人民网 2022:09:23.14:26:23
الأخبار الأخيرة
الصفحة الرئيسية >> العالم العربي
أخبار ساخنة

أخبار بصور

ملفات خاصة

الاضطرابات في مصر 2011: الاختراق الأيديولوجي يرسي الأساس للاضطراب

2022:09:23.14:25    حجم الخط    اطبع

بقلم/ تيان وين لين، أستاذ بكلية العلاقات الدولية، جامعة الشعب الصينية

لا يخفى على أحد أن الحضارة المصرية هي إحدى أهم الحضارات البشرية وأكثرها تأثيراً في التراث الإنساني، ومن الدول الرائدة في العالم العربي، جعل منها مطمع للغزاة والطامعين والمحتلين عبر تاريخها الطويل. وقد حاولت الولايات المتحدة دفع مصر لاتخاذ ما يسمى بمسار ّ الدمقرطة" من أجل تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في السيطرة على منطقة الشرق الأوسط. وشهدت مصر اندلاعا لاحتجاجات واسعة النطاق مناهضة للحكومة في 25 يناير عام 2011، والتي أدت بعد ثمانية عشر يوماً إلى الإطاحة بنظام حسني مبارك. وما كان يبدو على الاضطرابات والاحتجاجات بأنها اضطرابات سياسية غير منظمة وخالية من البرامج وبلا قيادة، لكن في الواقع، كشف كتاب "الجانب الخفي من الثورات العربية" للباحث الفرنسي ايريك دينيسي وآخرون، عن أن ظل" الثورة الملونة " التي حرضت عليها الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى يمكن رؤيته في كل مكان.

أولاً، استخدمت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة وسائل مختلفة للتسلل أيديولوجيًا إلى المجتمع المصري. وتخدم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والهيئة الوطنية للديمقراطية، وما إلى ذلك، المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، ووفقًا لأوامر حكومة الولايات المتحدة، فإنهم يواصلون التسلل وتخريب مصر من خلال توفير الأموال لدعم الأفراد والجماعات الأمريكية. وتشير الإحصاءات إلى أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تنفق حوالي 20 مليون دولار سنويًا في الترويج لـ "دمقرطة" مصر. وفي أوائل التسعينيات، ركز جزء كبير من هذه المساعدة في مجالات سيادة القانون والمجتمع المدني. وفي أواخر التسعينيات، ركزت على تمويل مؤسسات الفكر والرأي ووسائل الإعلام.

نفذت الحكومة الأمريكية "مبادرة الشراكة الشرق أوسطية" بعد حادثة "9.11”، لتسريع عملية "الدمقرطة" في الشرق الأوسط، بزيادة مبلغ التمويل السنوي من 500 مليون دولار عام 2000 إلى 2 مليار دولار عام 2005. وتعتبر مصر أحد الأهداف الرئيسية لـ " التحول الديمقراطي" للولايات المتحدة. وإن التمويل الغربي لبعض الموظفين الحكوميين والعسكريين والباحثين، جعل هؤلاء يقبلون بشكل نشط أو سلبي الآراء والاقتراحات الغربية وينشرونها. ولقد أدى هذا التسلل الأيديولوجي الخفي طويل المدى إلى تآكل البنية الاجتماعية التقليدية في مصر وسيكولوجية الناس، ومهد أخيرًا الطريق للاضطرابات السياسية في مصر في عام 2011.

ثانياً، تطور الولايات المتحدة منظمات غير حكومية وعملاء محليين في مصر ليكونوا بمثابة "طليعة الثورة الملونة". حيث استمر عدد المنظمات غير الحكومية المصرية في الزيادة، مع الدعم طويل الأمد من القوى الخارجية مثل الولايات المتحدة. وتشير الإحصائيات إلى وجود 3195 منظمة غير حكومية في مصر عام 1960، و7593 عام 1976، و12832 عام 1990، و26295 عام 2008. ودأبت بعض المنظمات غير الحكومية منذ فترة طويلة على الترويج لنظرية ما يسمى بـ "الديمقراطية على النمط الغربي". وبدا أن العديد من المنظمات غير الحكومية تقاتل بعضها البعض خلال الاضطرابات التي شهدتها مصر في عام 2011، ولكن في الواقع، أظهرت أساليب عملها خصائص تخطيطية وتنظيمية قوية، بما في ذلك نشر الشعارات والرسوم المتحركة والأيقونات والأعلام والملصقات ونشر المقالات والخطب الساخرة، وتنظيم الاحتجاجات وتحدي سلطة الشرطة وطمس الميول السياسية وما إلى ذلك. من بينها، كان أداء منظمتين غير حكوميتين أبرز، إحداها هي "الحركة الوطنية للتغيير" (المعروفة أيضًا باسم "كفاية")، والتي تشبه بعض المنظمات المناهضة للحكومة في بلدان أخرى اسما وشعارا. على سبيل المثال، في "ثورة الورود" في جورجيا عام 2003، درب الصندوق الوطني للديمقراطية مجموعة مناهضة للحكومة تسمى كمارا، والتي تعني أيضًا "كفى". ومنظمة غير حكومية أخرى هي "حركة شباب 6 أبريل"، هي حركة سياسية مصرية معارضة، التي دعت وزارة الخارجية الامريكية قادتها الشباب للمشاركة في اجتماع "تحالف الشباب الرياضي" الذي انعقد في ديسمبر 2008. وفي صيف 2009، كان المتحدث باسم الحركة محمد عادل، متدربًا في مركز العمل والاستراتيجية اللاعنفية (التطبيقية) مع 14 ناشطًا مصريًا وجزائريًا. واعترف علنًا بالحادث في الفيلم الوثائقي، قائلاً إنه بعد فترة تدريب، كان على دراية بتقنيات تنظيم الحشود وكيفية التعامل مع الشرطة. كما وعد قادة "حركة شباب 6 أبريل" الأمريكيين بـ "إسقاط النظام" قبل انتخابات 2011 المصرية.

بعد اضطرابات عام 2011، زادت الولايات المتحدة بشكل كبير تمويلها للمنظمات غير الحكومية. وتشير الإحصاءات إلى أنه في الفترة من مارس إلى يونيو 2011، تلقت المنظمات غير الحكومية في مصر ما مجموعه 175 مليون دولار أمريكي من التمويل، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف إجمالي التمويل السابق من الولايات المتحدة. وفي ضوء حقيقة تورط هذه المنظمات غير الحكومية في الاضطرابات في مصر، اعتقلت الحكومة المصرية في فبراير 2012، 43 من أعضاء المنظمات غير الحكومية، من بينهم 19 أمريكيًا، وسلمتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم. كما يُظهر هذا أن هذه المنظمات غير الحكومية منخرطة بعمق في الاضطرابات في مصر.

ثالثاً، ساهمت الدول الغربية في الاضطرابات السياسية في مصر بمساعدة تكنولوجيا الشبكات. في وقت مبكر من عام 2008، أجرت مؤسسة " راند" الأمريكية دراسة حول "التحول الديمقراطي" في مصر، واقترحت أن تشجع الحكومة الأمريكية المنظمات غير الحكومية على توفير التدريب لـ "الإصلاحيين" المصريين لمساعدتهم على اكتساب واستخدام تكنولوجيا المعلومات، خاصة للاستثمار في تطوير تقنية إخفاء الهوية عبر الإنترنت للهروب من المراقبة الحكومية. على سبيل المثال، بعد الاضطرابات في عام 2011، زودت الدول الغربية المتظاهرين بتقنية " تور"، وهي تقنية التوجيه البَصَلِيّ، التي يمكنها الاتصال بالإنترنت دون ترك أي أثر. ويمكن لهذا النوع من الخوادم تشفير جميع المعلومات، ويمكن للمستخدمين التصفح دون الكشف عن هويتهم. كما تم توفيره مجانًا لشعوب دول الشرق الأوسط بعد إطلاق المشروع من قبل شركة أمريكية. ولضمان بقاء النشطاء المصريين على اتصال بالعالم الخارجي عند انقطاع الإنترنت، أطلقت شركات الإنترنت الأمريكية بسرعة تطبيقًا يسمى "Speak2Tweet”، ويتيح التطبيق للمستخدمين الاتصال مجانًا وتحميل الرسائل الصوتية، والتي يتم تحويلها تلقائيًا إلى تغريدات ثم إرسالها إلى الإنترنت. لذلك، يشير البعض أيضًا إلى "الربيع العربي" على أنه "ثورة بلمسة لوحة مفاتيح".

"الثورات الملونة" هي الوسيلة المعتادة التي تحقق بها الولايات المتحدة الأهداف الجيوسياسية والاقتصادية. وهي تهدف إلى تعزيز تغيير النظام المناهض للغرب، وتكثف المواجهة بين الحكومة والشعب من خلال تأجيج النيران باستمرار، وحتى إراقة الدماء، وإن ممارسة الضغط على الحكومة، وتخريب النظام في نهاية المطاف، ودمج البلد المستهدف في الخريطة السياسية والاقتصادية الغربية، والخضوع للنظام السياسي والاقتصادي العالمي والنظام الأمني الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، هو في جوهره الحفاظ على هيمنة " الثالوث العسكري -الاقتصادي -الأيديولوجي "للولايات المتحدة.

وبالإضافة إلى الاضطرابات في مصر، روجت الولايات المتحدة لـ "الربيع العربي" و"الثورات الملونة" في غرب آسيا وشمال إفريقيا حوالي عام 2011، وحدثت الاضطرابات في اليمن والأردن وسوريا وليبيا ودول أخرى واحدة تلو الأخرى. ويشهد العالم العربي الآن، غارقا في الحرب والاضطرابات الاجتماعية والركود الاقتصادي، ويعاني السكان المحليون بشكل كبير.

وقد أدت الاضطرابات في مصر إلى التفتيت السريع للسلطة وحتى "فراغ السلطة" في المجتمع المصري. وظهر فجأة، ما يقرب من 400 حزب سياسي، وشارك أكثر من 6700 مرشح في انتخابات مجلس النواب. وتواصلت الخلافات بين الأطراف الواحد تلو الآخر، واشتدت الخلافات السياسية الداخلية، وتدهور الوضع الأمني، وانتشار قوى الإرهاب. وشهدت فترة تولي الرئيس محمد مرسي السلطة أكثر من 7400 احتجاج شعبي في مصر في العام الواحد، أي ما يعادل 20 إلى 30 احتجاجًا في اليوم. وساء الاقتصاد المصري الهش بالفعل، حيث انخفض النقد الأجنبي والإيرادات المالية بشكل كبير. كما تغيرت أيضًا العديد من مناطق الجذب السياحي الشهيرة التي كانت مزدحمة بالسائحين الى مهجورة. ويقول بعض المحللين إن الاضطرابات أعاقت التنمية الاقتصادية للبلاد بما لا يقل عن 15-20 سنة.

قال سعيد أستاذ بجامعة القاهرة في مصر: "الثورة تعني التغيير، لكن المتغيرات في العالم العربي مدمرة، وهذه التغييرات خلقت أعداء جدد لدول المنطقة: الإرهاب والانفصالية. "

الكلمات الرئيسية

الصينالحزب الشيوعي الصينيشي جين بينغالصين والدول العربيةصحيفة الشعب اليوميةالثقافة الصينيةكونغفوشيوسالعلاقات الدولية كونغفوالأزمة السوريةقضية فلسطينالمسلمون الصينيونالإسلام في الصين

الصور

السياحة في الصين

الموضوعات المختارة

المعلومات المفيدة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×