهاب، يحتاج إلى الحديث بصوت واحد والتضامن المتبادل، لتعزيز النفوذ الصيني الروسي دوليا على مستوى مقاومة الإرهاب. حيث أن الرأي القوي سيضمن قوة فاعلية التنفيذ، وعلى الصين وروسيا أن يبذلا مزيدا من الجهود في هذا الجانب.