القاهرة 15 فبراير 2016 / استبعد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إجراء حوار مع الإخوان المسلمين، ورأى أن الشعب لن يسمح له بالتحاور مع جماعة حملت السلاح ضده، ونفذت عمليات استهدفت الدولة وبنيتها التحتية.
وبينما أعرب السيسي عن "قلق كبير" إزاء تنامي الإرهاب في المنطقة، حذر من أنه "بدون تحرك سيتمدد هذا الخطر"، في حين أوضح أن بلاده لن تتدخل في ليبيا، ودعا لحل سلمي لأزمة سوريا.
وقال السيسي ردا على سؤال حول فرص الحوار مع المعتدلين بجماعة الإخوان، "إن أي شخص لم يرتكب أعمال عنف ضد الدولة يمكنه المشاركة في الحياة السياسية"، حسب وكالة أنباء (الشرق الأوسط) نقلا عن مجلة "جون أفريك" الفرنسية المختصة بالشئون الإفريقية.
وأضاف إن " المشكلة ليست بين الإخوان والدولة بل بينهم وبين الشعب، حيث تفاقم غضب المصريين منذ ثلاث سنوات تجاه الإخوان بعد أن شنوا هجمات استهدفت البنية التحتية للبلاد وممثلي الدولة، الشعب المصري بالرغم من ثقته وتقديره لرئيسه لن يسمح له بالتحاور مع من حملوا السلاح ضده".
وحول صدور عدة أحكام بالإعدام ضد الإخوان والرئيس الأسبق محمد مرسي، قال السيسي " إن الإجراءات القضائية في مصر طريق طويل يتم على عدة مراحل، حيث إن هناك الحكم الابتدائي والاستئناف ثم النقض، ومحمد مرسي لم يصل بعد إلى مرحلة الاستئناف".
وأشار إلى أنه " لم يتم تطبيق أي حكم بالإعدام حتى الآن"، ولفت إلى صدمة الشعب من قرار القضاء إعادة محاكمة أشخاص تلقوا أحكاما بالإعدام لقتلهم 13 شرطيا في عام 2013.
وأكد أن "مصر دولة قانون.. والمصريون يعبرون عن استيائهم أحيانا لأنهم يريدون أحكاما قضائية أكثر قسوة بحق من يعرقلون مسيرة البلاد".
وحول ما إذا كان يرى أن الرئيس الأسبق حسني مبارك يستحق مصيره الحالي، قال السيسي إنه " لا أحد يمكنه معارضة إرادة شعب".
وتابع " إن رئيس الدولة لا بد أن يحترم ويخاف على شعبه ويعزز من أمنه ويحقق له الرخاء وإلا فإن الشعب يرفضه كما فعل ذلك مرتين منذ 2011".
وعن احتمالات تعديله الدستور المصري للبقاء أكثر من ولايتين على رأس السلطة التنفيذية، قال السيسي " إن مصر شهدت تغيرا، والشعب لن يقبل أن يبقى شخص لا يريده، فهو يتسم بالذكاء وينتمي إلى حضارة عريقة، ولعلنا نتذكر أن 30 مليون مصري نزلوا إلى الشارع للتعبير عن رفضهم لمحمد مرسي".
واستطرد " احترم إرادة المواطنين وأخضع لها على أمل أن أعطي المثل لمن سيخلفوني.. لكن دعونا لا ننسى أن هذه التجربة الديمقراطية عمرها أربع سنوات فقط".
وأكد أن "الديمقراطية عملية طويلة ومستمرة، وأن مصر تسير في هذا الطريق".
وعما إذا كانت التنمية شرطا لتحقيق الديمقراطية، أجاب السيسي "بالطبع، وهذا يشمل تطوير التعليم ومكافحة الفساد والفقر، ولابد من تكييف مفهوم حقوق الإنسان وفقا لظروف وواقع المجتمعات، فحقوق الإنسان هي أيضا حقوق أساسية في الحياة الكريمة والعلاج والحصول على عمل، وهناك في مصر ملايين الأشخاص محرومين من هذه الحقوق الأساسية، وإذا تمكننا من أن نوفر لهم نصف مستوى معيشة المواطن في الغرب فسيكون ذلك رائعا".
وأضاف "أحرزنا بالفعل تقدما جيدا على مستوى البنية التحتية والطرق والإسكان، ووضعنا حدا لأزمة الكهرباء التي عانت منها مصر طوال ثمانية سنوات، فاليوم يمكننا تزويد الطاقة اللازمة للصناعات".
وأشار إلى ما توفره منطقة قناة السويس للمستثمرين من مناطق صناعية بمساحة 40 مليون متر مربع عند المدخل الشمالي للقناة، إلى جانب 200 مليون متر مربع عند المدخل الجنوبي من ناحية البحر الأحمر.
وعن إمكانية التحاور مع تركيا التي تنتقد مصر وتمنح اللجوء لقيادات الإخوان، قال السيسي إن " مصر امتنعت دائما عن التدخل في شئون غيرها، وترفض التدخل في شئونها".
وأردف " إننا من جانبنا لم نصدر أي تصريحات عدوانية (تجاه تركيا) ".
ووصف السيسي علاقة مصر بأفريقيا بأنها "وثيقة وتاريخية"، مؤكدا أن بلاده تسعى للعودة إليها بقوة حتى تستعيد مكانتها كأحد أهم أركان العمل الافريقي المشترك.
وقال " نحن نترجم خطابنا في هذا الخصوص إلى أفعال "، مشيرا إلى التوقيع في يونيو 2015 بشرم الشيخ على إقامة منطقة تجارة حرة مع ثلاث مجموعات إقتصادية أفريقية، وإلى انعقاد منتدى إفريقيا 2016 في المدينة نفسها بهدف تعزيز التعاون مع الأفارقة.
وأوضح أن مصر ستكثف التعاون مع شركائها للتعامل مع ظاهرة الإرهاب الذي يمتد من مالي إلى الصومال ومن نيجيريا إلى ليبيا، داعيا إلى "جهود دولية أوسع وإستراتيجية شاملة لمكافحة هذه الآفة".
ورأى أنه " كلما استمرت الفوضى في ليبيا كلما ازدادت المشكلات وازدادت حلولها تعقيدا"، وتابع " قلت منذ عامين إنه يجب مساعدة الجيش الليبي.. ولو كنا فعلنا ذلك لكان الوضع اليوم مختلفا".
وعن استعداد مصر للتدخل ضد داعش في ليبيا، رد السيسي " لا يمكننا التدخل في ليبيا طالما لم يتم بحث كل الحلول، وبدون أن يكون الليبيون أبدوا بوضوح الرغبة في ذلك".
وتساءل "هل فعلنا اللازم لمنع المتطرفين في سوريا والعراق من الانتقال الآن إلى ليبيا وغدا إلى أبعد من ذلك؟ ما الذي يتم فعله لتجفيف منابع تمويل وتزويد الإرهابيين بالسلاح؟ وهل مجلس الأمن سيصدر قرارا في هذا الشأن؟.. نحن ننتظر إجابات على هذه التساؤلات".
واعتبر أن حلف الناتو لم ينه عمله في ليبيا، وتابع " بعد تدخل قوات الناتو، ترك الشعب الليبي بمفرده وأصبح رهينة للجماعات المسلحة، كان يجب العمل على استعادة مؤسسات الدولة، ومصادرة الأسلحة ودعم الجيش، لم يتم فعل أي شيء من ذلك".
وأعرب السيسي عن "قلق كبير" إزاء تنامي الإرهاب في المنطقة، وحذر من أنه " بدون تحرك سيتمدد هذا الخطر وعلينا أن نتعامل مع المشكلة بشموليتها لأن التعامل مع قضايا الإرهاب مع كل حالة على حدة غير كاف".
وأضاف إن " الإرهاب يمسنا جميعا.. وعلينا مواجهته سويا دون انتظار أن ينتقل إلى حدودنا ".
وفيما يتعلق بأزمة سوريا، دعا السيسي إلى " الحل السلمي للنزاع والحفاظ على سلامة الأراضي السورية والتحذير من إنهيار مؤسسات الدولة "، مضيفا أن " إعادة بناء سوريا سيتطلب مئات مليارات الدولارات، وأنه على غرار ليبيا لا يمكن ترك المجموعات الإرهابية تتوسع هناك لما يمثله ذلك من تهديد لكل المنطقة".