دمشق 26 ابريل 2016 / وقف احمد وهو يصرخ بصوت عال " كفى قذائف .. لقد دمرتم حياتنا ، نحن نذبح يوميا على يد هؤلاء الإرهابيين " ، هذه الكلمات التي قالها أحمد الذي يقطن في أحد أحياء مدينة حلب ( شمال سوريا ) التي تقصف يوميا بالقذائف الصاروخية ، اشعلت مواقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) في سوريا .
وتتعرض أحياء مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية منذ اكثر من أسبوع تقريبا لقصف مكثف من القذائف الصاروخية المحلية الصنع التي تسمى باللهجة المحلية بـ " مدفع جهنم " ، وهي عبارة عن اسطونات غاز محشوة بكميات كبيرة من المتفجرات تطلق من بعض الاحياء التي يسيطر عليها مقاتلو تنظيم ( جبهة النصرة ) المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد الشام .
وشن مقاتلو المعارضة المسلحة في الثلاثة أيام الماضية حملة لا هودة فيها فقصفت تلك الاحياء بأكثر من 1100 قذيفة هاون وصاروخية اسفرت عن مقتل وجرح المئات من المواطنين ، في مشهد لم يكن مألوفا في مدينة حلب ، حيث صفير القذائف التي تسقط في الشوارع وعلى اسطح البنايات السكنية يتبعه صوت سيارات الإسعاف التي تهرع مسرعة لإسعاف الجرحى وسيارات الإطفاء التي تمضي مسرعة لإطفاء الحرائق المشتعلة .
حالة من الخوف والاستياء والحزن لفت مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية، والتي تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا قبل نشوب الازمة ، سقطت فيها أكثر من 1100 قذيفة هاون وصواريخ بدائية الصنع في حلب خلال الأيام الثلاثة الماضية، أسفرت عن مقتل 50 شخصا على الأقل وإصابة 400 آخرين، ناهيك عن الخسائر في الممتلكات العامة والخاصة .
وقتل اليوم شخصين واصيب 6 آخرين بسقوط قذائف صاروخية على جميعة الزهراء بمدينة حلب اطقلها مقاتلو ( جبهة النصرة ) ، بحسب وكالة ( سانا ) .
القصف الأعمى للقذائف الصاروخية والهاون استهدف أكثر من 30 منطقة في حلب في الايام الثلاثة الماضية .
الناس في حلب غاضبون ، فالوضع لم يعد يطاق ، ويطالبون بحل جذري لتلك القذائف التي تتساقط كالمطر على رؤوس الناس في الاحياء الخاضعة لسيطرة الدولة .
وبث تلفزيون ( سما ) المقرب من الحكومة السورية مقابلات مع الناس الغاضبين من حلب، حيث سقطت قذيفة هاون في مكان قريب وهم يصرخون بأعلى صوت " كفى حربا .. كفى دمارا .. نريد حلا " .
وقال رجل يبلغ من العمر 45 عاما " يا حكومة يا جيش ساعدونا بالتخلص من الإرهابيين ، قبل ان يقضوا علينا .. يكفي .. يكفي .. هذا حرام ... ما ذنب هؤلاء الابرياء ان يقتلوا بشكل مجاني دون ذنب " .
وجاءت زوجته الغاضبة وهي تصرخ أيضا " الإرهابيون يمكثون في حي بني زيد .. خلصونا منهم ، لقد دمروا بيتي ، وحرقوا سيارتنا بسبب تلك القذائف العشوائية التي تسقط يوميا على احياء حلب " .
ومن جانبه قال شاب 32 عاما يقطن في حي الجميلية بحلب لوكالة ( شينخوا ) بدمشق في اتصال هاتفي اليوم ( الثلاثاء ) إن " حلب تذبح على يد هؤلاء المجرمين من التنظيمات المسلحة التي تريد أن تدمر حلب بكل ما فيها " ، مؤكدا أن الناس حرمت من التنقل في الشوارع خشية من الموت بتلك القذائف العمياء .
ويشار إلى أن احياء بني زيد وكذلك حي بستان الباشا وباب الحديد في منطقتي شرق حلب تسيطر عليها ( جبهة النصرة ) المرتبطة بتنظيم القاعدة وكتائب الثوار الأخرى، وهي مصدر قذائف هاون ومدفع جهنم .
وقد أصبحت هذه المناطق كابوس الحياة لسكان في احياء تقع غرب مدينة حلب، التي بدأت تعاني من القصف المتكرر في أواخر عام 2012، قبل ان تكثف بشكل كبير في الأيام الأخيرة.
وبدورها قالت سيدة أخرى تسكن في حلب لوكالة ( شينخوا ) " لقد فقدت زوجي، ومنزلي وسيارتي " ، مشيرة إلى أن حجم الدمار الذي لحق باحياء مدينة حلب " كبير جدا .. ولم يعد بإمكاننا التحمل اكثر من ذلك .. نريد حلا لهذا الوضع " .
ومن جانبه قال رجل آخر يدعى عدنان 46 عاما لقد تفاءلنا بهدنة وقف العمليات القتالية لكنها كانت "هدنة الموت والخوف والهلع " ، مشيرا إلى ان ما حدث في حلب كان " رهبيا وغير عادي " ، متسائلا لماذا هذا الصمت حيال حلب .
وعلقت إذاعة ( شام أف ام ) القريبة من الحكومة السورية امس واليوم برامجها الاذاعية حدادا على القصف العشوائي بحلب وسقوط عدد كبير من الضحايا والجرحى .
وكانت هدنة وقف العمليات القتالية دخلت حيز التنفيذ في 27 فبراير الماضي ، وأعلنت الحكومة السورية التزامها بالهدنة مع الاحتفاظ بحق الرد .
واستبعدت الهدنة جبهة النصرة والدولة الإسلامية (داعش )، ولكن المشكلة أن هناك تداخل في المناطق التي يسيطر عليها التنظيمان ومن الصعب تطيبق الهدنة في حلب .
وسكان حلب المحليون يسمون الهدنة بـ"هدنة الموت " لأنه بالنسبة لهم لم يتغير شيئا خاصة مع الهجمات الأخيرة.
في حين قال الجيش السوري انه ملتزم بالهدنة ، غير أن مقاتلي جبهة النصرة وحلفاءها شنوا ثلاثة هجمات واسعة النطاق على مواقع عسكرية سورية في حلب على مدى الأسبوعين الماضيين. وقد ورد أن وحدات من الجيش تمكنت من صد الهجمات.
وقال مصدر عسكري سوري لوكالة (شينخوا ) يوم الاحد الماضي ، أن الجيش السوري أحبط محاولة تسلل واسعة النطاق من قبل مسلحين المعارضة في الجزء الغربي من مدينة حلب، مما أسفر عن مقتل العديد منهم. ، بعد شن غارات جوية ضد مواقع المهاجمين وقصفهم بالصواريخ والمدفعية .
وأضاف أن المتسللين كانوا يتسللون إلى المنطقة من خلال شبكة الصرف الصحي.
ومن جانبها أكدت سوريا في بيان صحفي اليوم أن الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت الأحياء المدنية الآمنة في مدينة حلب، والتفجير الانتحاري عند مدخل بلدة الذيابية بريف دمشق، لن تثنيها عن الاستمرار في محاربة الإرهاب والعمل في الوقت ذاته على الوصول لحل سياسي للأزمة في سوريا عبر حوار سوري سوري.
والقوات الحكومية المدعومة من حزب الله اللبناني والقوات الجوية الروسية تحاول عزل المتمردين في حلب وقطع خطوط إمداداتها من تركيا وغيرها من المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في شمال سوريا، في حين أن الثوار يقاتلون للحفاظ على هذه الخطوط .