على هامش جلسة نقاش مع ممثلي اللجنة الوطنية للعلاقات الأمريكية الصينية ومجلس الأعمال الأمريكي الصيني، وغرفة التجارة الأمريكية في نيويورك، قام عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية وانغ يي بشرح "5 تأكيدات" تتعلق بالصين: أولاً ، تأكيد يتعلّق بآفاق التنمية الصينية؛ ثانيا، تأكيد يتعلق بتصميم الصين على الإصلاح والانفتاح واضح؛ ثالثا، تأكيد يتعلق بسياسة الصين تجاه الولايات المتحدة؛ رابعا، تأكيد يتعلق بمواصلة الصين تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين؛ خامسا، تأكيد حول رغبة الصين في إجراء تنسيق متعدد الأطراف مع الولايات المتحدة.
تعيش آفاق العلاقات الصينية الأمريكية في الوقت الحالي مرحلة من ضعف اليقين والغموض. وهذا مرتبط أساسا بسوء تقدير الولايات المتحدة للعلاقات الصينية الأمريكية وسوء فهمها للتنمية الصينية. حيث تحصر الولايات المتحدة فهما للعلاقات الصينية الأمريكية في إطار المنافسة الاستراتيجية، وتعتبر الصين منافستها الرئيسية وأخطر تحد طويل الأجل. ومن الواضح أن هذه القراءة الخاطئة وسوء التقدير لن يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات، والإنحراف بالعلاقات الصينية الأمريكية إلى مسار المواجهة والصراع، وتعريض العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى المزيد من الضغوط. وهومايستدعي من الولايات المتحدة التخلي عن سوء التقدير والعمل على فهم "التأكيدات الصينية".
يتسم الاقتصاد الصيني بمرونة عالية، ويتمتع بإمكانياته كبيرة وهامشا واسعا للمناورة، كما أن مؤشراته الجيدة لن تتغير على المدى الطويل. وفي هذا الصدد أصدر المكتب الوطني للإحصاء في الصين مؤخرًا تقريرًا إحصائيا، أوضح بأن متوسط مساهمة الصين في النمو الاقتصادي العالمي في الفترة من 2013 إلى 2021 ، قد تجاوز 30٪، لتحتل المرتبة الأولى عالميا. وبصفتها أكبر دولة نامية ستوفر التنمية الصينية المزيد من الأسواق وفرص التنمية لمختلف بلدان العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وعلى مدار الأربعين عامًا الماضية، مضت الصين على طريق الإصلاح والانفتاح دون هوادة، رغم تغير العصور والأوضاع. في الوقت الحاضر، تعمل الصين على تشكيل نمط جديد من الانفتاح الشامل ومتعدد المستويات وواسع النطاق. ويمثل معرض شنغهاي الدولي للاستيراد، ومعرض بكين الدولي لتجارة الخدمات، ومعرض قوانغتشو ومعرض هاينان للاستهلاك، منصّات صينية مهمة لتحقيق الربح المتبادل مع دول العالم. كما نفذت الصين قائمة سلبية للوصول إلى الاستثمار الأجنبي، ودفعت ببناء مناطق التجارة الحرّة وميناء هاينان للتجارة الحرة، بما يتماشى مع القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية عالية المستوى، وعززت الانفتاح المؤسسي. كما أبرمت الصين اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة مع العديد من الدول، وأطلقت المفاوضات حول اتفاقيات التجارة الحرة عالية المستوى.
وعلى صعيد العلاقات الصينية الأمريكية، يصادف العام الذكرى الخمسين لزيارة الرئيس الأمريكي نيكسون للصين وإصدار بيان شنغهاي. في الأثناء، حافظت الصين على سياسات مستقرة تجاه الولايات المتحدة. وأكّد الرئيس شي جين بينغ على ضرورة احترام البلدين لبعضهما البعض، والتعايش السلمي ، والتعاون من أجل تحقيق نتائج مفيدة للجميع. وهذا ليس نتيجة لتراكم 50 عامًا من العلاقات الصينية الأمريكية، ولكن أيضًا المبدأ الأساسي الذي يجب أن تتقيد به العلاقات بين البلدين خلال المراحل القادمة. ويجب على الجانب الأمريكي العودة إلى سياساته العقلانية والبراغماتية تجاه الصين، وإلى المسار الصحيح الذي حددته البيانات المشتركة الصينية الأمريكية الثلاثة، والحفاظ على الأسس السياسية للعلاقات الصينية الأمريكية.
تعتبر الصين والولايات المتحدة أكبر اقتصادين عالميين، وطبيعة العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما مبنية على المنفعة المتبادلة والربح المشترك. ومن جهتها، تحافظ الصين على موقفها الثابت من تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وتدعو الصين إلى عدم تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية، وترحب بدخول الشركات الأمريكية سوقها. وتلتزم بتوفير بيئة أعمال موجهة نحو السوق ودولية وقائمة على القانون. وخير مثال على ذلك،هو معمل شركة تيسلا بشنغهاي، والذي شهد قبل أيام خروج السيارة المليون من خطوط الإنتاج. حيث تمكن مصنع تيسلا في شنغهاي من تصنيع مليون سيارة خلال أقل 3 سنوات وفي ظل الوباء. وخلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، بلغت القيمة الإجمالية للتجارة الصينية الأمريكية 3.35 تريليون يوان، بزيادة قدرها 10.1٪. وتعتقد العديد من الشركات الأمريكية أن الحفاظ على المنافسة داخل السوق الصينية أمر ضروري للمحافظة على تنافسيتها العالمية.
يمكن أن يصبح التعاون بين الصين والولايات المتحدة حجر استقرار العالم ودعامة السلام العالمي. وعلى هذا الصعيد، تبدي الصين استعدادها لإجراء تنسيق متعدد الأطراف مع الولايات المتحدة. وتدعو إلى إدارة الخلافات بين البلدين بأكثر حكمة، والحفاظ على التواصل بشأن القضايا الرئيسية، مثل التنسيق في سياسات الاقتصاد الكلي، والحفاظ على استقرار الصناعة العالمية وسلاسل التوريد، وضمان أمن الطاقة والغذاء العالمي، وتحمل المسؤوليات الدولية المنوطة بالدول الكبرى. بما يقود العالم نحو التعامل بفعالية مع مختلف الأزمات الراهنة. وقد أثبت التاريخ وسيظل يثبت أن التعاون الصيني الأمريكي يمكن أن يحقق العديد من الأشياء العظيمة التي تعود بالفائدة على البلدين والعالم.
من الطبيعي أن تكون بين الصين والولايات المتحدة وجهات نظر مختلفة حول بعض القضايا، ويبقى المفتاح الرئيسي هو كيفية إدارة هذه الخلافات. ويجب على جانب تعميق فهمه للتوجهات الاستراتيجية ومسارات التنمية للجانب المقابل، وزيادة التفاهم وتقليل التباعد، وتعزيز الثقة وخفض الشكوك. بما يقف حائلا أمام سوء الفهم الاستراتيجي وسوء التقدير، ويوجد طريقا مناسبا للتعايش السلمي بين قوتين رئيسيتين، لديهما اختلافات على مستوى النظام الإجتماعي والتاريخ والثقافة.